المعيار الشرعي 46 للوكالة بالاستثمار

غسان الطالب*

نتناول اليوم الحديث عن المعيار الشرعي رقم 46 والمتعلق بموضوع الوكالة بالاستثمار بتفاصيله من حيث صلاحيات ومسؤوليات الموكل والوكيل بالاستثمار كما اقرته هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ( AAOIFI )، وتطبيقاته في المؤسسات المالية والمصرفية الإسلامية.اضافة اعلان
فالوكالة بالمعنى اللغوي يقصد بها التفويض من فعل "وكل وتوكل وأوكل واتكل:. ووكل إليه الأمر وكلا ووكولا"، فيقال: وكل أمره إلى فلان: فوضه إليه واكتفى به، ومنه (توكلت على الله) قال تعالى: وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) [إبراهيم: 12].
وقد اخدت الوكالة عدة مفاهيم لدى الأئمة الأربعة لا تختلف في جوهرها وتتفق في مفهومها العام وعلى النحو التالي:
حسب المذهب الحنفي هي: "التوكيل هو تفويض التصرف والحفظ إلى الوكيل"، وحسب المذهب المالكي فهي: "الوكالة نيابة فيما لا تتعين فيه المباشرة".
اما عند الشافعية: "الوكالة شرعا تفويض شخص ما له فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حياته"
والحنابلة يقولون بانها عبارة عن: "التفويض في شيء خاص في الحياة" والأحسن فيها أنها " استنابة الجائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة".
فالوكالة بالاستثمار هي تفويض يعطى لشخص يكون مكتوبا عادة يتضمن الإنابة عن المفوض او الوكيل ليعمل على استثمار أمواله مقابل اجر يتم الاتفاق علية بأجرة أو بدون أجر وهي جائزة شرعا ولها ضوابطها ومعاييرها واركانها والتفاصيل المتعلقة بالشروط والصيغة والمكان بحيث تكون هذه التفاصيل مقبولة شرعا ويمكن ان تكون الوكالة هذه على شكلين:
- الوكالة بالاستثمار وتكون مقيدة بنوع محدد من الاستثمار أو بمكانه، أو أية قيود أخرى يفرضها الموكل.
- الوكالة المطلقة أي التي لا تخضع للشروط اعلاه ،على أن لا يكون فيها ما يخل بمصلحة الموكل أو الأضرار به والذي يهمنا في موضوعنا هذا هو عملية توكيل المؤسسات والبنوك الإسلامية بالاستثمار، والعكس حيث نص المعيار على :
- يجوز توكيل المؤسسات المالية والبنوك الإسلامية باستثمار الأموال شريطة استخدام عقود شرعية معتمدة من الهيئات الشرعية، وأن يكون في أنشطة البنوك صيغ تمويل واستثمار مشروعة مع المتابعة والتدقيق الشرعي للعمليات ، وعدم معارضة الجهات الرقابية.
- يجوز للمؤسسات التوكل في استثمار أموال البنوك التقليدية في أنشطة المؤسسات المعتمدة من هيئاتها الشرعية ، شريطة خلو العقد من قيود أو شروط ممنوعة شرعا.
هذا إذا علمنا أن الاستثمار في الإسلام له طبيعة خاصة مرتبطة بالعقيدة وأحكام الشريعة الإسلامية وان الإسلام حث على الاستثمار وزيادة الثروة من خلال العمل فكان لا بد من تحديد الضوابط المالية والشرعية خاصة بعد أن ظهرت الصناعة المصرفية الإسلامية والتوسع في عمليات الاستثمار لديها ورغبة عملاءها في الاستثمار الحلال بعيدا عن شبهات الربا والاستثمار الخاضع لسعر الفائدة.
وهنا لا بد من القول ان المعيار 46 والخاص في وكالة الاستثمار وتنظيم عملية تطبيقه وفق احكام الشريعة الإسلامية يحتم على المصارف الإسلامية تنويع أساليب وادوات الاستثمار الإسلامي المتبعة لديها وان تضع استراتيجية طويلة الأمد للأبداع والأبتكار واستحداث ادوات تمويلية وادخارية تلبي جميع رغبات عملاءها وتزيد من فرص الاستثمار لديها.   

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي