الملك والأحزاب والإصلاح

آخر إشارات الملك الى الاصلاح السياسي جاءت في لقائه مع كتلة مبادرة النيابية اذ قال اننا نحتاج من حزبين الى خمسة احزاب فقط تمثل اليمين واليسار والوسط. ولفت الى ان الأوراق النقاشية تضمنت رؤية لتطوير الحياة السياسية ومنها بناء كتل قوية على اسسس برامجية. يمكن تجميع اشارات الملك في الآونة الأخيرة والتي تستعيد الرؤية الواردة في الأوراق النقاشية لإنعاش الأمل و"الجهود" للتقدم بمشروع الاصلاح السياسي وقد قدم الصديق سمير حباشنة على الفور في مقابلة مع " المملكة " مقترحا بتشكيل لجنة ملكية من 15 عضوا تضم ممثلين عن الطيف الحزبي من اليمين والوسط واليسار وفعاليات اخرى لوضع المقترحات التشريعية والتنفيذية لتنفيذ رؤية الملك، وكان الصديق بسام حدادين قد اخبرني انه في مقابلة مع جلالة الملك اقترح تشكيل لجنة ملكية تكلف بمتابعة تطبيق محتوى الأوراق النقاشية التي شكى جلالة الملك انها لا ترى طريقها للتطبيق. وفي الأثناء هناك حركة نشطة بعض الشيء تطرح مطالبات وتقدم مقترحات منها مشروع قانون انتخاب يمكن حسب واضعيه ان يعطي الأحزاب الدور المأمول وكان جلالة الملك في لقاء مع الشباب قد المح الى ضرورة ايجاد طريقة لتمكين المشاركة الحزبية في الانتخابات. لبعض الوقت بدا ان الاصلاح السياسي لم يعد أولوية. وواقع الحال منذ آخر انتخابات نيابية يقول إن ما يمكن عمله تشريعيا على صعيد حزمة التشريعات السياسية كالانتخاب والاحزاب قد أنجز ولم يفض الى النتيجة المأمولة ولم يعد هناك جديد يمكن طرحه. وكان جلالة الملك من وقت قريب قد قال اننا انجزنا قانون انتخاب توافقي حديث شاركت بعده الحركة الاسلامية في الانتخابات وقال إننا لا نستطيع جر الناس بالقوة الى الأحزاب. وكنت أرى شخصيا ان الموقف هو هكذا بالفعل حتى احتجاجات رمضان وسقوط الحكومة السابقة فعاد الاصلاح السياسي الى جدول الأعمال. لكن حتى الساعة لم تطرح الحكومة الحالية شيئا محددا وليس على جدول اعمالها للأشهر القادمة غير فتح حوار حول قانون اللامركزية. وقد يكون لدى وزير الشؤون السياسية م. موسى المعايطة شخصيا تصور ما على خلفية تاريخه السياسي المعروف. لكن للحقيقة لم ألمس شيئا في جعبة الحكومة غير ما يردده الرئيس من شعارات عامة عن ترافق الاصلاح السياسي والاقتصادي. على مستوى الحوار العام ومع الاحترام لكل الأفكار والمقترحات ومنها تشكيل اللجان فالمطلوب أولا هو الاعلان عن قرار سياسي صريح لتحقيق رؤية الملك. والسؤال الذي يجب ان تجيب عليه الحكومة هو: هل تريدون انتخابات قادمة ينجم عنها وجود حزبين أو ثلاثة أو خمسة تتشكل منها كتل المجلس النيابي القادم وتضطلع بتشكيل الحكومة البرلمانية العتيدة ؟! قولوا نعم وثقوا أن الوصفة موجودة ويمكن التفاهم عليها. سننتظر رد الحكومة مع أن كثيرين يتشاءمون ولا يرون أصلا أن الحكومة هي العنوان ! والصديق محمد داوودية بق البحصة بمقال حاسم أمس طالب فيه بوضع حد لـ"أكذوبة طويلة الأمد" هي حكومات التكنوقراط ودعا للعودة الى الحكومات السياسية والوزراء السياسيين وقال إن وزراء التكنوقراط قد يصلحون لادارة الشركات وليس الأوطان. وبالفعل عندما نتحدث عن مشروع "نهوض وطني" في القلب منه مشروع الاصلاح السياسي هل يستقيم الأمر بدون حكومة سياسية تمثل الطيف الوطني الذي تحدث عنه جلالة الملك من اليمين الى الوسط الى اليسار؟!اضافة اعلان