المعايطة في حوار مع "الغد": لم نبحث تعديل "الانتخاب".. ولا علاقة لذلك بصفقة القرن - فيديو

موسى المعايطة
موسى المعايطة

هديل غبّون

عمّان- قال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة إن مسودة مشروع نظام المساهمة في دعم الأحزاب السياسية لسنة 2019، ليست تفصيلا أردنيا، مشيرا الى أن كل أنظمة التمويل في العالم مشروطة بالمشاركة في الانتخابات.
وأكد أن نظام الانتخاب النسبي المطبق حاليا يجب أن يستمر وهو مهما من أجل تطوير العمل الحزبي، مجددا الحديث عن وجود توجه رسمي لإجراء تعديلات طفيفة على القانون لم يكشف عنها.
وتحدث المعايطة، في حوار أجرته معه أسرة "الغد" في مقرها، عن إيجابيات مسودة مشروع النظام الذي أكد أنه لا تراجع عنه، والحوار ما يزال مفتوحا بشأنه، لافتا إلى إمكانية مناقشة بعض السقوف المالية المدرجة ضمن الحوافز، فيما رفض الحديث عن أن مسودة النظام هي "إعدام للأحزاب".
ورأى أن استراتيجية الحكومة اليوم، قائمة على مساعدة الأحزاب في بناء تيارات سياسية واسعة ومنظمة، معتبرا أن القضية الأساسية اليوم لم تعد في إجراء تعديلات جذرية على قانون الانتخاب، فيما نفى أن يكون هناك أي تراجع حكومي عن فتح قانون الانتخاب على خلفية الأوضاع الاقليمية أو تداعيات ما يسمى "بصفقة القرن"، قائلا إنه "لا بد أن للأردن صفقته".
وعن احتمالات "اختفاء" أحزاب سياسية على ضوء مسودة النظام الجديد وأن الحكومة تهدف إلى تقليص عدد الأحزاب، شدد المعايطة على أن الهدف هو "خلق أحزاب فاعلة وتيارات سياسية واسعة"، معتقدا أن عدة أحزاب أحزاب سياسية على الأقل في البلاد تستطيع أن تقدم تجارب ناجحة، إذا استثنيا من حديثنا تجربة حزب جبهة العمل الإسلامي، حتى بموجب النظام الجديد بعد إقراره.
وفي ملف الاعتقالات والتوقيفات بين نشطاء ومحتجين ضمن الحراك الشعبي، أكد المعايطة أنه لا يوجد أي توقيف على خلفية "التعبير عن الرأي" وأنه لا يوجد معتقلون سياسيون في البلاد، وأن الحالات التي سجلت تتعلق بتجاوزات للقانون.
وكشف المعايطة في حديثه، عن دراسة أجرتها الوزارة مؤخرا، حول جدوى إقرار عتبة الحسم في الانتخابات النيابية، قائلا إن القياس أظهر أن أغلبية القوائم الانتخابية التي شاركت في الانتخابات الاخيرة ونجحت، حصلت على أكثر من 10 % من الأصوات، وأن أقل تلك القوائم حصلت على 7.5 % من الأصوات، مشيرا إلى أن هذه النتيجة أفضت إلى عدم الحاجة إلى إقرار العتبة على ضوء النظام الانتخابي الحالي.
ورجح المعايطة في سياق متصل، أن تخفيضا سيطرأ على عدد مقاعد مجالس المحافظات (اللامركزية) ، مشيرا إلى أن مسودة مشروع قانون الإدارة المحلية الجديد ستكون جاهزة نهاية الشهر المقبل، كحد أقصى. وفيما يلي نص الحوار:

اضافة اعلان

• الحكومة أحالت مسودة مشروع نظام مساهمة الأحزاب لسنة 2019 الأسبوع الماضي ضمن الخطوات الأخيرة قبل الإقرار، ما الفلسفة التي يقوم عليها النظام الجديد في ظل بعض الردود المتفاجئة، خاصة أن كل أوجه الدعم مشروطة سواء المتعلقة بحوافز المشاركة في الانتخابات أو الدعم الثابت، ومع انتقاد البعض حرمانهم مثلا من اتخاذ موقف من مقاطعة المشاركة؟

