النواب بين هواجس الحل وتسريبات التمديد

على مدار أسبوع مضى انشغلت مواقع الكترونية ومحللون بالحديث عن إمكانية حل مجلس النواب بعد الانتهاء من اقرار موازنة الدولة عن العام 2020، وبموازاة ذلك ارتفعت ايضا وتيرة توقعات لدى اطراف اخرى حول إمكانية تمديد عمر مجلس النواب لعام جديد . بداية، لا بد من التأكيد على أن الحل والتمديد دستوريا بيد جلالة الملك، بمعنى ان الدستور واضح وصريح في هذا الجانب، وأي اجتهاد في هذا الصدد سواء كان يتعلق بحل النواب أو التمديد لهم يعتبر أمنيات لأصحابها ترتكز بعضها على رؤيتهم وتحليلاتهم، وأيضاً علينا ملاحظة أن عمر مجلس النواب الحالي لا ينتهي بنهاية الدورة العادية الرابعة في العاشر من أيار/ مايو المقبل، وإنما ينتهي عمره دستوريا في أيلول/ سبتمبر المقبل ما يعني أن هناك إمكانية لعقد دورة استثنائية للنواب بعد انتهاء دورتهم العادية، كما ان الدستور يسمح بتمديد الدورة العادية ايضا. اصحاب رؤية حل مجلس النواب بعد انتهاء الموازنة أخذوا على اعضاء المجلس التصويت بالسماح بمحاكمة الوزراء والتصويت على ذلك، وفي نفس الوقت عدم رفع الحصانة عن زملائهم، وهو أمر رآه البعض عدم توازن في التعامل مع القضايا المطروحة، وأولئك لم يأخذوا بالاعتبار أن موضوع حصانة الوزراء تختلف تماما عن حصانة النواب، فالنواب بلا حصانة عندما تكون دورتهم غير منعقدة، وبالتالي يخضعون للمحاكمة والاستدعاء بشكل طبيعي دون رفع حصانة عنهم، وبالتالي فإن حصانتهم وقتية وليست دائمة، بالمقابل فإن حصانة الوزراء دائمة ومستمرة ولا يمكن للوزير الوقوف أمام القضاء دون أن يسمح النواب بذلك، وهو الامر الذي لاحظه النواب وعلى اساسه كان مجمل تصويتهم. شخصيا، لا أعتقد ان فكرة الحل التي يتوجب ان تكون مسببة حاضرة عند صاحب القرار، اذ لا يمكن المجازفة بحل المجلس والتسجيل على الدولة الحل قبل أوانه، فالحل له تكلفة يتوجب أخذها بعين الاعتبار، لاسيما وان المدة المتبقية للمجلس ضئيلة ويمكن ترك الامور تسير في مسارها الطبيعي. أما أصحاب رؤية التمديد فإنهم يستندون على منطلقات مختلفة أولها أن الظرف السياسي العام في الكثير من دول المنطقة ضبابي والمعطيات السياسية قد تفرض رؤى مختلفة وقانون انتخاب مختلفا عن القانون الحالي، وأولئك يعتقدون ان قانون الانتخاب الحالي بحاجة لورشة تعديل طويلة لن يسمح الوقت المتبقي من عمر المجلس القيام بها وبالتالي يرون ان التمديد قد يكون الطريق الاسهل لذلك، كما يظهر صوت من اصحاب فكرة التمديد يرى ان الحكومة الحالية يتوجب منحها وقتا أطول لتطبيق خطتها وإصلاحها الذي بشرت به، وبالتالي فإن الحل وفق رؤيتهم سيقطع الحبل بها في منتصف الطريق، مستذكرين أن الحكومة دستوريا يتوجب عليها الاستقالة في حال حل مجلس النواب ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة اللاحقة. بطبيعة الامر، فإن كل طرف يستند لرؤيته وأمنياته، فيما ان الواقع الدستوري أمامنا يقول ان مجلس النواب أمامه دورة عادية ما تزال في بدايتها، وهناك إمكانية لدورة استثنائية ان وجد قوانين مستعجلة بحاجة لموافقة النواب، ولذا فإن الامور لا تؤخذ بالأمنيات والتوقعات، وإنما على كل الاطراف سواء التي ترى الحل قريبا او تلك التي تتحدث عن تمديد ملاحظة ان قرار الحل بحاجة لأكثر من منعطف سياسي اكثر بكثير من قضية حصانة نواب ووزراء، وكذلك فإن التمديد ايضا بحاجة لذات الامر. اخيراً، فإنه من الطبيعي ان يرتفع منسوب التوقعات والتحليلات حول مصير مجلس النواب وهي توقعات طالما رافقت مجالس سابقة في عامها الأخير، ولذلك فإن بعض ما يقال في هذا الجانب قد يأتي في اطار الامنيات والضغط فقط.اضافة اعلان