اليوم الأول من رمضان.. أجواء روحانية وبهجة تجد طريقها رغم "قيود" الجائحة

Untitled-1
Untitled-1

تغريد السعايدة

عمان- في اليوم الأول من شهر الخير، تجتمع العائلات على مائدة رمضان، رافعة أكفها عند لحظة أذان المغرب إلى السماء بأن يحمي الله الأمة من شر الوباء وسوء القضاء ومن درك الشقاء، وأن يبعد الحزن والأذى عن قلوب الجميع.اضافة اعلان
رغم كل المصاعب والمتاعب التي تعيشها الأسر بعد مرور أشهر طويلة على جائحة فيروس كورونا؛ إلا أن شهر رمضان يأتي ليجدد الأمل ويحمل في أيامه الفرح، وينثر الشعور بالطمأنينة في قلوب الكبار والصغار، والبهجة داخل أروقة البيوت.
ويعود شهر رمضان للعام الثاني على التوالي مع استمرار تفشي الجائحة، ووسط إجراءات احترازية تحد من التواصل الاجتماعي والزيارات العائلية، ولكن لم يمنع ذلك أن تغلف أجواء البهجة والروحانية أسقف البيوت التي يجمعها اليوم دعاء موحد بأن "يحمي البلاد والعباد ويزيل الغمة والوباء عن العالم".
"فرحة رمضان تطغى على كل شيء.. وقدومه ينعش القلب".. هكذا تقول ربة المنزل آلاء التي ترى أن الأجواء الروحانية وعبارة "كل عام وأنتم بخير تزامنا مع اليوم الأول لرمضان"، تجدد الأمل وتبعث البهجة في القلوب.
وهذه المرة الأولى التي تغيب فيها آلاء عن بيت العائلة الكبير في أول يوم من رمضان، كونها مخالطة درجة أولى لإحدى زميلاتها المصابات في العمل، وكل ما تتمناه أن ينعم الله عليها وعلى عائلتها بالصحة والعافية، وأن يكون هذا الشهر خير ومسرة واطمئنان ومودة للجميع.
أسر اليوم تختفي عنها بعض مظاهر الشهر الفضيل المعتادة من تجمعات عائلية، كانت هي الصورة الأبرز في رمضان، حيث لقاء الأسرة الكبيرة الممتدة واجتماعها على مائدة الافطار. ولكن، رغم كل ذلك، فالجميع يتفق على أن شهر الخير مهما كانت الظروف المتزامنة معه، إلا أنه يفرض وجوده بهالة كبيرة من الاطمئنان والراحة والأمان، والشوق نحو تأدية العبادات.
"كأن كل يوم من أيامه عيد"، هكذا يصفه أبو مثنى، فرغم إصابته بفيروس كورونا منذ أيام قليلة، إلا أن ذلك لم يمنعه من الفرح بشهر رمضان الكريم، بل يؤكد أن قدومه كان سبباً في رفع معنوياته، مع تحسن واضح بدا على حالته النفسية والجسدية في الوقت ذاته، الأمر الذي دفعه بأن يستجمع طاقته ويستعد للاحتفال برمضان حتى وإن كان ما يزال يحجر نفسه في المنزل، خوفاً من نقل العدوى إلى الآخرين.
المختص بعلم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع يبين أن شهر رمضان عنوان للتواصل وصلة الرحم والتكافل الاجتماعي والخير والعطاء، وللسنة الثانية على التوالي تتسبب جائحة كورونا بحرمان عائلات من بعض تلك الصور الجميلة والطقوس المعتادة، إلا أنه يفترض البحث دائما عن طرائق ووسائل للاحتفاء بقدوم هذا الشهر الكريم.
ويضيف جريبيع أن غياب التواصل الجسدي للعائلات لا يعني الغياب الاجتماعي؛ فهذا الشهر له خصوصية روحانية ودينية وتمتين لصلة الأرحام، والتي لها عدة أشكال كذلك حتى وإن كانت عن بعد بسبب الظروف الحالية، والشهر الفضيل يعكس الفرح وهو عنوان البهجة والسرور.
ووفق جريبيع، فإن إحياء العائلات لهذه الأيام بتجديد الأمل وإشاعة أجواء البهجة، من شأنه أن يترك أثرا نفسيا إيجابيا لدى الصغار والكبار، فهذا الشهر الفضيل هو مساحة للمحبة والعطاء والتواصل والاحتفال.
ويرى جريبيع أن غياب اللمات العائلية الكبيرة سيلقي بظلاله في أيام رمضان، لكن كل ذلك جاء بهدف حماية المجتمع من انتشار وباء كورونا ضمن إجراءات وقائية صعبة، مبينا أن هذا الشهر فرصة مناسبة لإعادة النظر في أمور كانت لسنوات متصلة فقط بالولائم، لذا، هناك طرائق بحاجة لتعلمها مثل المحبة والتواصل والصدق بالمشاعر والخير والعطاء ومساعدة غيرنا، وهو ما نبحث عنه.
أستاذ الفقة والشريعة الإسلامية الدكتور منذر زيتون أكد في حديثه لـ "الغد" أهمية استقبال رمضان بالفرح والبهجة، بناءً على توصية النبي عليه السلام، بأن يحتفي المسلمون بالشهر المبارك، لما له من خصوصية بين الشهور من عدة نواح، أهمها العبادة والروحانية والطابع التكافلي الذي يمتاز به.
ويؤكد زيتون أن رمضان فيه الكثير من الخير والبركة والأجور المضاعفة في الأعمال الخيرية التي يقوم بها الإنسان، وينتظر المسلمين ليلة القدر من عامٍ إلى عام، بأجواء روحانية لها أجر عظيم.
وفي رمضان، يدعو زيتون المسلمين لتجاوز كل ما مر عليهم وأن لا تضيع بهجة الشهر وروحانياته، داعيا لاستغلال هذه الايام المباركة في عمل الخير والتكافل مع الآخرين، لما من ذلك من أجر مضاعف عند الله، وأن يحرص الفرد على المحافظة على العلاقات السليمة والمودة بينه وبين الآخرين، ويتجاوز عن الزلات ويمد جسور المحبة والتواصل، وينشر الفرح والسعادة، مع الحرص على أن يكون هناك اتباع لإجراءات السلامة والمحافظة على صحة الآخرين.