  • السؤال الأساسي هنا هل نحن نخترع العجلة؟ عمليا نظام التمويل المالي في كل دول العالم مرتبط حتما بمشاركة الاحزاب في الانتخابات وعدد الأصوات، والفكرة الأساسية للنظام جاءت انطلاقا من مبدأ دعم الحملات الانتخابية للحزب وليس دعم الحزب لتحقيق العدالة والمساواة بين الأحزاب التي لديها إمكانيات ومن ليس لديها إمكانيات. وأتحدى إنْ كان هناك نظام تمويل للأحزاب في العالم ليس مقترنا بالمشاركة بالانتخابات، هذه هي مهمة الحزب الأساسية: تمثيل المجتمع والمصالح المختلفة فيه سواء في البرلمان أو غيره من المجالس المنتخبة من أجل تشكيل حكومات. الحزب بحد ذاته ليس هدفا بل وسيلة لتحقيق ذلك.
    أيضا نحن لم نخترع نظام التمويل، بل بعد مرور 10 سنوات على إقرار نظام للتمويل منذ المرة الأولى والذي قام على الدفعة الواحدة، ازداد عدد الأحزاب السياسية لكن تأثير الفعل السياسي لها لم يتغير. وأي نظام أو قانون يوضع بعد التطبيق العملي تقاس مدى فاعليته وقدرته على تحقيق الأهداف التي وضع من أجلها، لذلك فإن النظام بني على أسس عادلة وناقشنا الأحزاب السياسية في الأسس ولم نفاجئ أحدا، وأخذنا بالعديد من الملاحظات التي وردت من الأحزاب كتحديد فترة انتقالية إلى حين إجراء الانتخابات القادمة، كما طلبوا أن يكون هناك مبالغ مخصصة للمطبوعات والإعلام الحزبي وأدرجنا ذلك، نعم الدعم الأكبر للمشاركة في الانتخابات النيابية وهناك مبالغ أيضا لما بعد النتائج سواء في حال الفوز أو للمقاعد والاصوات، أو للأصوات لمن لم ينجح، لا يوجد أكثر من ذلك عدالة.
    كما نص النظام أيضا على منح مخصصات مالية مرتبطة بالعضوية والاشتراكات للأعضاء، وهنا لا بد من التوضيح أنه ليس مفروضا على الحزب تحصيل اشتراكات من الأعضاء، لكننا أضفناها كحافز إضافي مالي. في الدول المتقدمة ألمانيا وفرنسا، هناك إضافة إلى التمويل المالي اشتراكات، عندما كنت في الحزب الديمقراطي الوحدوي التزمت بدفع اشتراكاتي لأكثر من 30 سنة بمقدار 5 % من دخلي، ومع ذلك أقول ما أدرجناه في النظام ليس الزاميا هنا وهذا اقتراح ورد من بعض الاحزاب.
    وهنا أريد أن أوجه رسالة للمجتمع بأهمية وضرورة الأحزاب السياسية، فالدولة معنية بمشاركة الاحزاب والحصول على مقاعد. لذلك نحن ندعم في هذا الاتجاه، ومن حق أي حزب اتخاذ قراره السياسي، لكن مرة أخرى، نظام المساهمة في دعم الأحزاب للمشاركة في الانتخابات ليس تفصيلا أردنيا، بل مطبق في كل دول العالم.

