الملقي.. أفتوني في رؤياي!

استدعى رئيس الوزراء د. هاني الملقي أمس وزراء العمل والسياحة والشباب، ووزير الدولة لشؤون الإعلام، بصورة مستعجلة، وعقد معهم اجتماعاً مغلقاً، وكان متعلّقاً بكابوس الرئيس بعد أن صلّى الفجر ونام قليلاً، فصحا وما تزال تهيمن تفاصيله عليه.اضافة اعلان
 الرئيس أخبر الوزراء بأنّه رأى نفسه حاضراً في اجتماع منظمة العمل الدولية في عمان، الذي سيعقد في 12 شهر حزيران (يونيو) الحالي، لإطلاق تقرير "سوق محفوف بالتحديات يغدو أكثر تحدياً: عمال أردنيون، عمال مهاجرون ولاجئون في سوق العمل الأردني"، الذي يتحدث عن المفارقات والتناقضات في سوق العمل الأردني، إذ هنالك قرابة مليون ومائتي ألف عامل وافد، في مقابل مليون وأربعمائة ألف عامل أردني، أي نسبة متقاربة، في دولة فقيرة، ليست نفطية، تعاني من أزمات مالية واقتصادية خانقة!
 أبلغ الرئيس الوزراء أنّ المزعج بالحلم أنّ القاعة كانت تغص بالشباب العاطل من العمل، وكانت شاشة الـPower Point أمامه تقدم دراسة مقارنة في ارتفاع معدلات أرقام البطالة، التي وصلت إلى (18.2 %)، وهو رقم غير مسبوق، فيما تبلغ عند الشباب ما بين 32 - 40 %.
 ما زاد من وطأة الكابوس على مزاج الرئيس وحالته النفسية، وأفزعه، أنّه رأى من بين الشباب الجالسين نسبة كبيرة معها مخدرات، ونسبة أخرى تشبه هيئة الداعشيّين، ونسبة أخرى تائهة حائرة، ومجموعة تهدد بالانتحار. لم تكن هيئة شريحة واسعة من الشباب مريحة للرئيس، وهو ينظر إليهم – أثناء الحلم- طبعاً، التفت إلى شاشة النتائج فوجد مصطلح "جيل الانتظار"، الذي اجترحته المنظمات الدولية وهي تتناول موضوع الشباب، الذين ينهون الدراسة ولا يحصلون على فرص عمل، وتحدّث عنه وزير التربية والتعليم الحالي، د. عمر الرزّاز (قبل قرابة 3 أعوام)، ثم قال في نفسه: آه الرزاز.. جيل الانتظار.. ماذا حدث في التصوّر الذي أعده عن الاستراتيجية الوطنية للتشغيل؟ هل بقيت وهمية ودعائية وعلى الورق كأغلب مشاريعنا وتصوّراتنا الاستراتيجية؟!
 أنهى الرئيس سرد حلمه المزعج على الوزراء، ثم فجأة، وعلى غير العادة، ضرب على الطاولة وقال لهم: ماذا نفعل نحن هنا، بالله عليكم؟ إذا فقدنا جيل الشباب هذا، ولم نوفر لهم حياة كريمة وفرص عمل؟ هل نبقى ندور حول أنفسنا ونضع استراتيجيات وخططا ونبرّر العجز عن إيجاد حلول بالأوضاع الإقليمية والدولية وبضعف معدلات النمو؟ بينما تقرير منظمة العمل الدولية يقول لكم أنّ هنالك مليونا ومائتي ألف وافد يأخذون فرص العمل في دولة تعاني مستويات بطالة مرتفعة؟ هل هذه المعادلة معقّدة إلى الدرجة التي لا نستطيع جميعاً أن نحلها ونعيد هيكلة سوق العمل؟ هل وصل العجز بالعقول الأردنية إلى هذه الدرجة؟
 وجه الرئيس حديثه إلى وزير الشباب: ما قيمة كل ما نقوم به وهل سنبقى ننتظر جيل الشباب يغرق في بحور اليأس والإحباط ويذهب إلى خيارات محبطة؟ لماذا لا نبدأ العمل من الآن على إحلال العمالة الوطنية من الشباب، وإيجاد ورشة وطنية حقيقية لتدريبهم وتأهيلهم لسوق العمل، والتأكد من استكمال حقوقهم في القوانين الناظمة؟ ونقوم ببث رسالة واضحة من الدولة بأنّ أولوياتها اليوم حلّ مشكلة البطالة لدى الشباب الأردني، وأن نطالبهم في الوقت نفسه بألا ينتظروا وظائف الدولة وأن يعتمدوا على أنفسهم ومهاراتهم وعملهم في القطاع الخاص؟
 وقف الرئس مخاطباً الوزراء: ما هي أولوياتكم؟! أليست المواطنين؟ وهؤلاء الشباب هم الوتر الحساس والشريحة الواسعة؟