"المناطق المؤهلة": جدل مزمن بين تطبيع اقتصادي مع اسرائيل وايجابيات التصدير

"المناطق المؤهلة": جدل مزمن بين تطبيع اقتصادي مع اسرائيل وايجابيات التصدير
"المناطق المؤهلة": جدل مزمن بين تطبيع اقتصادي مع اسرائيل وايجابيات التصدير


عمان – طفا على السطح مؤخرا جدل مزمن في المجتمع السياسي والاقتصادي بالاردن حول "المناطق الصناعية المؤهلة" بين مؤيدين يعتبرونها ذات فائدة من حيث توفير فرص عمل وزيادة الصادرات، ومعارضين يرون بانها اداة لتشجيع التطبيع الاقتصادي مع اسرائيل، في معادلة تفوق السلبيات فيها على الايجابيات.

اضافة اعلان


 ودفع بهذا الموضوع الي واجهة الاحداث المحلية تداعيات الأزمة التي أثارها قرار الحكومة استثناء واردات تلك المناطق من نظام الدور في ميناء العقبة، بالتزامن مع توقيع اتفاقية بين القاهرة واسرائيل وامريكا لاقامة مناطق مماثلة في مصر، اضافة الي النقاش الذي اثير تحت قبة البرلمان مؤخرا بعد توقيع الاردن واسرائيل على اتفاقية لبدء محادثات مع الاتحاد الاوروبي لاعطاء مزايا تفضيلية لمنتجات مناطق مؤهلة مماثلة لتلك الموقعة مع الولايات المتحدة.


 وبينما ترى الغالبية التي تشمل الحكومة واصحاب المصانع في هذه المناطق والعاملين فيها، وبعض قادة الرأي منافع جمة و مردودا ايجابيا لصالح الاقتصاد الوطني الكلي، وبالتالي للمواطن، يرى بعض المحللين الاقتصاديين أن سلبيات المناطق المؤهلة اكثر من ايجابياتها لأنها تشكل اختراقا اقتصاديا وتطبيعيا خطيرا لصالح اسرائيل، التي ما زالت عدوهم الاول على الرغم من توقيع اتفاقية السلام المعروفة بوادي عربة بين الدولتين عام 1994.


 ومع انه تم احتواء أزمة اضراب أصحاب السيارات الشاحنة مؤخرا بعد الاتفاق على تحرير نظام الدور مع حلول شهر ايلول (سبتمبر) العام الحالي، الا ان بعض المستثمرين يبدون تخوفهم من ان يستقطب المشروع الجديد في مصر استثمارات عدد من المصانع العاملة بالاردن بسبب رخص الايدي العاملة والمياه والكهرباء وحوافز اخرى اعطتها مصر للمستثمرين، في بلد حرر قطاع نقله.


ويتمسك المؤيدون بحجة المردود على الاقتصاد على اساس انها اقوى سلاح بيد من يرى في هذه المناطق عاملا استثماريا ايجابيا ومجزيا.


خلق فرص عمل


وفي ذات السياق يقول نائب المدير التنفيذي في مؤسسة تشجيع الاستثمار مازن الحمود، "ان نظام الحوافز في الاردن صمم من أجل خلق فرص عمل وان الحكومة لا تسعى لجني الاموال لخزينة الدولة في السنوات الاولى للاستثمار وانما ايجاد صناعات توفر فرص عمل. ولهذا السبب فان الحوافز في الاردن كثيرة، مثل الاعفاء من الضرائب والجمارك.


 وأضاف "ان مردود المناطق الصناعية المؤهلة بالدرجة الاولى يأتي للمجتمع المحلي بصور عديدة مثل خلق فرص عمل وتشغيل صناعات متصلة ومتممة مثل النقل والسكن والانشاءات والشحن وخدمات مثل المواصلات والطيران والسياحة والبنوك والتأمين وما الى ذالك".


 الى ذلك تقول مديرة تطوير الاعمال في شركة التجمعات الاستثمارية المتخصصة في سحاب، جانسيت كشت، ان قطاع الألبسة يعتمد على عدد كبير من العمال وان أصغر مصنع للالبسة يحتاج الى 300 عامل على الاقل، وفي هذا فائدة جمة للعمالة المحلية. والتجمعات هي واحدة من 7 مناطق عاملة و4 اخرى بانتظار التشغيل داخلة ضمن المناطق المؤهلة في الاردن.


