اليقظة والحذر!

مرة جديدة، يثبت الأردن لقوى الظلام والإرهاب الأعمى أنه عصي على فئة مارقة لا تمتّ للإسلام بصلة، إلا أنها تشوه وجهه الحضاري الإنساني المتسامح الوسطي.اضافة اعلان
سبع ساعات كانت كافية للقضاء على أربعة مارقين مجرمين، روعوا سكانا آمنين هناك في أقصى جنوبنا بالكرك. صحيح أن خسارتنا كبيرة؛ إذ ارتقى عشرة شهداء، أربعة من رجال الأمن العام وثلاثة من أفراد قوات الدرك ومواطنان اثنان مدنيان وسائحة أجنبية، إضافة إلى نحو 34 مصاباً، سبعة منهم من رجال الأمن، إلا أن الأجهزة الأمنية ببسالتها وكفاءتها سيطرت على الوضع بمساعدة مواطنين.
علينا أن نستخلص عبرا ودروسا من "عملية الكرك" الإرهابية. أولها، أنه أمر متوقع أن يتعرض الأردن وأبناؤه لمثل تلك الأعمال الإجرامية، فشرق المملكة، أي العراق، غارق في انقسامات طائفية وفتن داخلية وتغلغل لتنظيم "داعش" الإرهابي. وشمالها، أي سورية، داخل بأزمة، لا يعلم أحد باستثناء رب العالمين متى تنتهي منها، فقد أصبحت مدنها وأريافها ساحات لعدة تنظيمات متطرفة لا يسلم منها شجر ولا بشر ولا حجر ولا ماء، ناهيك عن أن الأردن يشارك في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد عصابة "داعش".
فهذه الأمور مجتمعة تجعل من الأردن عرضة لحاقدين وحاسدين يريدون النيل منه ومن أبنائه، ومن استقراره وأمنه اللذين تفتقدهما دول كثيرة، منها مَنْ تمتلك أسلحة استراتيجية فتاكة نووية وبيولوجية قادرة على تدمير العالم عدة مرات.
ثاني الدروس أو العبر هي يقظة المواطن الأردني بحكم انتمائه لبلده، لدرجة أننا نستطيع القول إن حسه الأمني مرتفع، فها هو يثبت مرة ثانية أنه يتمتع بتلك الصفات، إذ قام بالإبلاغ عن حدوث انفجار في إحدى شقق منطقة القطرانة، والتي اتضح من التحقيقات أن أصحابها مجموعة إرهابية تريد النيل من هذا البلد. وكان المواطن الأردني قبل ذلك، وبالتحديد في آذار (مارس) الماضي، يبلغ الجهات الأمنية عن أناس مشبوهين يقومون بالتدريب على السلاح، ليتم اكتشاف أمرهم بأنهم مارقون يريدون زعزعة استقرار المملكة.
أما ثالث تلك الدروس، فهو واجب التزام المزيد من الحذر واليقظة، من الجميع؛ فالمهمة جسيمة وحملها ثقيل.
صحيح أن جيشنا العربي والأجهزة الأمنية كانت بالمرصاد لأربع عمليات جبانة تعرض لها الأردن خلال العام الحالي، إلا أنه يجب الاستعداد أكثر، والضرب بيد من حديد والتصدي بكل حزم ضد كل من يحاول الاعتداء أو المساس بأمننا وسلامة مواطنينا.
أما رابع تلك الدروس، فيتمحور حول المسؤولية الجماعية. فكلنا مسؤولون ومحاسبون عما يحدث داخل الوطن، ويجب علينا أن نكون أكثر تلاحما وترابطا ويقظة ومساعدة للأجهزة الأمنية، في سبيل أن يظل الوطن عصيا في وجه كل من تسول له نفسه محاولة الغدر به وبأبنائه.
ليعلم أولئك المجرمون أن وحدتنا الوطنية هي الأقوى في مواجهة مخططاتهم الإرهابية الظلامية، ولن تثني أعمالهم الغادرة عزيمة الأردنيين ليس عن محاربة المتطرفين فقط بل قوى الشر بأجمعها.
المجد والعلياء لشهدائنا الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الوطن وإنقاذ أبرياء مدنيين. ونتضرع إلى العلي القدير أن يمن على المصابين بالشفاء العاجل.