• الدراسة التي نشرتها "الغد" عن المعهد الهولندي متعدد الديمقراطية للأحزاب مؤخرا، تشير إلى أن هناك أحزابا ستختفي مع وقف التمويل اللامشروط، فهل الحكومة ترمي إلى تقليص عدد الأحزاب فعليا، في وقت شهدنا فيه أيضا "تفريخا للأحزاب" في وقت سابق؟

  • يجب التأكيد مرة أخرى على أن تمويل الأحزاب هو من خزينة الدولة، أي من جيوب المواطنين، ولا بد من توجيهه حسب رغبة المواطن، وهنا الرغبة تعني المشاركة في الانتخابات والتمثيل في البرلمان. الهدف الأساسي، هو وجود أحزاب فاعلة وهذه رؤى ملكية في الأوراق النقاشية، وأن يكون هناك تيارات سياسية رئيسية تعبر عنها مجموعة من الأحزاب في المجتمع، عبر أربعة أو خمسة تيارات. هناك حوافز للاندماج نص عليها النظام، وإن كان البعض يراها قليلة يمكن نقاشها ورفعها، لكن التيارات السياسية هي الاساس، ولا يمكن التكلم عن الحكومة البرلمانية بدون أغلبيات منظمة سياسية سواء أحزاب أو تيارات سياسية، وبالمناسبة كان لدينا قبل إقرار تمويل الاحزاب المالي للمرة الأولى في 2008 نحو 25 حزبا، واليوم لدينا 49 حزبا وهناك نحو 20 حزبا قيد الترخيص.

• لكن من الممكن أن تكون المشاركة في الانتخابات للأحزاب وهمية أو شكلية على ضوء النظام الجديد، وفقط لغايات الحصول على الدعم المشروط بالمشاركة؟ وكيف يمكن التعامل مع جدية الأحزاب السياسية في المشاركة في الانتخابات؟

  • أولا هناك شرط أساسي للمشاركة، يقضي بإلزامية الإعلان عن اسم الحزب في الترشح في القوائم مثلا أو الترشيحات الفردية، التعليمات واضحة في المادة الأولى من المسودة، حيث يشير النص إلى اشتراط مشاركة أعضاء الحزب بنسبة لا تقل عن 5 % من عدد أعضاء مجلس النواب وإثباتهم تغطية 3 دوائر على الأقل مقابل مبلغ محدد (15 ألف دينار) ، يجب أن يكونوا معلنين، والنسبة الثانية المقترحة الحصول على 1.5 % من أصوات المقترعين مقابل مبلغ (10 آلاف دينار) وهي لا تتعلق بالفوز، عدا عن ذلك هناك المخصصات المتعلقة بالفوز بالمقاعد، وهذه كلها أسس أكثر موضوعية من النظام الحالي، وهذه الاموال التي تحصل عليها جراء المشاركة في الانتخابات في السنة الأولى تحصل على القيمة ذاتها سنويا إلى حين إجراء الانتخابات التي تليها وفقا لنص المادة 5/أ من النظام.
    درسنا تجارب عديدة وهناك عشرات الدول تمول الأحزاب حتى الدول العربية. التجربة التونسية مثلا وبذات الطريقة فقط للانتخابات. كما يمكن للأحزاب الحصول على تبرعات بموجب قانون الاحزاب.

• حزب جبهة العمل الإسلامي وصف مسودة النظام بأنها إعدام للحركة الحزبية، ما رأيك؟

  • هذا الكلام غير صحيح وخاطئ، بالعكس هذا يطور الحياة الحزبية ويحقق توازنا داخل المجتمع، بأن لا تقتصر الحياة الحزبية على حزب واحد قوي. هناك أحزاب سياسية عديدة موافقة على هذا النظام ولم تعلن مواقفها للآن، واحتجاج جبهة العمل هو على سقوف الحوافز وليس على النظام ذاته، وأنا أقول هذه إمكانيات الدولة وهناك سقوف أيضا في دول العالم، وهذه السقوف أخذت بعين الاعتبار أن لا تكون أقل من المبالغ السابقة وهي 50 ألف دينار سنويا، يمكن للحزب أن يحصّل ضعف هذا المبلغ.