 ويؤيد الحمود قول كشت، وبحسب رأيه فان المناطق الصناعية المؤهلة خلقت 25 الف فرصة عمل للاردنيين وزادت صادرات الاردن 900% منذ ان بدأت عام 2000 ، فبلغت الصادرات الي امريكا ما يقارب المليار دولار العام الماضي مقارنة مع 9 ملايين دولار عام 1999 واغلب ذلك كان من ملبوسات والكترونيات تم تصديرها الى الولايات المتحدة الامريكية من المناطق الموءهلة.


مصانع غير اردنية


ويشير الحمود الى ان  معظم المصانع في المناطق الصناعية المؤهلة هي مصانع غير أردنية، واصحابها يملكون قدرة علمية ومعرفية لا يملكها الاردنييون، اضافة الى تمتعهم بمهارات تسويقية وشبكة من الاسواق، ورؤوس اموال كبيرة غالبا ما تفوق الامكانيات المتاحة محليا، اما سبب استقطابهم فتعتبر كشت ان المستثمرين الاجانب يأتون الى الأردن لأنهم يعاملون مثل المستثمرين الاردنيين فيملكون استثمارهم 100%، هذا بالاضافة الى ايجابيات قانون تشجيع الاستثمار الذي يمنحهم اعفاءات ضريبية وأجواء الاستقرار والامان المتوفرة في الاردن بالمقارنة مع دول الجوار وأيضا بسبب قلة التكلفة من ناحية أجور العمال والاعفاءات الجمركية.


 وهذا ما أكدته مديرة مصنع "الدراغون " للملابس ، زينب تشانغ، -صينية الجنسية- التي اكدت ان الايجابيات الناتجة عن العمل ضمن المناطق الصناعية المؤهلة تكمن في عدم وجود جمارك أو كوتا لدخول السوق الامريكية"، بينما كشت تضيف بان المملكة توفر مناطق صناعية من الطراز الأول ترتكز الى بنية تحتية ملائمة بما في ذالك شبكة طرق وتمديدات مياه وكهرباء واتصالات سلكية ولا سلكية، ولكن تشانغ تستدرك ان المصانع في المناطق الصناعية المؤهلة تواجه بعض المعيقات أيضا ومن أهمها الصعوبة في جذب العمالة المحلية وعدم فاعلية التوريد والتخليص من ميناء العقبة الذي يشكو من الازدحام الشديد.


وفيما يتعلق بصعوبة استقطاب العمالة المحلية يقول مدير الموارد البشرية في مصنع" الدراغون"علي فريحات، إن المشكلة تكمن في عدم الرغبة لدى كثير من الأردنيين للعمل داخل المصانع وضآلة نسبة العمالة الماهرة أو المدربة بينهم.


ازمة ميناء العقبة


 أما فيما يتعلق بميناء العقبة فقالت تشانغ "ان وعود الحكومة لتحسين الخدمة  كثيرة ولكننا لا نرى أي تغير ملموس مما اضطرنا لاستخدام" موانئ في دبي.


 من جانبه أشار الحمود الى أن استخدام ميناء دبي من قبل المصدرين يكلفهم 2000 دولار أمريكي اضافي على كل حاوية عدا عن التأخير الذي قد  يصل الى 6 أيام، وهو أمر مكلف. وأضاف الحمود ان العمل جار لحل المشكلة.


 ورغم هذه المعيقات تقول تشانغ انه من الصعب الان ان تترك الشركة الاردن بسبب الحوافز والايجابيات التي تعتبرها كثيرة وبعد اقامة الاستثمارات الضخمة مع وجود التزامات للمجتمع والعمال.


 أما الملحق الاعلامي لدى سفارة الولايات المتحدة الامريكية، جستن سبرل، فيرى بأن صادرات المناطق الصناعية المؤهلة الأردنية للولايات المتحدة تنمو بتصاعد متسارع سنة تلو الاخرى فازدادت 50% عام 2004 عن السنة التي سبقتها، وارتفعت في عام 2003ما يقارب 50% عن عام 2002، ما يشير بوضوح الى أثرها الايجابي على الاقتصاد الاردني.


ارتفاع الصادرات 


وبالنسبة لصادرات الاردن بشكل عام الى الولايات المتحدة يقول سبرل انها ارتفعت من 13 مليون دولار أمريكي عام 1998  الى حوالي مليار دولار في نهاية عام 2004 وأن معظم تلك الصادرات خارجة من المناطق الصناعية المؤهلة، وأضاف "ان هذا النجاح  بالاضافة الى السمعة الجيدة مع المشترين في الولايات المتحدة يدفعنا الى أن نتوقع أن يستمر هذا النجاح في المستقبل".


