المعضلة المالية في ميزانية الحكومة: تمويل الهجوم على النووي الإيراني ام ترسيخ الردع؟

المعضلة المالية في ميزانية الحكومة: تمويل الهجوم على النووي الإيراني ام ترسيخ الردع؟
المعضلة المالية في ميزانية الحكومة: تمويل الهجوم على النووي الإيراني ام ترسيخ الردع؟

هآرتس -  الوف بن

هل الاستعداد للهجوم أم تطوير وسائل الردع والدفاع؟ الحسم الاهم الذي ستقف امامه الحكومة المقبلة في إسرائيل سيكون كيفية توزيع المصادر المخصصة للاستعداد حيال التهديد النووي من إيران. هكذا قالت لـ "هآرتس" محافل رفيعة المستوى تشارك في اتخاذ القرارات في القيادة السياسية والامنية في إسرائيل. وحسب هذه المصادر، يتعين على الحكومة الجديدة ان تقرر اذا كانت ستستثمر ميزانيات كبيرة في الاعداد لعملية هجومية ضد المنشآت النووية في إيران ام في تطوير وسائل الردع والدفاع والتي ستقوي إسرائيل استعدادا لحالة حصول إيران على سلاح نووي.

اضافة اعلان

القرار المالي هو الذي سيحدد اذا كانت إسرائيل تفكر بجدية بالخيار العسكري ضد إيران. معنى القرار بالتركيز الان على الردع والدفاع سيكون هو ان إسرائيل تخلت عن الهجوم على إيران. المعضلة تحتدم على خلفية الركود الاقتصادي الذي يقيد قدرة الحكومة على توسيع ميزانية الدفاع. وقال مصدر كبير انه "لا يمكن هذا وذاك ايضا".

من جهة، يفضل مؤيدو "خيار الردع" الاستثمار في مشاريع بعيدة المدى للتحصين ضد هجوم نووي وقدرة رد عسكرية تردع الهجوم من البداية، في ظل الاعتقاد بان لإسرائيل لا توجد امكانية عسكرية حقيقية ضد إيران، وخسارة تبذير المصادر الباهظة على خطة لن تتحقق. وبرأي هؤلاء، يمكن لإسرائيل في افضل الاحوال ان تؤدي الى عرقلة البرنامج النووي الإيراني لسنوات قليلة، الامر الذي لا يبرر المخاطرة في أن تتعقد العملية او ان تؤدي الى مواجهة اقليمية واسعة.

رئيس الوزراء المنصرف، ايهود اولمرت يختلف مع هذا النهج. موقفه كان، اذا كانت اسرائيل قادرة على احباط التهديد الإيراني، يكفيها قدرة الردع القائمة وخسارة على تبذير المصادر على بناء قدرة اخرى لن تكون حاجة لها. وبقدر ما هو معروف، لم يحسم اولمرت بالنسبة لبعض المشاريع، التي ينتظر تواصل تطويرها المصادقة.

اما مؤيدو "خيار الهجوم" فيعتقدون بانه يجب استثمار المصادر على تعزيز القدرات الاستخبارية، توسيع قدرة ومدى عمل سلاح الجو، تدريب واعداد القوة الهجومية. وبرأيهم، محظور ازالة الخيار الهجومي عن الطاولة، وذلك لان هجوما إسرائيليا يمكنه أن يحقق تأجيلا لسنتين حتى أربع سنوات للمشروع النووي الإيراني – ولمثل هذا التأجيل قيمة كبيرة. في السيناريو المثالي، مثل هذه العملية ستؤدي الى ضعضعة النظام في طهران، او على الاقل الى تجنيد دولي ضد استئناف البرنامج النووي في إيران.

التردد الاقتصادي – الامني، عرضه رئيس المجلس الوطني للاقتصاد والمستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء البروفيسور مانويل تريختنبرغ، في المؤتمر السنوي لمعهد بحوث الامن الوطني، يوم الخميس الماضي. وحسب اقواله، فانه "في اختيار الاستراتيجية حيال التهديد الإيراني غير التقليدي، علينا أن نراعي المصادر المحدودة الموضوعة تحت تصرفنا، الامر الذي يستوجب ادارة ذكية للمخاطر. نحن لا يمكننا أن نتوقع ان يكون لنا طيف واسع من الاجابات".

هذا النهج ليس متفقا عليه في الاسرة الامنية. فخبراء الشؤون الامنية يختلفون مع موقف تريختنبرغ ويقولون ان ثمن الخيار الهجومي أدنى مما يصفه معارضوه. وبرأيهم، يحتاج الجيش الاسرائيلي الى ميزانية نحو مليار شيكل في السنة لتعزيز "ذراعه الطويلة" لعملية هجومية ضد إيران. التمويل ضروري اساسا لتعزيز القدرات الاستخبارية والتسلح بطائرات تزويد الوقود والتي ستطيل مدى العملية وقدرة حمل الذخيرة لسلاح الجو.

وبتقدير الخبراء، ميزانية الدولة قادرة على ان تحتمل الكلفة الاضافية للاعداد للهجوم على ايران، والحكومة المقبلة لن تتخلى مسبقا عن الخيار العسكري، بل ستفضل الابقاء في يدها حرية القرار بمهاجمة إيران.

وحسب التقدير الاستخباري لشعبة الاستخبارات، فقد اجتازت إيران السنة الاخيرة (الحافة التكنولوجية)، وهي تسيطر اليوم على تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم. وحسب التقدير، فان الانتقال من القدرة التكنولوجية لتحقيق سلاح نووي منوط من الان فصاعدا فقط بقرار القيادة الايرانية، بالزمن وبالملابسات. ولكن برأي الاستخبارات، فان الإيرانيين لا يسارعون ويفضلون جمع كمية اكبر من المواد المشعة مما لديهم، قبل أن "يقتحموا" الخطة النووية العسكرية. وهذا يمنح "نافذة فرص" للجهود الدبلوماسية الاخيرة لوقف القنبلة الإيرانية.