• وماذا عن العدد الكبير للأحزاب اليوم؟

  • في كل دول العالم هناك عدد كبير من الأحزاب، في تونس مثلا يوجد نحو 200 حزب لكن في البرلمان عددها محدود، وفي بريطانيا هناك أعداد كبيرة لكن الأحزاب البرلمانية معروفة وهي العمال المحافظين وأحيانا الأحرار، هذا لا يلزم الدولة بأي شيء سوى مشاركة الأحزاب في الانتخابات، ولا أستطيع إجبار الاحزاب على الاندماج والاتحاد لكن هناك حوافز، بالإضافة أننا كدولة معنيون أن يكون هناك تمثيل للأحزاب في البرلمان والبلديات والمجالس المحلية الأخرى.

• لكن الأحزاب التي لن تشارك في الانتخابات ستواجه صعوبة في الاستمرار، وحوافز الاندماج في النظام ليست مشجعة كثيرا؟

  • بموجب النظام تم تأمين حد أدنى من التمويل، والمشاركة في الانتخابات لا تحتاج إلى جهد كبير، وهناك للمطبوعات والإعلام الحزبي، والبعض انتقد أن هناك تمويلا لعقد المؤتمر العام كل سنتين (ألفي دينار) بحسب المادة 4/ د، وانتخاب هيئة قيادية جديدة وهذا ليس إجباريا أيضا، لكنه تشجيع على الممارسات الديمقراطية. لا بد من تشجيع الاحزاب التي تسعى للاندماج وهذه قضية نحتاج لها ولا يمكن أن تترسخ الديمقراطية بدون تعددية عبر التيارات والاحزاب، من يريد أن يحقق رؤية جلالة الملك لا بد أن يعترف بأنه يجب أن يكون هناك أحزاب أو تيارات واسعة وقوية.

• لكن هناك منظومة متكاملة لتعزيز الديمقراطية والتعددية السياسية، من أسسها قانون ونظام انتخابي موائم لذلك، وهل تعتقد أن النظام الحالي للانتخاب يخدم هذه المبادئ؟

  • برأيي الشخصي، في العالم كله النظام النسبي هو لصالح الحياة الحزبية، لأنه يحقق للاحزاب التآلف والعمل سويا، الانتقاد للصوت الواحد كان مرده حرمان الأحزاب من ذلك، وأريد أن أطرح مثالا، أي توجه سياسي يطرح مبادئ سياسية واضحة يحظى باهتمام، وهذا شهدناه في انتخابات البرلمان الثامن عشر في الدائرة الثالثة، حيث عمل أحد التيارات السياسية من الصفر تقريبا وانتخب وحصل على 23 % من أصوات دائرته وكانت الأعلى. الأردنيون انتخبوا هذا التيار لتوجهه السياسي وليس لشخوص محددة، يمكن تحقيق ذلك.

• لكن هذا جرى في الدائرة الثالثة في العاصمة، وليس في الأطراف وفي المحافظات؟

  • نعم، وهناك أمثلة أخرى في المحافظات، الإسلاميون مثلا، وفي الكرك أيضا شهدنا حصول قائمة أيضا على 23 % من الأصوات وحازت على 4 مقاعد، وكان ذلك استنادا إلى توجه سياسي. أعتقد أننا جربنا كل أنظمة الانتخاب، وفي كل دورة يطلب تغيير قانون انتخاب هذه باعتقادي مشكلة، لا بد أن نرسخ العمل الجماعي وليس الفردي، وهذه العملية ليست فقط قانون انتخاب.

• لكن ألا تعتقدون أن النظام النسبي المفتوح في القوائم شجع على المال السياسي، ولم يرسخ الإصلاح النيابي بالمعنى المؤسسي؟

  • لا، فنحن جربنا القائمة المغلقة والصوت الواحد وشهدنا مالا سياسيا، النفوذ السياسي يؤثر في الانتخابات في كل دول العالم وسيبقى تأثيره مهما كانت الأنظمة الانتخابية، لكن نحن معنيون بمحاربة مال الرشوة السياسية. هناك دول يجمع الحزب الأقوى فيها تبرعات اكثر. السبيل الوحيد لمواجهة الرشوة السياسية، وجود أحزاب سياسية تطرح توجهات سياسية تقنع الناس بالتصويت. في كل الانتخابات منذ 1989 حتى اليوم، ألم يكن هناك حزب سياسي يطرح توجها سياسيا في كل انتخابات وينجح!! نحن ذهبنا من الصوت الواحد إلى القائمة النسبية، والقائمة النسبية هي النظام الوحيد الذي جاء على أساس حوار توافقي في لجنة الحوار الوطني.

