المطلوب من مدراء السياسة النقدية، تماشيا مع أفضل الممارسات العالمية ولكي لا يدخل الاقتصاد الاردني في أزمة اقتصادية من صنع محلي، تخفيض سعر الفائدة على الدينار بنسبة مجزية وتحفيز البنوك على تقبل هذا الخفض وتمريره للمستهلك والمستثمر، وإلا فسندخل في مرحلة ركود اقتصادي لا تحمد عقباه.
الفارق بين سعر الفائدة على الدينار والفائدة على الدولار يقارب 4%، وهذا أكثر بكثير من فارق 2%، الذي اعتمده البنك المركزي منذ سنين للمحافظة على سعر صرف الدينار.
فحين بدأ محافظ الاحتياطي الفدرالي الأميركي آنذاك، آلان جرينسبان، برفع سعر الفائدة من 2.25% في منتصف 2004 الى 6.25% في منتصف 2006، قابل البنك المركزي في الأردن هذه الارتفاعات المتتابعة نقطة بنقطة، وأبقى على سعر الفائدة في الأردن على مستوى أعلى من سعر الفائدة لدى الاحتياطي الفدرالي الأميركي بـ2%، ورفض البنك المركزي لدينا أن يتراجع عن هذا الفارق ولو بنصف نقطة بداعي أننا نريد أن نحافظ على الفارق بين سعر الفائدة على الدينار والدولار لنبقي على استقرار سعر صرف الدينار.
لم نهتم بتصرف البنك المركزي آنذاك لأن السيولة والتدفقات النقدية كانتا كبيرتين وبحجم لا يهمنا معه ما كان يفعله البنك المركزي بالنسبة لسعر الفائدة.
ولكن حين بدأت بوادر التراجع في الاقتصاد الاميركي، في منتصف عام 2006، بدأ الاحتياطي الفدرالي بتخفيض سعر الفائدة لديه فخفضها من 6.25% في خطوات متتابعة الى 0.5% حاليا. ولم نتبعه نحن في هذه الخطوات مع أن معدلات النمو لدينا كانت قد بدأت في الانخفاض فعلا، بل خفض البنك المركزي الفائدة بـ 0.75% مرة واحدة فقط وقام بذلك قبل شهور معدودة. لماذا؟ ألا نريد أن نحافظ على سعر الصرف ام أننا نريد رفع سعر الدينار من خلال فائدة على الدينار أكبر بكثير من تلك على الدولار؟ هل سيؤدي هذا التصرف الى أن يتخلى المودعون في العالم أجمع عن عملاتهم ويشتروا الدينار بالمقابل؟ نعم، لقد حافظنا على سعر الدينار وبتفوق (طبعا ساعدنا في ذلك فقدان الدولار لأهميته عالميا وتراجعه أمام عملات العالم الرئيسية).
هل يريد البنك المركزي أن يزيد من احتياطي الأردن من العملات الاجنبية فقط؟ على الرغم من ان مهمته تتضمن “المحافظة على الاستقرار النقدي وضمان قابلية تحويل الدينار الأردني في ظل هيكل أسعار فائدة متوافق مع حجم النشاط الاقتصادي”.
لقد نجح البنك المركزي فعلا في رفع الاحتياطي حتى بعد سداد الدين لنادي باريس العام الماضي ليصل احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية الى 5.5 بليون دينار أي ما يقارب 8 شهور من الواردات، وهو أكثر بكثير من المطلوب.
لماذا لم تتبعنا في هذا التصرف دول العالم الأخرى؟ ربما لأن زيادة الاحتياطي من العملات الأجنبية لا يجب أن تكون على حساب النشاط الاقتصادي. فلقد تراجع معدل النمو الاقتصادي في الأردن من 8.7% في 2004 الى 6.2% في عام 2007، ويتوقع مثل ذلك لعام 2008. كما أن أسعار الاسهم تراجعت في العام الماضي فقط بنسبة 25%، وما تزال تتراجع.
