الموسيقى في البحرين تداخل الثقافات العربية والافريقية

الموسيقى في البحرين تداخل الثقافات العربية والافريقية
الموسيقى في البحرين تداخل الثقافات العربية والافريقية

    يعاين الناقد الدنماركي "بول روفسنغ اولسن" في كتابه "الموسيقى في البحرين" الذي ترجمته فاطمة الحلواجي وصدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر, فعل المشافهة التي اتبعت منذ القدم في حفظ الارث الموسيقي البحريني وتناقله من جيل الى جيل.

اضافة اعلان


   ويعتبر اولسن في كتابه الذي يتطرق الى الآلات الموسيقية انه قد يكون بالامكان التعميم على سائر انواع الموسيقى بأنها انبثقت من الموسيقى الصوتية لافتا الى ان الآلات الموسيقية عادة تخدم ادوات مرفقة ومكملة للغناء الا ان العزف يكون مأخوذا عن ذخيرة من الالحان الصوتية لانه وفي كل الحالات تعتبر جميع الآلات الموسيقية مستلهمة من التقنيات الصوتية الخاصة بمناشئها الاصلية اذا اعتبرنا هذه العبارة قياسا بموسيقى العالم العربي بأكمله في صحيحه دون شك فيما يتعلق بالموسيقى البحرينية.


      ويرى اولسن ان معظم الآلات الموسيقية البحرينية معروفة في معظم انحاء العالم العربي كالجفطي والقربة والصرناي والعود والطمبورة والدمبك والدف والمرواس والكاسر.


ويستعرض اولسن رقصة العرضة او رقصة الحرب التي تتم بالطبل والطار والطوس وتعني اظهار او اثبات القوة لافتا الى ان هذه الرقصة جاءت الى البحرين من شبه الجزيرة العربية حيث انها نشأت بين البدو ولا تزال تعتبر احد ملامح التعبير عن عالم البداوة اضافة الى الرقصات الاحتفالية الاخرى مثل العاشوري والدزة وكذلك غناء الغوص الذي يرى بأنه من الخطأ اعتبار ان اغاني الغوص حكرا على البحرين مشيرا الى انها ميزة تميزت بها مناطق اخرى من الخليج العربي كالكويت وقطر وابو ظبي الا انها دائما ما كانت تحظى بمكانة بارزة للغاية لدى المجتمع البحريني لافتا الى ان صناعة الغوص شكلت المورد الاوسع لمدخول الجزر حتى العام 1932 حين اكتشف اول حقل للنفط في البحرين مبينا ان الاغاني ترتبط ارتباطا مباشرا بصيد اللؤلؤ.


     ويؤكد اولسن على ان جزءا لا يمكن انكاره من الشعب البحريني ينحدر من اصول افريقية ترجع سلالاتهم الى عبيد عتقوا او آخرين لجأوا للبحرين فارين من مناطق خليجية اخرى مشيرا الى احتفاظ البحرينيين السود ببعض تقاليد اجدادهم الموسيقية التي استطاعت الاندماج بشكل او بآخر في النمط الثقافي المحلي مبينا ان غالبية عازفي الطبل والطار في مجموعة العرضة الايقاعية هم من السكان السود وان هذا قد انعكس على عزفهم الجماعي فلا يلاقي المستمع صعوبة في التفريق بين الغصن والكورس او بين عازف الطبل وعازفي الطبول المكملة وهذا المفهوم بالذات مستوحى من شرق افريقيا وغربها حيث يشكل عادة متوارثة في تلك المناطق وهنا تتحد الثقافات والتقاليد الافريقية والعربية البدوية خالقة من اتصالها مبتكرا جديدا حيث لا تشكل معرفة مصدر السمات الافريقية المتداخلة في العرضة مثلا فروقات كبيرة ومهمة وما اذا كانت تنتمي لهذا الجزء الافريقي او ذاك ويخصص اولسن فصلا لأنواع الغناء الديني ليخوض في مشكلتين رئيسيتين او ربما ثلاث.


الاولى: يدرس الغناء الاسلامي وغير الاسلامي معا


والثانية: لا غناء في الاسلام او على الاقل ليس ذلك الغناء وثيق الصلة

بالاظهارات الخارجية للإسلام مستثنيا من هذه القاعدة غناء المتصوفة والدراويش حيث تعد الموسيقى عاملا قويا واساسيا في لقاءات الذكر او ما شابه لتساعد في الجهد المبذول لخلق نشوة بهيجة واتحاد مع الله غير انه لا توجد جماعات صوفية في البحرين الا ان الكتاب اعتادوا مؤخرا على ادراج هذه التعابير الدينية في دراساتهم واصداراتهم حول الموسيقى.


     ويتطرق اولسن الى الاعتراف بوجود مشكلة ثالثة وهي صعوبة تحديد ما اذا كان الغناء دينيا او غير ديني لافتا الى ان الديني والدنيوي يتشابك في البحرين كما في معظم بقاع العالم في معظم التظاهرات او الاحداث الاجتماعية معتبرا انه من المنطقي ان نقبل بمختلف المجموعات الغنائية التي تؤدي اساسا بناء على مسبب سحري تبطنه عقلية المغني.


   كما يتطرق اولسن الى الاذان مبينا انه يشكل موسيقيا وبطرق مختلفة في الشرق الاوسط معتبرا ان هذه الاختلاف تعود الى جغرافيا البلد وموقعه والتأثيرات التاريخية فيه والطريقة التي وصل فيها الاسلام إليه.