• لكن أغلب التجارب السياسية الناجحة في الانتخابات للأحزاب، سجلت لتيار الإسلاميين؟

  • لا، هناك تجارب سياسية عديدة ناجحة وهناك تجارب يمكن أن تنجح ربما ليس بذات الحجم، وأنا أعتقد أن هناك عدة أحزاب إذا استثنيا من حديثنا تجربة حزب جبهة العمل الاسلامي، يمكن أن تكون قادرة على الأقل بأن يكون لها دور فعال في الحياة السياسية الحزبية. وأعتقد أيضا أن التوجهات السياسية المختلفة تستطيع أن توحد ذاتها، اليسارية القومية وغيرها ليكون لها دور.

• ضمن خطة الإصلاح السياسي الواردة في خطة النهضة الحكومية، هناك حزمة من التشريعات المدرجة للتعديل، إضافة إلى نظام تمويل الأحزاب، قانون الأحزاب السياسية وقانون الانتخاب واللامركزية؟ للآن موقف الحكومة غير حاسم بالنسبة لقانون الانتخاب وحتى قانون الأحزاب، هل تراجعت عن فتح القانون وإجراء تعديلات عليه، ما هو التوجه؟

  • قانون الأحزاب طرح للنقاش، ولا يوجد قضايا لدينا مشكلة في طرحها للنقاش، وأنا أقول إننا خرجنا من مرحلة الإصلاح السياسي ونتكلم اليوم عن تطوير الديمقراطية وتطوير الحياة السياسية، هناك خطوات كثيرة أنجزت تحت عنوان الاصلاح السياسي منذ الميثاق الوطني ولجنة الحوار الوطني والتعديلات الدستورية وحتى تعديل قانون الانتخاب وإنهاء الصوت الواحد وإقرار القائمة النسبية هذا كله إصلاح. أعتقد أن شكل قانون الأحزاب لا يؤثر على الحياة الحزبية، لأن العملية تنظيمية، والاقتراحات التي وردت في قانون الأحزاب من الأحزاب تتعلق بوجود هيئة مستقلة وتحقيق هذا في الوقت الحاضر ليس مطروحا، لأن إيجاد هيئات مستقلة جديدة لن يغير من الواقع.
    يبقى قانون الانتخاب الذي تطرح القوى السياسية قضيته للتعديل بعد كل موسم انتخابات برلمانية، وهذا يضعف قانون الانتخاب، وبدلا من التفكير بعد الانتخابات الأخيرة في كيفية أن تقوم الأحزاب والافراد الذين يحملون توجهات سياسية بالعمل ضمن هذا الإطار لبناء مستقبل الانتخابات القادمة في إطار عمل جماعي نحو القائمة النسبية، ينتظرون تعديل القانون. ربما تطرأ تعديلات طفيفة على القانون أو إضافات، لا مشكلة ويمكن أن يفتح حوار أيضا لا مشكلة. لكن لحد الآن أؤكد أن الحكومة لم تناقش قانون الانتخاب، لكن مهم جدا أيضا برأيي أن ننظر إلى الهدف الذي يمكن أن يحققه النظام الانتخابي، وإمكانية تحقيق تعددية سياسية تنظيمية يمكن أن تكون في البرلمان، وفي الهيئات التمثيلية الأخرى.