ماذا بشأن “هيكل أسعار فائدة متوافق مع حجم النشاط الاقتصادي” وهو جزء من رسالة البنك المركزي؟ فبالنسبة لأسعار الفوائد فنجد أن متوسط فوائد الاقراض هو 9.31%، بينما متوسط الفائدة على الوديعة لأجل لا يتعدى 5.66%، أي بفارق 4.65% لصالح البنوك. كما أن البنوك تستطيع أن تقرض أموال المودعين لديها من القطاع الخاص للقطاع العام بمتوسط فائدة على شهادات الايداع 5.94%، أي بمعدل ربح 0.28% على قروضها للحكومة. وبذلك فإن البنوك حين تقرض للحكومة لا تربح أكثر ولكنها ترتاح من تكاليف تشغيلية كثيرة وبخاصة كلف الموظفين فتحصل على أرباح أسهل.
ولماذا لا يستطيع البنك المركزي وهو المنظم للقطاع المصرفي أن يطلب من البنوك أن ترفع سقوف الاقراض، أو أن يعود البنك بمعدل الاحتياطي الاجباري لدى البنوك الى 8% بدلا من 9% كما هو حاليا. كم من الشركات ستفلس قبل أن نفعّل السياسة النقدية؟ أرجو ان لا تفلس إحداها وأن نعود بالاقتصاد الى معدلات نمو 2004 و2005 وهي معدلات ممكنة وفي متناولنا، ولكن هل سيتحرك البنك المركزي ليضع “هيكل أسعار فائدة متوافقا مع حجم النشاط الاقتصادي”؟
إذا انهار تجار العقار.. انهار الإقتصاد
لا اعفي أحدا من الشركات من مسؤولياتها، سواء ما يتعلق بأخطاء إدارية أو بعض المبالغات في تأسيس الشركات وتفريخها، إضافة إلى أخطاء استثمارية، وتجاهل لأهمية إدارة المخاطر والتي تعتبر من أهم الإدارات المكونة للمؤسسات الاستثمارية أو البنوك، إضافة إلى التدقيق الداخلي، لكن يبدو إن أحدا لا يكترث بذلك كثيرا. ولكن التجار ورجال الأعمال هم وطنيون يرون مصلحة البلد في مشاريعهم ويسعون للتنمية. وباعتقادي ربما هناك نوع من الترهل وعدم الاكتراث في التعاطي مع الأزمة.
لكن حتما هناك أزمة عقار تلوح في الأفق، ففي السابق كانت عندما تتراجع البورصة ترتفع العقارات تلقائيا، وهذا لم يحدث في هذه الأزمة.
واعتقد انه يفترض إن لا تكون هناك أزمة إذا ما طرحت الحكومة خطة تنموية حقيقية بدأتها بحل الأمور العالقة مثل أزمة البورصات وخففت على الناس ويسرت تعويضهم بسرعة من الأموال المحصلة، وان كانت هناك من أزمة متفاقمة، فهي ستكون من فعلنا لعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة بالسرعة اللازمة.
. فالعقار لم يعد كما كان قطاعا آمنا ومغريا، فلا احد يتجه إليه في ظل الأزمة ولا توجد أسعار واضحة ومعلنة. نعم حدثت طفرة هائلة وتنمية غير مسبوقة قادها القطاع الخاص، لكن الأمور تغيرت حاليا لذلك يجب الإسراع لعدم تفاقم أزمة العقار.
طلبات وشروط البنك المركزي كانت أرغمت البنوك على التشدد وخاصة تجاه المصارف التي تتبع التمويل بالمرابحة والتأجير التمويلي حيث اشترطت أن لا تزيد نسبة التمويل عن 20% من أجمالي التسهيلات الإتمانية القائمة وعللت ذلك بأن هذا المعدل لكافة المصارف مازال دون هذا السقف "أي نسبة 20%" وذلك بدون مراعاة بأن هنالك مصارف لا تقوم أصلا بطرح مثل هذا التمويل كخدمة . الآن لم تعد هذه المشكلة. فالأزمة تشعبت.
