المواجهة.. هل تحررنا من مخاوف مزروعة بداخلنا؟

محاولة "التأقلم" مع مخاوفنا حلول غير صحيحة- (ارشيفية)
محاولة "التأقلم" مع مخاوفنا حلول غير صحيحة- (ارشيفية)
علاء علي عبد عمان - يعيش كل منا في فقاعة غير مرئية قمنا بإنشائها بعناية لحمايتنا من مخاوفنا أو أي صراعات بداخلنا لا نريد أن نواجهها. تحدث المؤلف مايكل سينغر في كتابه "The Untethered Soul" عن شخص يعاني وجود عدد من الأشواك المغروزة في ذراعه. وكان يشعر بآلام شديدة في كامل جسده مع كل حركة بسيطة يقوم بها بذراعه. وحتى يتمكن ذلك الشخص من العيش بدون ألم، كان عليه أن يتأكد ألا تتعرض الأشواك المغروزة في ذراعه لأي لمسة بسيطة. وبالتالي فهو غير قادر على النوم على سريره لأنه لو استغرق في النوم وتقلب على جنبه أثناء نومه، فبالتأكيد سيستيقظ على صعقات شديدة من الألم، لذا قام باختراع جهاز يمنعه من التقلب في الليل ويبقيه مستلقيا على ظهره، وبهذا تم حل مشكلة النوم. وعلى الرغم من حبه الرياضة، فقد كان من الصعب أن يمارسها بسبب احتمالية احتكاكه بلاعبين آخرين، مما سيسبب له بالتأكيد آلاما مبرحة هو في غنى عنها. لكن حبه الرياضة دفعه لاختراع ضمادة اسفنجية كبيرة يرتديها على ذراعه ليضمن عدم تعريض الأشواك المغروزة في ذراعه للاحتكاك بأحد، وعلى الرغم من أن ارتداء تلك الضمادة ليس مريحا أصلا إلا أنه يمكن القول إن مشكلة الرياضة تم حلها أيضا. من خلال ما سبق، يمكننا أن ندرك أن هذا الشخص تمكن من إيجاد حلول تسهل عليه العيش بدون ألم بالرغم من وجود تلك الأشواك المغروزة في ذراعه. لكن هذا ليس الواقع على الإطلاق. فما قام به ذلك الشخص ليس سوى تغطية المشكلة الحقيقية (الأشواك) وقام بجعل حياته كلها تدور حول هدف واحد؛ كيفية التأقلم وتجنب الألم. بالرغم من أن الحل الجذري لهذه المشكلة كان ببساطة إزالة تلك الأشواك المغروزة في ذراعه! الواقع أن الكثير منا يعيش بالطريقة نفسها ويسعى جاهدا لإخفاء أشواكه بدون محاولة إزالتها للأبد. أشواكنا يمكن أن تكون على هيئة صدمات تلقيناها في طفولتنا، مخاوف تنتابنا بين الحين والآخر، أو أي شيء من هذا القبيل. وبمجرد أن تظهر تلك الأشواك للعلن فإننا نحاول إغماض أعيننا عنها بدلا من مواجهتها ومحاولة التغلب عليها. الواقع أن المخاوف ولدت مع الإنسان منذ القدم وتطورت بتطوره؛ فبعد أن كانت مخاوف البشر من التعرض للافتراس من الحيوانات المنتشرة أصبحت المخاوف حاليا من نظرة الآخرين لنا وانطباعاتهم عنا وما شابه وهذا لا يعني أن المخاوف قديما كانت أقوى، فلو قمنا بقياس درجة الخوف لدى الإنسان الأول والإنسان في العصر الحالي سنجدها متقاربة إلى حد كبير. ومن خلال ما سبق، يمكننا استنتاج أن محاولة التأقلم مع مخاوفنا ليست الحل الأفضل دائما، يمكن أن يكون التأقلم حلا مؤقتا لكن يجب أن نضع في أذهاننا ضرورة مواجهة مخاوفنا ومنح أنفسنا الفرصة بأن نتغلب على مخاوفنا بدلا من أن نبقيها كالوحش المجهول ونقنع أنفسنا بعدم قدرتنا على مواجهته.اضافة اعلان