الملك يراهن على موسكو من واشنطن!

الملك كان في واشنطن، لكن رهانه كان على  موسكو ودورها المؤثر في التوصل لحل سياسي يضع حدا للأزمة السورية. وفي مقابلته الأخيرة مع شبكة "بي بي أس" الأميركية، عرض بشكل تفصيلي وجهة نظره حيال مصالح روسيا في الحل السياسي. وقال بوضوح "إن سلكنا طريق الحل السياسي، فإن الروس قد يشاركون ويساعدونا في تحقيق الحل السياسي".اضافة اعلان
رهان الملك على الروس ليس جديدا، فقد قال في وقت مبكر إن على الولايات المتحدة الأميركية أن تتوصل إلى تفاهم مع روسيا بشأن الحل في سورية، وبدون تفاهم كهذا يصبح الحل بعيد المنال.
كان يمكن للمفاوضات التي انطلقت في جنيف العام الماضي برعاية أميركية وروسية أن تضع الأساس القوي لحل سياسي يبدأ بالمرحلة الانتقالية، لكن ذلك لم يتحقق لأسباب يطول شرحها.
في هذه السنة التي شارفت على الانتهاء، تعقدت الأمور أكثر بفعل الأزمة الأوكرانية، ودخلت واشنطن وموسكو في مواجهة أعادت إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة. وتوقفت المحاولات لإحياء مسار جنيف التفاوضي. لكن ومنذ أسابيع فقط برز مسار بديل، وأحادي، وتمثل في محاولات موسكو جمع أطراف من المعارضة السورية في الداخل والخارج أبرزهم معاذ الخطيب مع رموز من النظام السوري.
المحاولة ماتزال مستمرة، والوفود من الطرفين تتناوب على زيارة موسكو، وثمة معلومات تفيد بأن واشنطن لاتعارض الجهد الروسي، لابل إنها مستعدة للتجاوب معه في حال أثمر نتائج إيجابية.
لم يعلق الملك بشكل مباشر على مسار موسكو التفاوضي، لكن وبحكم علاقاته الوثيقة مع القيادة الروسية يعلم بمجرياته. وليس معلوما إن كان جلالة الملك قد ناقش هذا الموضوع مع الرئيس الأميركي وأركان إدارته خلال زيارته لواشنطن. بيد أنه وفي كل الأحوال يتطلع باهتمام إلى ما يمكن أن تفعله موسكو خلال الأسابيع المقبلة.
وواضح أن الصفقة الروسية إن كتب لها النجاح فلن تكون على حساب الأسد، في المرحلة الانتقالية على الأقل. الحديث يدور عن حكومة موسعة في سورية، وبصلاحيات إضافية، واستبعاد الجماعات المسلحة كالنصرة وداعش، ومن هم على شاكلتهما.
لكن مثل هذه الصفقة ليست كافية لوضع سورية على سكة الاستقرار؛ فهناك أطراف اخرى مثل الجيش الحر أو ما تسمى بالمعارضة المعتدلة التي تقاتل "داعش" حاليا، فيما قوات النظام السوري تقصفها بكثافة. السيناريو المقترح في هذا الشأن هو دمج عناصر تلك الجماعات بالجيش النظامي السوري.
يبدو تقديم الاقتراحات هنا أمرا يسيرا، لكن بالنظر إلى تعقيدات المشهد السوري، فإن كل حرف مما ورد سابقا يكفي لتفجير الموقف.
وفي أحسن الأحوال، إذا ما كتب للحل على الطريقة الروسية ان يرى النور، فإن الحرب على الإرهاب لن تتوقف في سورية. لكن من المؤكد أنها ستكتسب زخما كبيرا يقوي فرص نجاحها. هذا ما يطمح إليه الملك في نهاية المطاف؛ دحر الجماعات الإرهابية مقابل تسوية مع النظام السوري برعاية روسية، لن يكون أمام أميركا الخاوية من أية أفكار فرصة لرفضها. هل يكتب لهذا السيناريو النجاح؟