• وما هي طبيعة التعديلات الطفيفة التي تتحدث عنها الحكومة في قانون الانتخاب؟ ومسؤولون في الحكومة تحدثوا تارة عن فتح حوار بشأن القانون وتارة أخرى عن عدم فتح حوار واعتبار أن القانون الحالي هو نتاج حوار وطني؟

  • لم يناقش ذلك للآن في مجلس الوزراء، لكن القضية الأساسية والرسالة الواضحة أن النظام النسبي يجب أن يستمر لقياس نتائجه الفعلية. هناك آراء مختلفة. كما قال دولة الرئيس، هذا القانون هو الوحيد الذي جاء نتيجة توافقات وطنية في لجنة الحوار، ومن ثم قام البرلمان بإجراء حوارات في كل أنحاء المملكة.

• هل يمكن أن تكون الحكومة قد تراجعت عن فتح قانون الانتخاب؟

  • لا لم تتراجع الحكومة، ولكنني قلت ربما نعقد حوارا، لكن القضية الأساسية اليوم ليست قانون الانتخاب، نريد أن ندفع المجتمع للانتخاب وفق أسس سياسية وليس وفق ولاءات جهوية، الثقافة المدنية وترسيخها هي ما نسعى له، وليس لأن الحكومة تراجعت. الحكومة معنية بتطوير الحياة السياسية. علينا أن نقنع المجتمع بالاحزاب وأنها الشكل الوحيد للعمل السياسي أو التيارات أو الكتل، والبديل عن أية عصبيات أخرى، والاحزاب في العالم لديها توجه جديد نحو تيارات سياسية أوسع، لماذا نلقي اللوم دائما على القانون، برأيي أنه ليس القضية الأساسية. ومرة أخرى الموقف أن هذا القانون الحالي هو نتيجة حوار وطني.

• لكن ألم تتأخر الحكومة في مناقشة هذه التحسينات والتعديلات الطفيفة؟

  • طالما أن النظام النسبي قائم، يعني أننا معنا وقت، وحتى الأحزاب السياسية موافقة على النسبية لكن مطالباتهم الاضافية مثلا تتعلق بقائمة وطنية نسبية، مغلقة أو مفتوحة، والكل يتحدث عن التمثيل النسبي سواء على مستوى المحافظة أو على مستوى المملكة. النسبية المغلقة تتطلب أحزابا قوية وتحالفات القوية، والنسبية المفتوحة هي لمساعدة الأحزاب على التحالف.

• وماذا عن موقفكم من أطروحات تخفيض عدد مقاعد مجلس النواب؟ وخفض سن الترشح للبرلمان؟

  • نحن مع دعم الشباب والبرلمان، وخفض سن الترشح يتطلب تعديلات دستورية، واعتمدنا سن 25 عاما في مجالس المحافظات والبلديات والمجالس المحلية، ليس لدي مشكلة في أن يكون سن الترشح للبرلمان 25 عاما، لكن ليست أيضا هذه هي القضية الأساسية برأيي، أريد أن أشير إلى دراسة اجريناها عن الانتخابات النيابية في آخر 4 دورات، تبين أن عدد النواب الذين فازوا بين سن 30-35 عاما لا يتجاوز في حد أقصى 5 أعضاء أو ما نسبته 4 %، لذلك أعتقد أنه لا بد من دعم الشباب للمشاركة في العملية السياسية للترشح في الأساسيات أولا، في البلديات والمجالس المحلية وفي مجالس المحافظات، وهناك شبان شاركوا ونجحوا، عليهم لاحقا أن يتقدموا للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وفي الطفيلة هناك تجربة مهمة جدا. ولا أقول أنه غير مطروح لكن رأيي الشخصي أن خلاصة الدراسة التي أشّرت على نجاح هذه النسبة فقط، تحتاج إلى النظر إليها، وفي المقابل، هناك مشاركة ونجاح أعلى في الأطر التمثيلية الأخرى وهذا يعني أهمية تطوير الشباب لأنفسهم قبل الترشح إلى مجلس النواب.
    أما بالنسبة لعدد مقاعد مجلس النواب الحالي، فهو أيضا ليس القضية الاساسية برأيي الشخصي، هو عدد مناسب، ولا أريد أن أخوض في إشكالات التخفيض من هنا والزيادة هناك، القضية الأساسية بالنسبة للحكومة، كيف يكون العمل البرلماني منظما، وفق كتل وأحزاب وتيارات سياسية، سواء بـ 130 مقعدا أم 100 مقعد لا يهم.

