انتقال الطالب إلى مدرسة جديدة.. قلق يزول بعد فترة

طلبة في بدء الدوام الدراسي بمنطقة  الهاشمي الجنوبي - (تصوير : اسامه الرفاعي)
طلبة في بدء الدوام الدراسي بمنطقة الهاشمي الجنوبي - (تصوير : اسامه الرفاعي)

مجد جابر

عمان- الأرق والتوتر والاستياء مشاعر سيطرت على إيمان علي، عندما قرأت ملامح الحزن والأسى على وجه ابنها الذي قامت بنقله من مدرسته التي استمر بها ثلاثة أعوام الى مدرسة جديدة ليجد نفسه وحيداً وحزيناً ويريد العودة الى مدرسته القديمة.
تقول إيمان “لا أستطيع أن أعيد طفلي لمدرسته القديمة؛ إذ لم أعد أحتمل أقساطها، أما المدرسة الحالية فتتناسب مع الوضع المادي للأسرة”، مستدركة “غير أنني كلما رأيته حزينا كئيبا بعد أن كان نشيطا مقبلا على اللعب أشعر بتأنيب الضمير”.
وتتابع “لا أعرف كيف أتصرف معه أو كيف أجعله يتأقلم ويندمج مع أصدقائه، وما إن يعود إلى البيت حتى يطالبني بالعودة لمدرسته القديمة”، مبدية مخاوفها أن تؤثر الحالة النفسية على تحصيله الأكاديمي.
هند، أم أخرى، تشرح تجربتها مع ابنتها التي قامت قبل عام بنقلها من مدرستها الى مدرسة جديدة بسبب انتقال العائلة الى بيت جديد حيث باتت المدرسة القديمة بعيدة عن سكنهم.
تقول “في البداية واجهت صعوبة مع ابنتي التي كانت مرتبطة بمدرستها بصورة كبيرة، خصوصاً أنها لم تدخل غيرها منذ الصف الأول حتى الثالث الابتدائي”، متابعة أنها كانت تعود باكية وفاقدة لشهيتها للطعام ولا تخرج للعب مع الفتيات.
وما زاد الأمر سوءا بالنسبة لهند، عندما جاءت علامات طفلتها في الشهر الأول لتجد أن مستواها الدراسي قد تدنى، الأمر الذي جعلها تفكر فعلا في إعادة ابنتها الى مدرستها حفاظا على مستقبلها، الا أنها قررت أن تحاول معها فرصة أخيرة وبدأت تذهب معها للمدرسة وتلتقي بالمعلمات وتوصيهن عليها.
وتتابع أنه مع الوقت اعتادت ابنتها على الجو المدرسي وعادت لسابق عهدها وباتت الآن تحب مدرستها بشكل كبير وارتفع تحصيلها الأكاديمي.
وفي هذا السياق، يرى اختصاصي العلاقات الأسرية أحمد عبدالله، أن مساعدة الطالب الذي يتم نقله تبدأ باكرا وذلك من خلال المعرفة، يعني أن تكون لديه معرفة بأنه سيتم نقله حتى لا يتفاجأ وقت حدوث الأمر.
ولو كانت هناك إمكانية لأن يذهب الطفل للمدرسة ويراها ويتعرف عليها يكون ذلك أفضل، وفق عبدالله، الذي يبين أن على الأهل ألا يقمعوا الطفل من خلال الاستهزاء بمشاعره أو اعتبار أن عملية النقل وأثرها من الأشياء السخيفة والتي لا ينظر لها بعين الاعتبار لدى الطفل، وعليهم حثه لأجل تكوين صداقات جديدة له مع مراعاة أنه لو لم يتم هذا سريعا فهذا مفهوم.
في حين ترى مديرة مدرسة الزهراء الإسلامية رضا الخصاونة، أن تغيير المدرسة يعد مشكلة وتحديا يوضع أمام الطالب، لأنه في عمر ليس سهلا وعليه أن يتقبل التغير بنفس وعي الكبير، وطالب بهذا العمر يكون مليئا بالأحاسيس والمشاعر التي ربما لا تتحمل تراكم الفقد أو صدمات من تغيير المدرسة وفراق الأصدقاء.
وتتابع “قد نسيء لشخصية الطفل وقد نقوده الى النفور من المدرسة والانطواء إن تجاهلنا وضعه الجديد، عدا عن مشاكل نفسية كبيرة قد يتعرض لها في المستقبل”.
وتقع على المدرسة مسؤولية أخلاقية في التعامل مع الطفل الجديد من خلال الاستماع له ومتابعته وتعريفه بالمعلمين والطلبة ومرافق المدرسة ومساعدته ليعتاد على التنقل والتعرف عليها، حتى لا يشعر بالاغتراب، فضلا عن توزيع الهدايا التشجيعية على الطلبة في الفترة الأولى من الدوام حتى يقبل الصغار على المدرسة بحب.
وعلى المدرسة أن تقبل على استعمال أساليب جذب، كأن تشرك الطلبة الجدد بالنشاطات والإذاعة المدرسية، والتواصل مع الأهل في حال بدت على الطالب الجديد علامات استياء أو تأثر سلبي.
الاختصاصي النفسي التربوي د.موسى مطارنة، يرى أن من المفروض أن تبدأ التهيئة للمدرسة قبل بداية المدرسة بثلاثة أسابيع على الأقل، خصوصاً بعد العطلة الطويلة التي اعتاد فيها الأولاد على عدم النظام.
ويتابع “على الأهل أن يقوموا بتحفيز الطالب ايجابياً من حيث الملابس الجديدة والقرطاسية وكل ما يتعلق بالمدرسة كون هذا الأمر يشجعه ويحفزه، بالاضافة الى التواصل مع المدرسين وإبلاغهم أنه طالب جديد، وعلى المدرسة أن تحببه في أجوائها حتى يتأقلم عليها، مع ضرورة التركيز على الجوانب الايجابية للمدرسة”.
ويشدد مطارنة على أن للمدرسة دورا في تهيئة الطالب منها أن يستقبلوه بطريقة جيدة ويعطوه اهتماما ويشعروه بأنه واحد منهم ويدمجوه بكل ما يقومون به، وبذلك يشعر الطالب بأنه سعيد ويسهل عليه الاندماج في المدرسة.
ويشير مطارنة الى أن “من الطبيعي أن يتأثر الطفل في البداية وقد تتأثر علاماته في الفترة الأولى، الا أنها فترة مؤقتة وبمجرد أن تذهب الحواجز يرجع كل شيء الى طبيعته”، لافتا الى أن التعليم لا يقتصر فقط على المنهاج فهناك نواح تربوية ونفسية مهمة كلها تعمل على تسهيل كسر الحواجز وتأقلم الطالب.

اضافة اعلان

[email protected]