النواب.. أدوار متعددة و متداخلة

الحديث عن ادوار النواب على انها تشريعية ورقابية توصيف صحيح لكنه ناقص فالنواب يملكون سلطة الشعب الذي هو مصدر السلطات فيقولون كلمتهم الفاصلة في السياسات التي ترد في بيان الحكومة. ولا تكتمل شرعيتها الا بنيل الثقة كما يقرون خطة الانفاق السنوية للدولة التي تاتي على هيئة مشروع للموازنة وبذلك فهم يملكون اهم مفاصل السلطة التي تترجم نص المادة 24 من الدستور "الامة مصدر السلطات".اضافة اعلان
لهذه الاسباب من المهم ادراك ان موافقة النواب واقرارهم للسياسات التي يتضمنها البيان وتاكدهم من ملاءمة الفريق الوزاري وقدرته على تنفيذ هذه السياسات هو الاساس الذي يمكن الحكومة من ان تقوم باعمالها ملتزمة بالشرعية التي رسمها الدستور ودون ذلك فهي مكلفة حتى تنال الثقة وان لم تنلها تستقل.
على صعيد اخر ينظر مجلس النواب بمشروع الموازنة باعتباره خطة الانفاق التي تضعها الحكومة لانفاذ السياسات التي جرت مناقشتها في البيان فمن المهم ان يرتبط التخصيص بالاهداف وان يسأل النواب عن المخصصات التي جرى ترصيدها لكل هدف وبند من اهداف وبنود البيان وبغير ذلك تصبح المناقشة مهرجان استعراض خطابي ومطالب اضافية للنواب ومناسبة للسماح باحداث تجاوزات وعقد صفقات بين النواب والحكومة.
اليوم وفي اي مقام يتحدث الناس عن مجلس النواب بصفته سلطة تشريعية ورقابية وهذا صحيح لكن الغائب فيما يقوله الناس حقيقة ان الحكومة هي التي تضع مشاريع القوانين بالرغم من ان الدستور اتاح للنواب ان يتقدموا بمشاريع للقوانين اذا ما اتفق عشرة منهم وصاغوا مشروعا يتصدى لأمر من الامور ويعالج ظاهرة تواجه المجتمع وتستدعي التنظيم لكن ذلك نادر الحدوث في مجالسنا النيابية عبر مسيرتها التي استمرت لاكثر من تسعين عاما.
مع قرب موعد الانتخابات الذي اصبح شبه مؤكد واستعداد بعضهم للمشاركة يرقب الجميع حركة المترشحين وصورهم دون ان يسمعوا الكثير عن البرامج او الافكار والتصورات التي يحملونها لمستقبل الاردن او مشاريعهم واقتراحاتهم للتعاطي مع التحديات التي تتنامى يوما بعد يوم.
لا يختلف الوضع في المدينة عما نشهده في الارياف والبادية فالكل منشغل بتثبيت القائمة وتعليق الصور والتدقيق في قوائم الناخبين ودحض ادعاءات المنافسين وزيارات المجاملة واعادة انتاج ادبيات الاخوة والفزعة والاستمالة التي يلجأ لها المترشحون عند كل انتخابات او منافسة.
الانسحابات التي حصلت في قوائم بعض الدوائر كانت الحدث الابرز للاسبوع الماضي والتخمين حول ما ورد في بيانات وتبريرات المترشحين لفت الانظار واثار فضول المحللين. وفيما اذا كان غياب بعض اعضاء المجالس السابقة مقدمة لتغيير شكل العمل البرلماني. فللمرة الاولى منذ سنوات يتغيب الرئيس السابق عن المنافسة ويخرج من السباق بعض الشخصيات النيابية التي اثارت اهتمام المواطن.
مع كل ما يجري من تفاعلات وتبديل في الوجوه وتزاحم غير مسبوق لا يشتمل المشهد على برامج لافتة ولا على طروحات يمكن ان يرى فيها المواطن استجابة مناسبة للمعاناة. فالمواطن اليوم يتطلع الى طروحات حول الخطة الصحية والاستجابات الاقتصادية ومجابهة البلطجة والفساد واقتراحات حول شكل ونوعية التعليم واصلاح لطريقة تشكيل الوزارات ومحاسبة المقصرين والمسؤولين عن التدهور.
فكرة المقارنة بين سجل النائب الفلاني في حضور الجاهات والتوقيع على البيانات وحجم الشتائم التي اطلقها على الكيان الصهيوني ونبرة الصوت وهو يتحدث بلغة جارحة مسيئة مع رئيس الحكومة او الزملاء لا تشكل برامج انتخابية كما ان الانفاق الهائل على الحملات والتقرب المفبرك للناخبين لا يغني ولا يعوض الناخب عن حقه في الحصول على تصورات واضحة واجابات صادقة وصريحة لكل التحديات التي تواجهها البلاد.