المينيماليزم.. فن الاستمتاع بالفراغ والتخلص من الفوضى

المينيماليزم تعني البساطة والاستمتاع بالمساحات الفارغة
المينيماليزم تعني البساطة والاستمتاع بالمساحات الفارغة
الغد- هل يخنقك زحام الأشياء في منزلك، وهل يبهرك التسوق إلى الحد الذي تشتري فيه منتجات لست بحاجة إليها، وهل تستهلك طاقتك ووقتك في تنظيف أشياء عدم وجودها لن ينقص شيئا مما حولك؟ إذا كانت إجابتك عن الأسئلة السابقة نعم، فعليك إذن أن تعرف مزيدا عن "المينيماليزم". "المينيماليزم" (التقليلية، البساطة) ليست فكرة خيالية، فقد بدأت في الستينيات من القرن الماضي حركة فنية خرجت من عباءة المدرسة التجريدية، وتميزت بكونها تستخدم أقل العناصر والألوان، وتعتمد حذف التفاصيل وكثيرا من التبسيط. طُرحت أسلوبا للحياة عامة منذ عام 2005، بدراسة أطلقتها جامعة إلينوي حين فرّق القائم بالدراسة بين ما تقدمه التجارب والخبرات (قيمة للإنسان) وبين ما تقدمه الممتلكات والأشياء المادية. ويرى عالم النفس الأميركي توماس جيلوفيتش أن تأثير التجارب والخبرات أكثر بقاء وأطول أثرا في شخصية الإنسان، بينما تفقد الأشياء المادية والمقتنيات بريقها وتنفصل سريعا عن صاحبها، كما نقل تقرير للجزيرة نت. وفي اليابان ظهرت "التقليلية" وشرح كتابُ "وداعا للأشياء التقليلية اليابانية الجديدة" كيفيةَ بدء منهج التقليل. احتفظ بكل ما يخدم أهدافك اليومية فقط وليس المستقبلية (بيكسابي) وكان ذلك نتاج ما تتعرض له اليابان من كوارث وزلازل مستمرة، فاعتمد شعبها سياسة اختزال الأشياء والاعتماد فقط على الأهم والأقل، كما تتلخص فلسفة الكتاب في أن البساطة في حد ذاتها ليست هي الهدف، وأن خفض عدد الممتلكات ليس هو المنشود من مفهوم التقليلية اليابانية، وإنما الهدف هو العيش في حدود الأشياء التي تعتبرها مهمة حقا لك. في البلدان العربية، بدأت الفكرة في الانتشار، وتوسعت أعداد المؤيدين لها، سواء في التقليل من حجم استهلاكهم، أو شكل الحياة حولهم، والعودة للطبيعة فيما يأكلون ويستهلكون، واستخدام أقل الأشياء، وأكثرها قدرة على الإتيان بنتائج مبهرة، فحلت بيكربونات الصودا والليمون وملح الطعام والخل والشاي محل صابون الغسيل وسوائل التنظيف المختلفة. لا داعي لتكديس الأشياء، وإعادة التدوير، هي المهمة التي ستوفر لك فرص امتلاك الأشياء لمدد أطول، واستغلالها بأكثر من طريقة، رتبْ كل شيء في حياتك، خزانتك، استغن عن كل ما لا يلزمك، هاتفك وحاسوبك عليك بإعادة جدولتهما ومعرفة أي التطبيقات تحتاجها بالفعل فيهما، وأيها زائد على احتياجك الفعلي. تخلص من جميع الأشياء والملابس والتطبيقات الزائدة في حياتك (بيكسابي) منذ عامين تكونت مجموعة عبر فيسبوك، وأنشئ أول "جروب" لشرح فكرة المينيماليزم، تحت عنوان "بالعربي.. بساطة" من خلاله انتشرت الفكرة، كيف نخلق حياة بسيطة، لا تستهلك وقتنا وطاقتنا للحفاظ على أشيائها، أكثر من أن نحاول الاستمتاع بها، حاولت المجموعة تبسيط ذلك المفهوم الحديث، وهو ما يمكن التعبير عنه بالعربية بكلمة واحدة "البساطة". عبر فيديوهات شارحة، ولقاءات حية للتواصل بين أعضاء المجموعة، نجحت مؤسِّسته ياسمين مدكور -الناشطة في مجال حقوق المرأة- في توصيل فكرته بسهولة ويسر، وتحولت المجموعة مع الوقت لمنصة للإفادة بين أعضائها، يشرحون من خلالها تفاصيل ما يقومون به من التبسيط، ومنح حياتهم فرصة للعودة من جديد. خطوات مفيدة هناك خطوات عدة إذا اتبعتها بشكل صحيح، فاعلم أنك تحولت لإنسان "مينيماليزمي" أو بالأحرى "شخص بسيط". تقللْ من حجم استهلاكك في الملابس -كما وكيفا- ولا تفكر في استهلاك الجديد، إلا لو كان استهلاكا قريبا، ولا تتبع نمط التخزين للعام المقبل، أو شراء ملابس ضيقة تنفعك حين تنحف، أو واسعة تليق بك الموسم المقبل. ومن ذلك تقدير المساحات الفارغة، في بيتك وغرفتك، وفي دولابك وحاسوبك وهاتفك، سيجعلك الإحساس بالفراغ من حولك قادرا على الشعور بالراحة والاستمتاع بتقليص مساحة الفوضى في حياتك. ومن الأساليب لحياة بسيطة ألا يوجد لديك اعتراض على شراء الأشياء المستعملة، أو تبادلها لدوام المنفعة، وعليك ألا تهدف للادخار، لكنك بالتأكيد تعرف جيدا أين تنفق أموالك، فتفضل كثيرا شراء منتج مرتفع الثمن عالي القيمة، عوضا عن عدة منتجات رخيصة وغير مؤثرة. بعد حين، ستجد نفسك تهدف للحفاظ على البيئة من خلال نظامك التبسيطي، فتميل لاستخدام البلاستيك القابل للتحلل، وتقليل استخدام المواد المشبعة بالكيميائيات. وبذلك، تحقق لنفسك حياة مرتبة وبسيطة ومركزة، خالية من الفوضى والإرباك، كما توفر لك الوقت والجهد، وتجلب لك سعادة وتنشيطا للعقل والفكر.اضافة اعلان