انتخابات وملاحظات!

بعد تنافس شديد، استخدمت فيه البرامج والشعارات والوعود والعلاقات العشائرية والمناطقية، وغيرها، وضعت معركة الانتخابات أوزارها، وانطلقت صافرة النهاية معلنة المجلس النيابي السادس عشر.

اضافة اعلان

وإلى جانب المرشحين الذين وصلوا إلى القبة، فقد كان هناك فائزون آخرون، منهم الحكومة التي أوفت بما وعدت، ووقفت على مسافة واحدة من الجميع، وأدارت العملية الانتخابية بكل كفاءة. ومنهم مرشحون لم يتمكنوا من النجاح، ولكنهم ضربوا مثلا يحتذى في الروح الديمقراطية وقبول النتيجة برحابة صدر وعدم إلقاء اللوم وتوزيع التهم جزافا في كل الاتجاهات لتبرير النتيجة! وهؤلاء يستحقون من الجميع وقفة احترام، لأنهم كانوا على قدر عال من الوطنية والمسؤولية، ولا يساورنا شك أن مواقفهم لن تنسى في قادم الأيام من قواعدهم الانتخابية، إذا ما قرروا خوض التجربة مرة أخرى!

وفي المقابل، فإن قلة من المرشحين الآخرين الذين لم يحالفهم الحظ، حادوا عن جادة الصواب ولم يكتفوا بخسارة واحدة، بل أضافوا إلى سجلهم خسائر إضافية، ربما تكون أكثر فداحة، من خلال افتعال المشاكل، والتحريض على العنف، وإلحاق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة، فكانوا كمن يخربون بيوتهم بأيديهم! وربما ظن بعض هؤلاء أنهم يستطيعون من خلال ذلك ابتزاز الدولة ولّي ذراعها للحصول على مواقع أخرى، في مجلس الأعيان أو غيره من المؤسسات!

وقد يكون في ذاكرة بعض هؤلاء أمثلة قليلة لم توفّق بها الدولة عندما كافأت أمثالهم في مناسبات مماثلة في الماضي! وكلنا أمل أن لا تقع المؤسسات المعنية في ذات الخطأ، لأنها تشجع بذلك على مثل هذه التصرفات والممارسات السلبية، وتدفع إلى تكرارها في الانتخابات المقبلة بشكل أوسع وأكثر حدة!

على أية حال فإن الامر لُم ينته أو يتوقف يوم الثلاثاء أو صبيحة الاربعاء، بل يتوجب على الجميع، وخصوصاً السلطتين التشريعية والتنفيذية والأحزاب السياسية، إجراء تقييم شامل لما حدث، للبناء على الإيجابيات وتجنب بعض الثغرات. ومن ذلك على سبيل المثال، وليس الحصر:

إعادة النظر في نظام الدوائر الفرعية بحيث لا تبقى افتراضية، أو وهمية، بحيث تصبح محددة جغرافيا وديموغرافيا، لأن من شأن ذلك تحديد الفئات أو الشرائح المستهدفة خلال الحملات الانتخابية وتعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة؛

إحداث تغييرات في آلية احتساب الكوتا النسائية بحيث تصبح أكثر عدالة، مع مراعاة النتائج التي قد تنجم عن "الكوتا المزدوجة"؛

تمكين الأحزاب من لعب دور أكبر في المجلس النيابي، وهذا يتطلب تهيئة البيئة التشريعية المناسبة من جانب، والعمل الدؤوب من قبل الأحزاب لإقناع المواطنين بقدرتها على إحداث التغيير الإيجابي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال برامجها ومرشحيها، من جانب آخر!

تفعيل المواد التي تضمنها قانون الانتخابات حول استخدام "المال السياسي"؛ فقد جاء القانون بعقوبات مغلّظة ولكنه لم يدعم بتعليمات مناسبة من شأنها ضمان التطبيق المناسب، ناهيك عن أن القانون المذكور قد وضع هذه العقوبات على المرشح وليس على ماكينته الانتخابية، كما يفهم من ظاهر النص، وهذا أمر يحتاج الى تصويب أو تفسير لا تشوبه شائبة.

وكل عام، وكل موسم إنتخابي، والجميع بألف خير.

[email protected]