واشار الى أن الأردن يبقى منطقة استثمارية مثيرة للاهتمام لقربها من الساحل الشرقي للولايات المتحدة بالمقارنة مع غيرها من الدول وأيضا لأن المنتج يفضل تنويع مصادر التزويد.


من ناحية أخرى تؤكد تشانغ أنه وبالرغم من أن الأرباح التي يجنيها المصنع الذي تديره تذهب للشركة الأم في تايوان فإنها تعود مرة ثانية للاردن لاسباب تتعلق بزيادة رأس المال والتوسع.


 وبالنسبة للمواد الخام، تقول تشانغ ان معظمها يأتي من دول أسيوية "الصين وكوريا وسنغافورة" بسبب عدم توفرها في الاردن. وقالت ان  المدخلات التي تأتي من اسرائيل هي "الاكسسوارات" أو المواد التكميلية فقط وأضافت ان أصحاب المصانع يحاولون استخدام أقل كمية ممكنة من اسرائيل "الـ 8% التي تنص عليها اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة" لانها "باهظة الثمن بالمقارنة مع غيرها".


 وحسب معلومات كشت فان القيمة المضافة الناتجة للاردن تتراوح بين 18و25% وهذه أرقام تزيد عن توقعات العديد من الاقتصاديين.


 ويقول زيد مرار من شركة التجمعات الستثمارية المتخصصة أن  الطلب على الاستثمار في منطقة عمل التجمع في سحاب على سبيل المثال لم يتراجع حيث  شهدت تجديد عقود المصانع 100% كما أن 95% من المنشآت الصناعية تعمل على التوسع.


 ويضيف مرار ان عدد المصانع الاردنية داخل المناطق الصناعية المؤهلة في ازدياد وانه عند بدء عمل المنطقة الصناعية المؤهلة في سحاب- على سبيل المثال- لم يكن هناك أي مصنع أردني بينما وصل عدد المصانع الاردنية اليوم الى 8 مصانع من بين 38 مصنعا.


فوائد اجتماعية 


وفيما يتعلق بالفوائد الاجتماعية، قال سبرل ان فرص العمل التي خلقتها هذه المناطق الصناعية المؤهلة وخاصة للنساء تتيح المجال لهم للعمل لأول مرة ولمساعدة عائلاتهم.


وفي هذا السياق قال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، مازن المعايطة، ان المناطق الصناعية المؤهلة خلقت 40 الف فرصة عمل منها 23 الفا شغلها اردنيون وان قانون تشجيع الاستثمار أعطى المستثمرين غير الأردنيين الذين يقيمون منشآتهم في المدن المؤهلة حق استخدام عمالة وافدة لغايات تدريب الاردنيين، وأعطوهم مدة محددة لا تتعدى السنتين حتى يتم احلال عمالة محلية مكان هذه العمالة الوافدة.


واثار ذلك تساؤلات حول كفاءة وفاعلية المدارس المهنية ومؤسسة التدريب المهني وكليات المجتمع في مجال اعداد العاملين والكفاءات المدربة.


 تدني الاجور


وحول موضوع الاجور، قال المعايطة انها لا زالت متدنية خاصة وان الحد الادنى للاجور 85 دينارا والمقرر من قبل وزارة العمل.


وقال "ان ما نأمله هو أن يحصل احلال تدريجي للعمالة المحلية بدل العمالة الوافدة بعد تدريبهم وأن يتم زيادة أجور من يكتسب منهم مهارات وخبرات ".


 يذكر أن دراسات صندوق النقد الدولي تشير الى أن خط الفقر يتراوح للدخول ما بين  160- 150 دينارا، بينما حددت الحكومة الحد الأدنى للأجور بـ85 دينارا، ولا يزال الرقم يتراوح مكانه منذ أكثر من 3 سنوات بالرغم من مطالبات النقابات العمالية واتحاد العمال ومجلس النواب ومؤسسات المجتمع المدني برفعه.


 كما تشير إحصائيات نقابة الغزل أن عشرات الاضرابات والتوقفات عن العمل شهدتها مصانع في المناطق المؤهلة، لعدم قيام إدارات تلك الشركات بتسليم العمال لرواتبهم أو هروب المستثمر وإغلاق المصنع. 