نعم ارتفعت نسبة الهامش بين أسعار الفائدة على الدينار ونظيرتها على الدولار بمقدار لا يقل عن 4% لصالح الدينار، علما انه في ظل هذه الظروف يجب إن يتعاون الجميع، فبدلا من المغالاة في الفائدة يفترض بالبنوك إن تحصل على شيء معقول، فالجميع متورط والوضع غير طبيعي. في ظل الظروف والأوضاع الحالية الفائدة مرتفعة جدا، خصوصا إن العالم متجه إلى فائدة الصفرية، فإذ لم يكن هناك إقراض كيف ستعمل الشركات والأفراد؟
أؤيد الجدولة ومراعاة الوضع الحالي للمقترضين وتكمن المعالجة بتخفيض الفائدة ومعالجة التعثر وأي حلول مساعدة أخرى .
قطعاً ما حدث من تداعيات ما كان يجب إن يحدث من الأساس. فلو تحركت الحكومة والبنك المركزي بشكل ايجابي وبالإجراءات الصحيحة وفي الوقت المناسب تجاه الأزمة، لما تفاقمت بهذا الشكل، فالحلول ممكنة ولا يوجد هناك مستحيل.
في اعتقادي لن يصح إلا الصحيح، فما يحدث من مزايدات وغيرها ، وليست نظرة إلى مصلحة البلد، البعض يقول الأزمة تخص التجار والمستثمرين في قطاع العقار والأسهم، ويجب عدم دعم التجار، وهذه النظرة غير صحيحة، لان الأمر مرتبط باقتصاد ومصير دولة، فإذا انهار التجار وخاصة في سوق العقار أو التجارة انهار البلد لا سمح الله، ولنا في تاريخ الأردن عبرة، فعلامَ كانت تعتمد الأردن ؟ فأساس البلد تجارة العقار.
Poor state of economic intelligence
The monetary authorities are also much more savvy in the US today. Whereas Galbraith berates the Federal Reserve of the Twenties and Thirties for keeping interest rates high to keep the dollar on the gold standard, as a way of keeping inflation under control, today's Fed, under Ben Bernanke – a respected scholar and author on the Great Depression himself – has been spraying money into the financial system and cut interest rates repeatedly. Until Wednesday's co-ordinated cuts, the European Central Bank, with its inflation-only mandate, might have been open to Galbraith's criticism of inflation hawks of the Depression ("They were serving only as the custodians of bad memories"). Not today. For all the parallels, it is different this time.
اقتصادنا والاقتصاد الأميريكي
عزيزي د. منصور، اسمح لي بأن أذكرك بالفروقات الجذرية بين اقتصاد أميريكا الكبير مقارنة باقتصادنا المتواضع كمّا لا نوعاً!!
فبينما لم تنجح الأدوات المالية المتاحة للفيدرالي المركزي ومنها تخفيض الفائدة وانفاق بلايين الدولارات لسبب جوهري هو ضخامة حجم الاقتصاد وتشعبه واعتماده الكبير على تلبيس سندات الخزانة للعديد من الدول ذات الفائض التجاري، والقصة طويلة كما تعلم.
أما في أردننا الغالي، وما عليك زود، فان فان اقتصادنا أيضا لا يتأثر كثيرا بفروقات أسعار الفائدة لاسباب أهمها ثقافة الادخار لدى التاجر ووجود الاحتياطيات المالية لدى الشركات المساهمة العامة مما تعطي قطاع الاعمال نفسا أطول في التعامل مع تراجع النشاط الاقتصادي العالمي. بالاضافة لذلك، اذا نظرنا الى الاقتصاد الجزئي نجد أن المنظومة الاجتماعية المترابطة في الاردن، عشائريا واسريا، توفر الدعم اللازم لتخطي الازمات المرحلية لاصحاب الاعمال الصغيرة والمتوسطة ان لم يتوفر لديها الخميرة النفدية.
أما التدخل المباشر، فلم تقصر الحكومات في الدعم آخرها كان ٢٠٠ مليون دينار لدعم قطاع العقار.
قد ينقذ تخفيض الفائدة بعض الاعمال ولكن في المقابل ستخسر الحكومة جزئا من قدرتها على الانفاق وقد يخسر العديد من موظفي البنوك وظئفهم اذا ما انخفضت أرباح البنوك، وهنا هل لنا أن نتخيل وضع اقتصادنا؟؟
وبالنسبة للدينار الأردني، وان ارتبط صرفه بالدولار الاميريكي، فان قوته مستمدة من اعتزازنا وحبنا للوطن وإيماننا بقيادتنا ومستقبل بلدنا.
تحياتي!