الناطور ينثر الفرح بين الأيتام وكبار السن ومرضى السرطان

أمل غوانمة

إربد- لم يكن يدري يوسف الناطور ابن الحي الشرقي في محافظة إربد، أن الأحلام والطموحات تتحقق اذا انتهج الإنسان طريق التحدي والإصرار وتجاوز الصعوبات بإيجابية.اضافة اعلان
سعى الخمسيني المُكنى "أبو رامي" دوماً لنيل شهادة البكالوريوس في المحاسبة حتى نالها، فحقق الامتياز في الثانوية العامة، غير أن باب الجامعة أوصد أمامه نظراً لتكاليفها المرتفعة، فحصل على الدبلوم ثم البكالوريوس في التخصص الذي رغب ونال شهادته.
يروي الناطور لـ"الغد" عن صعوبات كثيرة يتعرض لها معظم الشباب في مقتبل العمر، إلا أن الناطور فتح لأحلامه أبواباً كثيرة، من خلال التنقل في العمل الحرفي والصناعات بعد إنهاء المحاضرات الجامعية.
بدأت رحلة الناطور في مجال تنظيم وتنفيذ فعاليات ترفيهية برفقة مجموعة من شباب الحي، ويبحث بها عن مصدر رزق متواضع بدون كلل، حسب قوله، وبعد التأييد من قبل الأصدقاء والعديد من المعارف، قرر العام 2002 تأسيس أول فرقة ترفيه في الشمال تحت مسمى "فرقة العم أبو رامي الناطور" ومكتبها القائم في الحي ذاته، ليؤكد بها أن المواهب الشبابية المتنوعة في الفرقة ستكون أمل الغد. تنظيم المسابقات، مواهب فنية، مواهب فردية وأخرى جماعية؛ كلها ميزات جعلت الفرقة تتميز في زمنها، وبدأ الطلب عليها من قبل مؤسسات وجمعيات خيرية ومدارس وحتى حفلات أعياد الميلاد، فمن هنا ثبتت الفرقة وجودها وقدراتها وسعيها لإيجاد سبيل عيش كريم.
لم تغب التحديات والظروف القاسية يوماً عن حياة الناطور في كل خطوة يخطوها نحو الأمل، فقرر الهجرة والبحث في دول الخليج عن مصدر دخل يحقق به حياة كريمة لأسرته الصغيرة.
يريد الناطور بعد أن أتم العقد الثالث من عمره أن لا تعاني أسرته ما يعانيه، فانتقل الى المملكة العربية السعودية وعمل كمسوق تجاري ومدير علاقات عامة ومساعد مدير في إحدى المؤسسات التجارية، وقرر التعاون مع جهات عدة لتنظيم أنشطة ترفيهية لصالحها مقابل أن يحسن من دخله لتحميه من قسوة الغربة، على حد تعبيره.
يقول الناطور "كنت أذهب كل يوم مسرعاً للعمل بكل حب وشوق ولهفة؛ حيث وجدت نفسي أخيراً رائد الأنشطة الترفيهية".
خطط الناطور لأكبر مهرجان ترفيهي مع أحد المولات التجارية، ليقوم بتنظيمه بحضور أعداد كبيرة في إحدى الحدائق الواسعة.
وبكل ثقة وعزيمة وتطور حققه الناطور بغربته، عاد لموطن رأسه لمحافظة إربد متلهفاً لأن يعيد النشاط لفرقته، وعليه قرر فيما بعد إشراك أبنائه الأربعة وابنتيه، يميزهم أصغر الأعضاء، وهي ابنته التي ما تزال في الصفوف المدرسية الأولى، والتي توارثت المهنة بكل حب.
عادت الفرقة عملها بعد أن أعاد الناطور تدريبها على أساليب الترفيه العالمية مثل؛ تطوير مهارة ألعاب الخفة التي يؤكد الناطور أنها الأكثر إثارة وجماهيرية، كذلك الرقص الترفيهي بنظام الفرقة الواحدة، وبأسلوبين غربي وشرقي المتعارف عليهما في المهرجانات العالمية، بالإضافة لهندسة الصوت للمزيد من الإثارة والمرح وتطوير قدرات الشباب في التقديم وإدارة الحفل وتنسيق المسابقات.
ثم باتت عدوى التحدي تشيع بين أعضاء الفرقة، الأمر الذي حقق به الناطور إنجازات يحتذى بها، لاسيما أن هذا العام فقط نظمت الفرقة حتى الآن (321) حفلاً ترفيهياً للعديد من المؤسسات الحكومية والخاصة بدعم مالي رمزي جداً، وذروة العمل كانت في الشهر المبارك الذي نفذت به الفرقة 22 حفل إفطار في مختلف مناطق إربد.
يقول الناطور، إن أبرز إنجازات فرقته حتى الآن، من وجهه نظره، هي تنظيم أول مهرجان ترفيهي خاص للتوائم على مستوى المملكة بحضور أعداد كبيرة، وحصلت به الفرقة على الثناء والإشادة، وتم اعتباره من أنجح المهرجانات.
كما شاركت الفرقة بـ"مهرجان جرش"، ومهرجان "أردن النخوة"، وكذلك في الاحتفالات الوطنية، على حد ذكره.
ولم يتقاعس الناطور عن تخصيص جُل أعمال الفرقة لصالح ترفيه كبار السن والأيتام ومرضى السرطان ضمن برنامج متكامل على مدار العام.
الخمسيني حارب اليأس في كل تحدّ، حتى بات يحارب مرض الكبد الذي حل به منذ حوالي عشرة أعوام، وعاد ليكون قدوة الشباب التي يحتذى بها في تحدي الصعاب والمحن.
ويشيد الناطور بالشباب الذين اعتبرهم الكنز بذاته، ولا قيمة لشيء في الدنيا أعظم منهم على الرغم من أن الخسارة والفشل قد يوقعان بمعظمهم في بئر اليأس والاستسلام، لكنهم عبارة عن طاقة عجيبة لو أرادوا سيتمكنون من تحويل مسار الفشل.