النظام الضريبي لدول الشرق الأوسط يدعم الأعمال ويعزز الشفافية

عمان - الغد - رسم مؤتمر إرنست ويونغ للضرائب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2012، ملامح تطور النظام الضريبي لدول المنطقة. وقد شهد هذا العام حضور أكثر من 250 من كبار المسؤولين الماليين والخبراء الضريبيين من جميع أنحاء المنطقة لهذا المؤتمر الذي ترأسه شريف الكيلاني، رئيس استشارات خدمات الضرائب لإرنست ويونغ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.اضافة اعلان
وتأثرت السياسات الضريبية لجميع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقريباً بالتطورات والضغوط الاقتصادية التي شهدتها المنطقة خلال العام الماضي. وبينما تحولت بعض تلك الدول إلى نظام ضريبي أكثر شفافية ودعماً للأعمال، شدد بعضها الآخر من قبضة قيودها التنظيمية وتطبيقها للنظام الضريبي، ما أدى إلى زيادة الأعباء الإدارية واحتمال ارتفاع تكلفة العبء الضريبي على الشركات الأجنبية. إلا أن الملاحظة العامة، هي أن معظم تلك الدول خفضت نسبة ضرائبها لتشجيع الاستثمار، في الوقت الذي تفرض فيه السياسة المالية زيادة المحصلات الضريبية لتعزيز الموارد المالية العامة وتمويل التنمية الاجتماعية.
وفي سياق تعليقه على هذه التطورات، قال شريف الكيلاني: "تعتبر التطورات التي نشهدها والتي تتجلَّى في شكل قوانين ضريبية مواتية للأعمال والاستثمار وتعزيز شفافية وتطبيق الأنظمة، إيجابية من وجهة النظر المالية والضريبية. وتأخذ هذه التغيرات بعين الاعتبار وبشكل صائب، تأثير أزمة منطقة اليورو التي لاتزال تلقي بظلالها القاتمة على الاقتصاد العالمي. وهكذا أصبحنا نرى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تنفذ خطط استثمار مواردها المالية وتنمية بناها التحتية واقتصاداتها، بطريقة أكثر واقعية مما شاهدناه في الماضي."
وفيما يتعلّق بالتحديات التي تواجه دافعي الضرائب، فكثيراً ما تتبنى السلطات الضريبية في منطقتنا، تفسيرات أكثر شموليةً وأحياناً أخرى أكثر محليةً لمفاهيم ضريبية قد تختلف عن تلك السائدة في مناطق أخرى من العالم فعلى سبيل المثال، يتطلب تفسير وتطبيق القوانين الضريبية الجديدة التي تتعلق بشركات النفط والغاز الأجنبية، الاستعانة بخبراء محليين متفهمين لتلك القوانين ومتمرسين في التعامل مع السلطات المعنية.
وتعتبر العمليات متزايدة التشدُّد لتقييم المستحقات الضريبية ونتائجها الأقل جاذبية فيما يتعلق بالإفصاحات الخاصة بتقدير الأرباح الخاضعة للضرائب، توجهات قد تترك آثاراً كبيرة على التكلفة الضريبية للشركات خلال الأعوام المقبلة. ونحن نرى أن السلطات الضريبية في جميع أنحاء المنطقة، إما أنها تتشدَّد إزاء الإفصاحات الخاصة بتقدير الأرباح الخاضعة للضرائب، أو تتخلى عن خيار التقدير الجزافي للضرائب المستحقة.
وبخصوص السعر المحايد والمعاهدات الضريبية، تخوِّل القوانين الضريبية المصرية والعُمانية والقطرية السلطات الضريبية الآن، حق مراجعة تسعير تعاملات الأطراف ذات العلاقة ومقارنتها مع السعر العادل السائد في الأسواق. وأصدرت دول عدة مثل مصر وقطر لوائح تنفيذية تحدد طرق التسعير المقبولة وتفرض على دافعي الضرائب الإفصاح عن معلومات محددة خاصة بتعاملات الأطراف ذات العلاقة.
وتفرض دول مثل مصر وقطر والكويت وعُمان حالياً، أحكاماً ضريبية تتعلق بهذا الشأن. وأضاف شريف قائلاً: "في مصر على سبيل المثال، إذا تجاوزت نسبة مديونية أية شركة إلى حقوق حملة أسهمها معدل 1:4 لا تتمتع الفائدة المرتبطة بهذه الزيادة للخصم الضريبي. وفي الكويت، قد لا تستطيع الشركات خصم الفوائد المدفوعة لمؤسسات مالية مُقرِضة تقع خارج الكويت من وعائها الضريبي، وبالتالي، فمن المهم مواصلة تتبع تطور الممارسات الضريبية لمختلف دول المنطقة، لأن تلك الممارسات معرَّضة للتغيير والتطور باستمرار."
وقد ارتفع عدد الاتفاقيات الضريبية التي أبرمتها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل كبير، حيث باتت الشبكة الكبيرة لتلك الاتفاقيات توفر الآن فرصاً متنامية لتخفيف أعباء ازدواجية الضرائب، من خلال احتجاز ضرائب الدخل والإعفاء منها أو تخفيض نسبة أسعار الضرائب المفروضة.
وفي سياق تعليقه على العوامل التي ترسم معالم الساحة المالية خلال الأعوام المقبلة، قال شريف: "من وجهة النظر الضريبية الإقليمية، من المرجح أن نشهد استمرار هيمنة أسعار ضرائب منخفضة لتشجيع الاستثمار المحلي والإقليمي. وسوف تواصل الدول مواجهة ضغوط مالية تستدعي زيادة حصيلة الضرائب لتمويل برامج تنمية اجتماعية وتكاليف دعم أسعار السلع الأساسية. كما سوف نشهد تحركات لفرض قوانين وأنظمة ضريبية أكثر تعقيداً تستهدف توسعة الوعاء الضريبي والتشدد في تحصيل الضرائب. وسوف توفر تلك الإجراءات بيئة ضريبية أكثر تحدياً في العديد من الدول، بالتزامن مع تزايد عملية التقييم مع تنامي مستوى التشدد في التعامل مع المعاملات العابرة للحدود وتعاملات الأطراف المعنية. وسوف تستمر تلك التوجهات في جميع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقريباً".
وقد تضمّن مؤتمر شركة إرنست ويونغ للضرائب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2012، مناقشات تبادل خلالها مسؤولو الضرائب في الشركات العالمية وخبراء استشارات الضرائب في إرنست ويونغ خبراتهم ووجهات نظرهم وسلَّطوا الأضواء على التغيُّرات التي شهدتها الأنظمة والممارسات الضريبية مؤخراً في مصر والعراق والكويت وليبيا وعُمان وقطر والسعودية. كما ناقشوا تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية والتحولات السياسية على السياسات المالية والضريبية في المنطقة، والقضايا الرئيسية التي تواجه دافعي الضرائب في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. واشتملت المواضيع التي طرحها الحضور على تحديث المعلومات الخاصة بسياسات السعر المحايد والاتفاقيات الضريبية.