 وحول هذا الموضوع، تقول كشت ان نسبة من يتقاضى 85 دينارا قليلة جدا ولا تتجاوز10الى 12% فيما يتقاضى 47%  من العاملين ما بين 95 و 120 دينارا.


اما فريحات  فانه يؤكد بأنه بالاضافة للاجور فان شركتة تعطي حوافز عدة للعمال منها مكافآت مادية أو امكانية الترقي في الوظيفة. وأضاف "ان الاردنيين يعملون في جميع المجالات في المصانع، منها اليدوية ومنها الادارية".


 الا أن كشت ترى مفارقة حيث أنه وبالرغم من نسبة البطالة العالية في الاردن فان العرض والطلب لا يتوافقان في المناطق الصناعية المؤهلة حيث يعاني أصحاب المصانع من التبديل المستمر للعمالة الاردنية نتيجة ترك العمل وقلة الاقبال وضعف المهارات لدى العمال وعدم الالتزام بالدوام وانظمة العمل.


ويضرب مرار مثالا على هذا الوضع في منطقة سحاب وحدها حيث يوجد 5000 شاغر لدى المصانع في الوقت الحالي ولا يوجد من يشغلها.


 وعن موضوع تشغيل العمالة الاردنية، قال المعايطة ان الصعوبة ترجع الى تدني الاجور وخاصة بالنسبة للشباب فمن الصعب تقبلهم "لأجر متدن ولفكرة اعادة التأهيل، وهم يفضلون الجلوس في البيت اذا لزم الامر". ويضيف ان غالبية الشباب الذين يعملون في هذه المصانع هم من الشباب دون مستوى الثانوية العامة " واذا أردنا اعادة تاهيل الخريجين وفق احتياجات سوق العمل فيجب أن يكون هنالك حوافز فالخريجون يطمحون للحصول على وظيفة يكون راتبها "قريبا من راتب موظف حكومي بالاضافة الى الامتيازات (ضمان اجتماعي وتأمين صحي)".


 وقال المعايطة "ان هذة الحوافز غير موجودة واذا تمت معالجتها فستحل جزءا كبيرا من مشكلة البطالة". وأضاف "ان جزءا من المشكلة أيضا يكمن في أن هذه المناطق الصناعية المؤهلة بعيدة عن أماكن سكن العمال ومعظمهم من سكان الأرياف والبوادي".


ثقافة العيب


أما الحمود فعزى صعوبة استقطاب العمالة الاردنية لهذه المصانع الى "ثقافة العيب"، فاغلب الأردنيين- بحسب رايه- لا يفضلون العمل لدى الاجانب ويمانعون خروج النساء للعمل في أماكن يوجد فيها اختلاط بين الجنسين.


 وأضاف ان القدرة الانتاجية للعمالة الاردنية أقل من القدرة الانتاجية للعمالة الاجنبية.


 وبرأي مرار فان المصانع تفضل توظيف الاردنيين ان اقبلوا على العمل وتدربوا والتزموا، فتكلفة العامل الاردني تتراوح بين 85-120 دينارا شهريا بينما يكلفهم العامل الاجنبي حوالي 300 دينار، ولكنهم يضطرون للجوء للعمالة الأجنبية بالرغم من ذالك لان انتاج العامل الاجنبي يبلغ ضعف انتاج العامل الاردني حسب مرار.  


 وحول ظروف العمل، قال المعايطة ان أقسام السلامة والصحة المهنية بوزارة العمل تقوم بجولات تفتيشية للتأكد من مطابقة هذه المصانع للمواصفات العالمية فيما يتعلق ببيئة العمل والصحة والسلامة المهنية، وأضاف ان "هذه الشروط تطبق غالبا وان بيئة العمل مناسبة الى حد ما".


وتقول كشت ان على كل مصنع يحصل على  اذن أشغال بعد أن يكشف الدفاع المدني على الموقع ويقر بملائمته وصلاحيته.


أما رئيس نقابة الغزل والنسيج فتح الله العمراني فكان قد ذكر في حديث نشرته "الغد" ان "التفتيش على تقيد المصانع والمؤسسات بشروط السلامة ليس بالأمر السهل لارتفاع عدد المصانع والمخالفات وعدد المفتشين قليل"، وأوضح أيضا ان هنالك مصانع لا تلتزم بالمواصفات المتفق عليها عند منح الترخيص بل يتم تغييرها مباشرة"، مضيفا ان "الاستثمارات تخلو من اية فائدة في هذه القطاعات لعدم توفر المزايا للعمال فيها.