• ا لفكرة طرحت في الوقت الذي استحدثت فيه مجالس المحافظات (اللامركزية)، هل سيكون هناك تخفيض على مقاعد التمثيل فيها؟

  • خلال نهاية الشهر القادم، ستكون مسودة مشروع قانون الادارة المحلية جاهزة، والتجربة نعم أثبتت أن هناك عددا كبيرا من التمثيل في عضوية مجالس اللامركزية وهذا يؤثر على الفاعلية. لكن التوجهات بتخفيض العدد تحتاج إلى حوار ونقاش ما هي الأولويات برأيي الشخصي، وهذا ليس رأي الحكومة.

• لكن النظام النسبي المفتوح لم يوصل كتلا وأغلبيات للبرلمان، والحديث عن العتبة لا يزال هناك مطالبات بوضعها، ما رأيكم؟

  • الحديث عن العتبة جرى بحثه مرارا، وطبقناها على نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة في 2016 ولم تتغير النتيجة، أغلب القوائم التي نجحت حصلت على أكثر من 10 % من الأصوات، باستثناء 5-6 قوائم، وأقل قائمة حصلت على 7.5 % من أصوات المقترعين، لو طبقنا معيار 5 % ما كانت ستتغير النتيجة والعتبة لا تؤثر في عدد المقاعد القليلة، وربما تؤثر في عدد المقاعد الكبيرة في البرلمان. العتبة عادة تستخدم لأغراض سياسية أحيانا، في ألمانيا مثلا وضعت عتبة 5 % لمنع الأحزاب "اليمينية الفاشية" من دخول البرلمان، في جنوب أفريقيا 0 %. العتبة ليست مقدسة ولا تزال غير مفهومة لدى البعض، هي تساعد أحيانا إذا كانت في البدايات 2-3 % ، وأنا أستغرب أن العتبة تطالب بها عادة الأحزاب الكبيرة، أما أن تطالب بها أحزاب صغيرة فهي ليست من صالحها.
    هناك من طرح تطبيق العتبة في انتخابات 2013 في القوائم الوطنية، ولو طبقنا نسبة 3 % كما طرحت حينها، عدد الأصوات كان سيسجل حينها للقائمة الواحدة 50 ألف صوت، وهناك قوائم نجحت بـ 14 ألف صوت. النسبة العادلة تقدر بين 2-3 % ، إذا أردت أن تبني أحزابا صغيرة تضع 5 %، وهذا النقاش كان للرد على لماذا لا توضع عتبة.

• وما تعليقكم على أحاديث شعبية تتحدث عن تراجع الحكومة عن تغيير جذري لقانون الانتخاب، لاعتبارات تتعلق بالوضع الإقليمي السياسية وتداعيات ما يسمى "بصفقة القرن"؟

  • لا يوجد تفكير بالمطلق عند مناقشة هذه القضية بربطها بالموضوع الاقليمي. قبل صفقة القرن كنا نربط أية توجهات بالوضع الاقليمي وبعد صفقة القرن كذلك، هذه مشكلة، نحن يجب أن يكون لدينا صفقتنا ونركز على ما نريد.

• متى سنشهد حكومات برلمانية بتقديركم؟

  • هذا يعود للأحزاب والمواطنين، ونحن لسنا من نقرر، ذلك سيحدث عند انتخاب أحزاب سياسية على أسس برامجية، وهذه مسؤولية عامة، ولا علاقة للقصة بتعديلات دستورية لأننا دائما نحاول أن نضع العربة أمام الحصان بدلا من أن نضع الحصان أمام العربة. في العالم لا توجد نصوص دستورية تنص على كيفية اختيار رئيس الوزراء، حتى في بريطانيا الملكة تسمي رئيس الوزراء لكن التسمية لا تعتمد إلا وفقا للأغلبية وفقا لعرف سياسي. ولو قمنا بتعديل 20 دستورا دون أشكال منظمة للعمل السياسي للكتل لن تتحقق. وهذا واضح في الرسائل الملكية.

