"المياه".. بين مطرقة "كورونا" وسندان التغير المناخي

figuur-i
figuur-i

إيمان الفارس

عمّان – فيما تعصف أزمة “كورونا” بمختلف دول العالم، ومن ضمنها الأردن، ارتفعت وتيرة تحذيرات منظمات دولية متخصصة بقطاع المياه، من خطورة إهمال أزمة المناخ، والتي شخصتها على أنها أزمة مياه، معتبرة أنها ضربت أسرع وأصعب مما توقعه العلماء في هذا المجال.اضافة اعلان
ورغم وقوع الأردن في صميم تحديات مائية ناجمة عن ظروف مناخية طبيعية وإقليمية بالإضافة لعوامل جيوسياسية، ونتيجة لذلك؛ فهو الأشد تأثرا بانعكاسات تلك التغيرات، إلا أن أولويات محاربة أزمة وباء “كورونا” العالمية، أحاطت به من كل حدب وصوب، في سبيل الحفاظ على كافة عناصر صحة المواطن أولا.
ولا تدخر سياسات وزارة المياه والري جهدا في سياق التأقلم واستحداث حلول مستجدة للتعايش والتغيرات المناخية التي أثرت بدورها أولا على المياه الشحيحة المصادر أصلا في الأردن، وسط عجز مياه سنوي يواجهها، يتجاوز نحو 450 مليون متر مكعب.
ففيما يتصدر انعدام الأمن المائي، قائمة المخاطر العالمية، فإن تصنيف الأردن العالمي ضمن مراتب الفقر المائي، يغفل النظر عن تحديات مالية ومائية، تكاد تجعلها في موقع “الأولى” عالميا لا في المرتبتين الثانية أو الثالثة.
ولا شك أن ظروف أزمة فيروس “كورونا”، رفعت حالة الخطر في مختلف دول العالم، لا سيما الأردن، الذي حشد مختلف طاقاته المتوفرة في سبيل دعم كافة الخدمات الصحية والأساسية للمواطن، الذي يراهن على وعيه ومسؤوليته المجتمعية حيال الالتزام بتعلميات الحكومة لحماية الوطن والمجتمع بأكمله، ما استدعى تأجيل مختلف المحافل الدولية التي كان من المزمع مشاركته بها كونه من بين الأشد تأثرا بعوامل التغير المناخي.
ولا تتجاوز فيه حصة الفرد من المياه في الأردن حاليا، نحو 100م3 سنويا.
وفي الوقت الذي يفترض فيه تنظيم محافل دولية طارئة ومختصة في مجال المياه، من أبزرها أسبوع المياه العالمي في غضون شهر آب (أغسطس) المقبل في العاصمة السويدية ستوكهولم، والتي سجلت حاليا حوالي 3700 إصابة بفيروس كورونا المستجد أو كوفيد – 19، فإنها أعلنت عن تأجيل عملية التسجيل للمؤتمر في وقت لاحق من نيسان (أبريل) المقبل ووفق مستجدات أزمة الوباء العالمية.
وقالت التقارير العلمية الصادرة مؤخرا عن معهد ستوكهولم الدولي للمياه (SIWI) في هذا السياق، والتي اطلعت عليها “الغد”، إن العالم يكافح من أجل الاستجابة للظروف الطارئة وفق طرق متجددة، وسط حالة “صدمة” من العواقب الوخيمة غير المتوقعة لارتفاع درجات الحرارة.
ورغم أن هذا الأمر جاء مدعاة للناس بالحاجة الملحة للتكيف مع المناخ، فإن التقرير نوه إلى أنه لن يكون سهلاً، مشيرا بذلك لتقرير فجوة الانبعاثات الصادر عن الأمم المتحدة للبيئة للعام 2019 الذي قال، “يجب أن تزيد الالتزامات المناخية العالمية بأكثر من خمسة أضعاف في العقد المقبل”.
وربطت التقارير الدولية تغير المناخ بإشعاعه من خلال المياه، مبينة أن الشعور بجميع التأثيرات الرئيسة لتغير المناخ يتم تقريبًا من خلال المياه، مثل الكوارث كالفيضانات أو الجفاف، أو في شكل أمطار أكثر كمية لا يمكن التنبؤ بها، داعية جميع القطاعات ذات الصلة لدمج تدابير الحد من مخاطر الكوارث في هياكل الحوكمة الخاصة بها كجزء من التكيف مع المناخ من أجل بناء مجتمعات مرنة.
كما أن التقارير أوردت عامل ازدياد المنافسة على المياه، حيث إن تغير المناخ وتزايد عدد السكان وزيادة الطلب يؤدي لزيادة ندرة المياه في أجزاء كثيرة من العالم، مرجحة أن يشهد العالم منافسة شرسة على هذا المورد المحدود بشكل متزايد.
وحثّت التقارير على ضرورة إدارة المياه بكفاءة، وضمان حصول الفئات الضعيفة والطبيعة على نصيبها العادل، وسط إمكانية أن تساهم المياه بمساعدة الدول على إيجاد سبل للتعاون وتطوير استراتيجيات مناخية أكثر كفاءة مما لو كانت جميعها تدافع عن نفسها فقط.