وكشف العمراني عن أن مكاتب العمل اذا ارادت التفتيش على المنشآت يصدر لها قرارات من جهات معنية بالتغاضي عن اية مخالفات بتلك المصانع اي ما يحكم عمليات التفتيش مزاجية صاحب القرار".


وبين العمراني أن "بعض المصانع تخلو من التهوية الكافية والاضاءة وأن العمال يواجهون ارتفاعا في درجات الحرارة في الصيف وانخفاضا شديدا في الشتاء"، كما أشار الى نشوب حرائق في عدد من المؤسسات والشركات نتيجة عدم تطبيقها لشروط الصحة والسلامة المهنية عدا عن حالات التسمم التي اصابت العمال نتيجة سوء التغذية والمياه.


وكشف العديد من المهندسين في حديث آخر نشر في "الغد" عن أن الكثير من مباني المصانع اصيبت بتصدعات داخلية وخارجية ناجمة عن انشاء تلك السكنات المخالفة للقوانين المعمول بها، وغير المطابقة للمعايير الصحية".


من ناحية اخرى قال المعايطة "ان هنالك مشاكل اجتماعية وأخلاقية عدة نجمت عن وجود العمالة الوافدة وذلك عائد الى العادات والتقاليد الغريبة التي أتونا بها، ونحن لا نعرف خلفياتهم" وهو ما يضيف مشكلة اخرى تحيط بالمناطق المؤهلة وتذكي الانتقادات لها.


 ولعل احدى أقوى الحجج التي يسوقها مؤيدو المناطق الصناعية المؤهلة هي اسهامها في نقل التكنولوجيا الحديثة الى السوق المحلية. و في هذا السياق ذكرت كشت بأنه لم يكن للاردن في يوم من الايام قاعدة صناعية وأن المناطق الصناعية المؤهلة جلبت لنا قدرة علمية ومعرفية.


اما سبرل فيقول ان تطوير قاعدة صناعية هي طريقة لخلق أوضاع اجتماعية واقتصادية أفضل لأهل البلد.


وقال فريحات ان المصنع يساعد في جهود مركز التدريب الذي تديره وزارة العمل من خلال اتاحة المجال للعمال لاستخدام خطوط الانتاج والآلات مما يوفر تدريبا عمليا.


وفيما يتعلق بالاعتراض على المدخلات الاسرائيلية، قال سبرل "ان نسبة المدخلات الاسرائيلية نسبة ضئيلة" وأضاف انه لا بد للاردن أن يستغل الاوضاع في المنطقة وقال "لقد كان الاردن لسنوات عدة المنفذ الوحيد للعراق واستفاد من ذلك وأعتقد أن هذا ما على كل دولة أن تفعله، أي أن تنظر في كل الاتجاهات".


وتتناقض هذه المزايا مع ما يراه العديد من المحللين مثل استاذ الاقتصاد في الجامعة الاردنية، الدكتور منير حمارنة، الذي تلقي تعليمه الجامعي في موسكو، حيث يرى ان المناطق الصناعية المؤهلة تشكل اغراء امريكيا للاردن لكي يتعامل مع اسرائيل مقابل حصوله على المعاملة التفضيلية.


التطبيع


 وبرأي حمارنة فان هذة المناطق تفتح أيضا المجال لتطبيع العلاقات الاقتصادية مع اسرائيل وهي تعود بفوائد لشرائح معينة من المجتمع الاردني دون غيرها.

ويقول"ان هذه العلاقة القائمة رغم تشدد اسرائيل بما يتعلق بالتسوية السياسية تشكل خطرا على الاردن وان هذه التنازلات المتتالية من جهتنا واعطاءنا لاسرائيل فرصة التغلغل في المنطقة قد تصل بنا بالنهاية الى حل الوطن البديل الذي تروج له الاوساط المتعصبة في اسرائيل".


 ويرى البعض ان هذه المناطق تؤدي في الواقع الى دخول الاستثمار الاسرائيلي في عمق الاقتصاد الاردني من خلال القيمة المضافة "وأن تواضع اسهام هذه المناطق في حل مشكلة البطالة أو رفع مستوى معيشة المواطنين او بنقل تكنولوجيا متطورة، يجعلها مجرد مصدر للربح الذي تحصل عليه الشركات الاجنبية العاملة فيها خاصة في ظل استفادتها من البنية التحتية التي يمولها دافع الضرائب الاردني".


