المصالح الأردنية في اللاجئين والحدود

طيلة فترة الصراع في سورية، لم تخرج طلقة واحدة من القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي على الجيش السوري، وكان الأردن منذ بداية الأزمة الأكثر احترافية ودقة؛ أمنيا وعسكريا ودبلوماسيا في تقييم الأزمة وأسبابها وتداعياتها الممتدة والمتشعبة، بالإضافة لاقتراح أفضل الطرق لحلها، مصرا أن إنهاء الأزمة السورية لا يمكن أن يكون عسكريا. تحمل الأردن تكلفة موقفه البراغماتي أثناء سنيّ الأزمة، ولكن وبعد أن تبين حكمة موقفه واحترافيته وعمقه، بدأ كثير من الدول الاقتراب من ذلك الموقف والتحول باتجاهه، وأصبح الجميع يرددون ضرورات الحل السياسي حتى أولئك الذين راهنوا أن نهاية الأزمة لن تستغرق أكثر من أسابيع أو أشهر. وبناء عليه، يترتب على سورية في المرحلة القادمة خطوات ومبادرات دبلوماسية وخطاب سياسي يتحدث مع العالم والإقليم ويريحه، ويتوقف عن الحديث مع ذاته مؤلبا الغير ضده كما في السابق. ويبرز الأردن كأحد أهم الدول لمستقبل سورية بتشابك للمصالح؛ أمني واقتصادي حيوي كبير. سورية معنية بتعزيز المنحى الإيجابي للعلاقات مع الأردن، والبناء عليه، وتعميق التعاون الثنائي في الملفات المتشابكة، وتبني خطاب سياسي علني ومباشر غير منقول من خلال وسطاء تؤكد فيه سورية الرغبة بالمضي بتطوير العلاقات. زيارة الوفد النيابي الأردني كانت مبادرة مهمة ومفصلية لـ"ترطيب" العلاقات، ولكن هذه البداية لا بد أن تتبع بخطوات تنفيذية لبناء الثقة واستعادتها، وبخطاب سياسي سوري إيجابي يراعي ظروف المرحلة واحترام المصالح المشتركة. من بين عديد من ملفات المصالح الثنائية بين الأردن وسورية، تبرز قضيتان ملحتان هما أمن الحدود واللاجئين بتفرعاتهما كافة، وهي محاور أمنية مصيرية لا بد من تأسيس آليات تواصل فعالة وفهم مشترك حولها، بما يعزز زيادة الثقة المتبادلة على المستوى المؤسساتي بين الأردن وسورية. الأردن معني بسيطرة الجيش العربي السوري على كامل حدوده الجنوبية بفعالية، وبما يدعم ويعظم أمن الحدود المشتركة، ويقضي على أي تنظيمات إرهابية ويحيد المليشيات المعادية. التنسيق يجب أن يكون يوميا وميدانيا بين الموسسات ذات العلاقة من الطرفين، خصوصا على المستوى الأمني والعسكري بعد أن ثبت الاحترام العسكري الرفيع المتبادل على مدى سنيّ الأزمة. وفي ملف اللاجئين فمصلحة الأردن وواجب سورية بعودتهم لوطنهم وبلداتهم التي هجروها طلبا للأمن والعيش الكريم، وقد أغاثهم الأردن واستأمنهم في ملحمة إنسانية سيذكرها التاريخ بأنصع صفحاته. استهداف اللاجئين بعد عودتهم واعتقالهم والتضييق عليهم سيخيف آخرين من العودة الطوعية، وهذا يعني مزيدا من الاستنزاف لموارد الأردن باستضافته اللاجئين على أرضه، ولهذا فهو مضاد تماما لمصالح الأردن الحيوية. تقاسم الأردنيون الماء والغرف الصفية والبنية التحتية وغيرها مع أشقائهم من اللاجئين السوريين ولا منة عليهم بذلك، بل فخر لكل أردني استقبلهم وآواهم. لكن أما وقد استعادت سورية أمنها ولو نسبيا، فالأصل عودة السوريين لوطنهم، ولا بد لسورية الرسمية أن تسهل ذلك وتدرك أهميته للأردن وانعكاسه على كافة الملفات الثنائية بين البلدين.اضافة اعلان