• رفعت الهيئة المستقلة للانتخاب لكم ملاحظات تتعلق بقضايا إجرائية في قانون الانتخاب؟ هل سيؤخذ بها؟

  • نعم تلقينا الملاحظات، وإذا تم فتح قانون الانتخاب ستتم مناقشتها، وهي ذات صلة فقط بالاجراءات القانونية والادارية وليس بالنظام الانتخابي.

• في ملف الاعتقالات السياسية، حملت هذه الحكومة خطابا يشجع على حرية الرأي والتعبير ومبادئ الدولة المدنية، لكن سجلت اعتقالات كثيرة والحكومة لم تعلن موقفا حاسما منها، والاعتقالات شملت نشطاء وغيرهم؟ ما ردكم على ذلك؟

  • لا يوجد معتقلون سياسيون، هناك بعض الموقوفين وأنا أقول طبقت عليهم القوانين ذات الصلة، لكن هناك قضايا توقيف سجلت على خلفية شكاوى شخصية. رئيس الوزراء ضد التوقيف ولكن هناك تحويل إلى المحاكمات، هذا موجود في كل العالم. بالتأكيد نحن ضد التوقيف وآخر إيقاف ربما استمر لساعتين وخرج بعدها، أتكلم عن أحد الإعلاميين ولا يوجد موقوفون إعلاميون، أما بالنسبة للنشطاء فهناك فرق، والقضايا تتعلق بإساءات للأشخاص ولا ترتبط بمواقف سياسية لا نريد أن نبالغ في عدد الموقوفين. والسؤال الأهم هنا، هل التوقيفات تتعلق برأي سياسي فعلا أو لأنه حزبي؟ هناك فرق بين الاساءة والشتم والنقد. لا أستطيع الحديث عن الحالات بالمجمل، لأن كل حالة يمكن مناقشتها لوحدها.هناك قضاء يأخذ مجراه.
    أعتقد لا يوجد توقيفات تتعلق برأي سياسي لدينا، وفي فرنسا رأينا حملة السترات الصفراء على سبيل المثال سجلت اعتقالات خلالها لوقوع تجاوزات على القانون وليس لحرية التعبير.

• فتح الحياة الحزبية في الجامعات والمضايقات التي يتعرض لها بعض المنتسبين للأحزاب بين الحين والآخر وفقا لشكاوى حزبية؟ ما تعليقكم عليها؟

  • لا يوجد في العالم مكاتب للأحزاب داخل الجامعات، إلا في دول الأحزاب الشمولية فقط، طالما أن هناك انتخابات للاتحادات الطلابية في الجامعات وطلاب نجحوا من تيارات معارضة، إذن العمل السياسي موجود، ولا يوجد في قانون الأحزاب ما يحظر انتساب الطلاب فوق 18 عاما للحزب. إن كانت هناك بعض الممارسات الخاطئة في بعض الجامعات فهذه قضية لا تشكل سياسة ونهجا. وهناك في اتحادات الطلبة قيادات من أحزاب معارضة.

• لكن الحكومة لا تدين علنا مثل هذه الممارسات أو الأخطاء عند تسجيلها وحدوثها؟

  • الحكومة موقفها واضح، هي مع حرية الرأي والتعبير والمشاركة في العمل الحزبي والسياسي ضمن إطار القانون. ورئيس الوزراء أكد مرارا على هذه القضية. وهناك حرية نقد في مواقع التواصل الاجتماعي سقفها السماء، وأحيانا بدون سقوف.
وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة يتحدث خلال حوار مع أسرة "الغد" -(تصوير: أسامة الرفاعي)
;feature=youtu.be