"النواب".. اللوحة أمامكم فتأملوا

وكأن أشهر الحراك السياسي الطويلة لم تكن؛ لا الدولة نجحت في تجديد نخبها، ولا المجتمع أمسك بلحظة التغيير. النظام الانتخابي ظالم بلا شك، ولم يعط للقوى الصاعدة فرصة عادلة للمنافسة، بدليل عزوف طيف واسع من الناشطين من غير الإسلاميين عن الترشح للانتخابات. لكنّ ما تكشّف أيضا هو أن المجتمع الأردني صار أسيرا لهوياته الفرعية بكل تنويعاتها.اضافة اعلان
القائمة الوطنية كانت نافذة الأمل الوحيدة في قانون الانتخاب. بيد أن الصيغة المعتمدة أفرغتها من مضمونها، فقد تم تشتيت المقاعد الـ27 بين 22 قائمة؛ أعلاها فاز بثلاثة مقاعد، وثلاثة قوائم فازت بمقعدين لكل منها، بينما كانت المقاعد المتبقية من نصيب 18 قائمة بمعدل مقعد واحد لكل منها.
بعد أن انكشف عقم القائمة المغلقة، يستحيل على حزب سياسي أو شخصية عامة أن تجد سبعة أو ثمانية "متطوعين" للترشح على القائمة، فقط من أجل عيون رئيس القائمة، فيما يحصد غيره الفشل.
لكن هذا ليس وقت استخلاص الدروس؛ فالاهتمام منصب حاليا على تشكيلة مجلس النواب السابع عشر.
اللوحة أمامكم، ولكم أن تتأملوا فيها؛ الأحزاب اليسارية والقومية خسرت المعركة بعد أن راهنت على الفوز ولو بمقعد واحد لرئيسة قائمة النهوض، النائب السابق عبلة أبو علبة. تمثيل اليسار والقوميين سيناط إلى نواب مستقلين، ولكنهم محسوبون على التيار، وعددهم لا يزيد على أصابع اليد الواحدة.
حزب التيار الوطني يعيش حالة صدمة بعد أن حصلت قائمته على مقعد يتيم، كان من نصيب رئيس الحزب عبدالهادي المجالي، الذي قال مقربون منه إنه ومن هول الصدمة بات يفكر في الاستقالة. الحزب لم يكشف بعد أسماء الفائزين على قوائمه الفردية، وإن كانت التقديرات تشير إلى تواضع العدد.
حزب الجبهة الموحدة ليس بأفضل حال من "التيار الوطني"؛ فقد حصل على مقعد واحد "قوائم". أما تمثيله العام في مجلس النواب فلم يتضح بعد.
الأحزاب الوسطية خرجت من المولد بلا حمص؛ حزب الرسالة فقط نجح في إيصال أمينه العام حازم قشوع الذي ترأس قائمة "المواطنة". القائمة كانت محل جدل كبير خلال الحملة الانتخابية، لكن وبالرغم من ادعائها تمثيل الأردنيين من أصل فلسطيني، إلا أنها لم تنجح في تحقيق اختراق جدي. فقد أظهرت النتائج أن أصوات تلك الأوساط ذهبت للقوائم المشكلة على أساس عشائري وقبلي، حالها حال قوائم "شرق أردنية" ظفرت بعدد غير قليل من مقاعد القائمة الوطنية.
الفائز الأكثر تمثيلا في البرلمان هو الوسط الإسلامي الذي نال ثلاثة مقاعد على المستوى الوطني وعشرة على الفردي، حسب مصادر قريبة منه. ويرى مراقبون أن الوسط الإسلامي اقتنص أصوات المتعاطفين مع التيار الإسلامي في غياب ممثلهم التقليدي جبهة العمل الإسلامي. والمرجح أن يبادر الحزب في وقت قصير إلى تشكيل كتلته البرلمانية، والتي ستضم مستقلين إلى جانب أعضاء الحزب.
فوز قائمة "الأردن أقوى" بمقعدين لم يكن مفاجأة؛ فقد أظهر استطلاع للرأي أنها ستفوز بمقعدين، مستندة في ذلك إلى الحضور الإعلامي لرئيسة القائمة السيدة رولا الحروب عبر شاشة "جوسات"؛ المحطة المحلية المشاهدة على نطاق واسع في المجتمع المحلي. والتوقعات ذاتها كانت لقائمة "وطن" التي يتزعمها النائب السابق عاطف الطراونة.
في الإطار العام، مجلس النواب الجديد يضم 50 نائبا سابقا، بينهم نحو 30 من المجلس السادس عشر. أما النواب الجدد فنحو 100، غالبيتهم الساحقة من المستقلين غير المسيسين.
لوحة نيابية التأمل فيها يرهق البصر ويوجع القلب.