انتخابات لإنقاذ سمعة النيابة

بحذر وتأن تدور ماكينة الانتخابات النيابية في عموم البلاد.خلف الكواليس ينشط المرشحون لتشكيل القوائم الانتخابية، وتلملم العشائر صفوفها لإفراز مرشحي الإجماع كما درجت العادة. معظم الأحزاب السياسية أعلنت عن نيتها المشاركة في الانتخابات، والمقاطعة بالمعنى السياسي أصبحت جزءا من الماضي. الاهتمام الشعبي في الحدث الانتخابي مايزال محدودا، لكن مع اقتراب موعد الترشح سنشهد زخما أكبر، خاصة في دوائر المحافظات. المؤكد أن تزامن الحراك الانتخابي مع عودة كورونا، ألقى بظلاله على المشهد، لكن ذلك مجرد ظرف طارىء سرعان ما يتم تجاوزه بمجرد احتواء الفيروس.وبالرغم من ذلك تشير منصات الهيئة المستقلة للانتخاب الى أن هنالك تفاعلا كبيرا من طرف الجمهور مع أخبار العملية الانتخابية، واهتماما متزايدا بمتابعة مراحلها المقبلة. وكما في كل دورة انتخابية، يشكل الإرث النيابي حملا ثقيلا على أكتاف الناخبين، يكبح الدافعية للمشاركة، ولهذا تظهر استطلاعات الرأي ميلا أكبر للعزوف عن المشاركة في دوائر الكثافة السكانية،لايختلف في معدلاته عن الدورات السابقة. في المرحلة المقبلة سيتحسن المناخ الانتخابي وسنشهد انخراطا أوسع في النشاط الانتخابي. الأحزاب السياسية والشخصيات ذات الوزن السياسي والاجتماعي ستحرك المياه الراكدة، وبمجرد أن ترتفع اليافطات في الشوارع سيجد الكثيرون أنفسهم وقد دخلوا أجواء الانتخابات بقوة أكبر. لكن في كل الأحوال، النيابة على المحك هذه المرة، والوضع الذي كان سائدا في السابق لايمكن أن يستمر، لأننا بذلك نعيد إنتاج نسخة رديئة تثقل كاهل الدولة والشعب، وتضرب في أسس العلاقة بينهما، وتستنزف الرصيد الوطني بمؤسسات الدولة. مسؤولية الأطراف كافة وأولهم جمهور الناخبين البحث عن نيابة أكثر مسؤولية ونزاهة واحتراما لدور السلطة التشريعية. لسنا واهمين إلى الحد الذي يجعلنا نطمح بانقلاب عميق في التركيبة النيابية، لكن تجويد المخرجات بنسبة معقولة أمر ممكن، بالنظر إلى الظروف الدقيقة التي تمر فيها بلادنا، وتجربتنا المريرة مع مجالس سابقة، وحكومات من طينتها الضعيفة. ينبغي أن نضع هدفا واضحا وصريحا للمرحلة المقبلة، عنوانه دولة ومؤسسات قوية وفاعلة. لأجل ذلك يتعين على مؤسسات الدولة وقياداتها أن تخاطب الناس بوضوح وصراحة، وتدفع بكل طاقتها لتغيير المزاج العام، ليس للمشاركة في الانتخابات، بل لضمان اختيار أفضل نوعية متاحة من النواب. دور الفاعلين في العملية الانتخابية من أقطاب نيابية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والأحزاب مهم في توجيه بوصلة الرأي العام، لكن ذلك وحده لن يكون كافيا، على الدولة أن تضع الأردنيين امام مسؤولياتهم بكل وضوح وصراحة، وتدفعهم للمشاركة النوعية في الانتخابات، وتعرض مشروعا متكاملا فالاصلاح الوطني والتطوير على مختلف المستويات ليكون برنامجا للمرحلة نختار له أفضل الكفاءات والشخصيات لتنفيذه. بهذا المعنى تصبح الشراكة الندية بين السلطات حالة وطنية مطلوبة وليس تبعية مذلة تحط هيبة السلطة التشريعية وتظهر السلطة التنفيذية كجهة مغتصبة لتمثيل الشعب. نحن أمام فرصة تاريخية لتعديل المسار ولاينبغي أن نفوتها.اضافة اعلان