"النقد الدولي" يلاحق "التقاعد المبكر"

يبدو أن الأردن مقبل على سنوات أربع "عجاف"، ومشواره مع صندوق النقد الدولي طويل جدا، فهو مطالب بتسديد 12 مليار يورو، أي ما يقرب من المليار دينار، بدل سندات "يورو بوند"، خلال الفترة الواقعة ما بين العام الحالي وحتى العام 2022. إن الأردن مقبل لا محالة على اتخاذ خطوات ثلاث، أحلاهم مر لا بل علقم، في حال لم يستطع تسديد ما عليه من ديون للصندوق الذي أنهت بعثته زيارتها لعمان مؤخرا، لمتابعة برنامج التصحيح الثاني أو المراجعة الثانية للاقتصاد ضمن برنامج الإصلاح المبرم مع "النقد الدولي"، بهدف التأكد من مؤشرات الأداء للاقتصاد الأردني. الخطوة الأولى تتضمن توقيع برنامج تصحيح اقتصادي جديد مع هذا الصندوق، أما الثانية فهي تتمحور حول تمديد البرنامج الحالي، بينما تتمثل الخطوة الثالثة بإعادة جدولة الديون بفوائد جديدة، والتي يبلغ مقدارها سنويًا 1.2 مليار دولار أميركي، أي نحو 845 مليون دينار. إن ذلك يتطلب من الدولة والحكومة والشعب أن يعدوا العدة لقابل الأيام، أو لمرحلة ما بعد 2019 – 2022، فصندوق "الفقر الدولي"، لا يهتم لأحد ولا يقيم وزنا لدولة، فهو لا يضع توصيات فقط، كما يروج البعض، وإنما يملي شروطه فيما يتعلق بالإصلاحات المالية أو الاقتصادية. وما يدل على ذلك ويؤكده، أن بعثة الصندوق طرحت، خلال اجتماع عقدته قبل أيام مع رئيس وأعضاء جمعية رجال الأعمال الأردنيين، قضية التقاعد المبكر، وإشاراتها إلى أنه أصبح عبئا على المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أولًا، وعلى خزينة الدولة ثانيا. وما رشح من معلومات، يفيد بأن بعثة "النقد المشؤوم"، أوصت بضرورة إعادة التفكير بالتقاعد المبكر، إما بإلغائه أو تأجيله إلى أعوام، بحجة "حتى تتمكن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي من ترتيب أوضاعها، وأن الوضع الاقتصادي والمالي في الأردن لا يسمح بمثل هذا التقاعد". سيناريوهان موضوعان أو محتملان لقضية التقاعد المبكر، الأول رفع العمر المستحق لهذا التقاعد، والثاني تأجيل الدفع للمستفيد من الضمان حتى يبلغ الـ60 عامًا، ولا ضرر بأن يعمل خلال تلك الفترة، من غير اشتراك بالضمان، حتى يبلغ ذلك العمر، وبالتالي يستحق راتبه التقاعدي "المبكر". صحيح أن "التقاعد المبكر" في كثير من الدول غير موجود، وأن هناك العديد من المواطنين يتعاملون مع هذا الموضوع بشكل خاطئ، فهذا التقاعد وجد للخروج الاضطراري من النظام التأميني للضمان، لكنه يظل حقا كفلته القوانين. مرة جديدة، سيكون المواطن وجيبه وضنك عيشه، هو هدف الحكومة الحاضر والمستقبل، حتى تستطيع الالتزام بتسديد الديون وفوائدها للجهات المقترضة وعلى رأسها "النقد الدولي".. ما يوحي بأننا مقبلون على أيام أو سنوات عصيبة. على المواطن أن يكون مستعدًا لمزيد من الجبايات، وعلى الحكومة أن تتحمل عواقب قرارات، ستتخذها لا محالة في المستقبل القريب.. فـ"عنجيهة" ذلك الصندوق وصلت إلى درجة يؤكد فيها أن أداء الحكومة الاقتصادي "ليس كما يجب، وعليها اتخاذ قرارات بشكل أسرع، حيث يوجد بطء في القرارات. ولا بد للحكومة أن تجري عمليات جراحية وليس فقط إعطاء مسكنات". على الحكومة إذا كانت جادة، كما تدعي ليل نهار، بأن مصلحة المواطن ورغيف عيشه وتحسين مستواه على رأس أولوياتها، اللجوء إلى حلول بعيدة عن قوت المواطن، أولها تخفيض نفقاتها ومصروفاتها، وتحفيز الاقتصاد الأردني، خصوصا أن نسبة النمو متواضعة، وإعطاء حوافز أكثر وأفضل للاستثمارات. وتبقى المشكلة قائمة، إذا بقيت الحكومة تفكر بنهج الجباية!.اضافة اعلان