 وتعود كشت بشكل اخر لتؤكد بانها لا ترى تأثيرات سلبية للمناطق المؤهلة على الاقتصاد الوطني, لا بل على العكس فانها ترى على سبيل المثال ان مصانع المناطق الصناعية المؤهلة لا تنافس المصانع المحلية وذلك يعود الى أن مصانع المناطق الصناعية المؤهلة تأتي مع زبائنها ومع طلباتها وخبراتها وصلاتها التسويقية وتقول"لا تسرقوا طلبات من الاسواق الاردنية".


وتضيف "انه قبل توقيع اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة واتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة عام 2001 كانت القليل من مصانع الالبسة الاردنية تصدر منتجاتها الى الولايات المتحدة حيث لم يكن لديهم الخبرة في التصنيع ولا في التسويق". وبرأي كشت فان المستثمرين الاجانب وضعوا الاردن على الخارطة وجلبت الزبائن.


أما فيما يتعلق باتفاقية التجارة الحرة التى وقعتها الاردن مع الولايات المتحدة والتي يتم بموجبها الاعفاء التدريجي من الجمارك على المنتوجات ابتداء من عام 2000 وصولا الى عام  2010، ترى كشت أنها ستسمح للاردن الاستغناء عن الـ 8% المقررة من مدخلات اسرائيلية وأن تخلق فرص جديدة للاردنيين من خلال جذب استثمارات جديدة محلية في الصناعات المساندة التي كنا نستوردها من اسرائيل وبلاد اخرى.


 وبرأي مرار فان اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة خدمت الاردن كمدخل الى الاسواق الامريكية للوصول الى اتفاقية التجارة الحرة ومنحت الاردن الفرصة للتصدير الى الولايات المتحدة في وقت يسبق بكثير عام 2010. ويضيف مرار ان المستثمرين الاردنيين يتذمرون من تكلفة المدخلات الاسرائيلية الباهظة الثمن.
واتخذ مصنع الزي للالبسة الجاهزة هذا النهج حيث أنه سيستخدم اتفاقية التجارة الحرة الامريكية الاردنية ابتداء من بداية هذا العام دون وجود أي مدخل اسرائيلي في الانتاج حسب قول الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة الزي لصناعة الألبسة الجاهزة، كميل فاخوري. ويضيف "ان الشركة كانت مرغمة على استخدام اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة عندما قررت دخول السوق الامريكية قبل 3 سنوات "لانها كانت الطريقة الوحيدة لدخول ذالك السوق".


 تجدر الاشارة الى ان الاردن وقع اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة عام 1997 وتدخل بموجبه االمنتوجات المصنعة في هذه المناطق الي سوق الولايات المتحدة الامريكية معفاة من الكوتا ومن الجمارك بشرط أن تكون ما نسبته 35% على الاقل من قيمة السلعة المصدرة مكونة من منتج محلي "منها 11،7% أردني و8 % اسرائيلي والباقي من الاردن أو الولايات المتحدة أو اسرائيل أو الضفة الغربية وغزة" وتم بموجبها استقطاب استثمار أجنبي وخاصة مصانع الملابس التي كانت تواجه تقييدات كوتا في البلد الاخرى.


 كما تم مؤخرا توقيع اتفاقية مشابهة مع الاتحاد الاوروبي لاعطاء مزايا تفضيلية لمنتجات المناطق الصناعية المؤهلة للدخول الى السوق الاوروبية.


 ويجمل الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الوزراء السابق الدكتور محمد الحلايقة، النقاش الدائر حول مزايا المناطق المؤهلة وسلبياتها بقوله انه "ليس من الصعب تفهم الموقف السياسي للرافضين والناقدين ... وليس من الضروري ان نغضب كثيرا لهذا الموقف اذا كان مبنيا على اساس مصالح الوطن ونحن نعتز بديمقراطيتنا التي تسمح بهذا الاختلاف" ويضيف "اننا في النهاية نحتكم الى مصلحة الوطن العليا ولا يستطيع احد ان ينكر الفوائد الاقتصادية التي جناها الاردن من هذه المناطق وقدر ان القيمة المضافة الاردنية من صادرات هذه المناطق لا تقل عن 15% وهذا يعني ببساطة ان الاقتصاد الاردني  يتوقع ان يكون جنى 150 مليون دولار تقريبا عام 2004 عدا عن فرص العمل التي تقارب 25 الف وظيفة".