انقضاض على الأحزاب!

في ظل دعوات الحكومة والهيئة المستقلة للانتخاب، المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات، التي بقي على عقدها نحو 84 يومًا، سواء أكان انتخابًا أم ترشيحًا، تواجه الأحزاب تحديات ومعوقات، أسبابها يعود إلى «الاشتراطات المشددة» التي أقرها النظام الجديد للمساهمة المالية للأحزاب من جهة، وطبيعة قانون الانتخابات النيابية الذي يشترط الترشيح عبر قوائم مفتوحة، من جهة أخرى، حيث خاضت الأحزاب تجربة مريرة على هذا الصعيد كون القوائم المفتوحة لا تضمن الثقة بالتصويت لكل المرشحين في القائمة، عكس ما كان عليه الأمر في قانون العام 2013، إذ خاضت الأحزاب السياسية الانتخابات وفق القائمة المغلقة التي جرى تحديد عددها بـ27 مقعدًا.اضافة اعلان
لا يخفى على المتابع، أن التعليمات التنفيذية لتقديم الدعم المالي للأحزاب السياسية لسنة 2020، فرضت اشتراطات مشددة في أوجه الصرف، خصوصًا فيما يتعلق بالقوائم والدعاية الانتخابية وسجلات العضوية للمنتسبين، إضافة إلى مساهمات ترخيص المطبوعات والوسائل الإلكترونية.
غاية الحكومة، ممثلة بوزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية، كما تدعي، أن النظام الجديد، هو تحفيز الأحزاب لتصبح أكثر نشاطًا سياسيًا، وبالأخص في الانتخابات البرلمانية.
لكن، قراءة «اشتراطات» ذلك النظام، تُوحي بعكس ذلك تمامًا، وليس هناك مبالغة من وصفها بـ»تعجيزية»، حيث وسّع من اشتراطات الحصول على التمويل، ناهيك عن فرض رقابة مشددة على أوجه الإنفاق والصرف.. وكأن لسان الحال يقول «صحيح لا تقسم، ومقسوم لا تأكل، وكل حتى تشبع».
للقارئ أن يتخيل، ما حجم المكاسب التي سيحصل عليها كل حزب!، جراء تخصيص حوافز مالية لـ»الائتلافات الحزبية».. فللحصول على 30 ألف دينار فقط، يتوجب تشكيل ائتلاف مكون من 5 أحزاب فأكثر.
وليس هذا الشرط الوحيد للحصول على ذلك المبلغ! إذ يتوجب على ذلك الائتلاف أن يترشح أعضاؤه، الراغبون في خوض غمار الانتخابات، في ثلث دوائر المملكة.. وإذا ما علمنا أن عدد الدوائر الانتخابية يبلغ 23 دائرة، فإن ذلك يعني أنه يتوجب على الائتلاف الترشح في ثماني دوائر انتخابية، حتمًا ستكلف مبالغ مالية تفوق ذلك الرقم المتواضع بكثير.
نقطة ثانية تُعد من المعوقات ايضا، حيث اشترط نظام المساهمة للحصول على حوافز، تشكيل القوائم من أعضاء الحزب، أي المنتسبين له فقط.. ومعلوم أن الأحزاب في الأردن، عادة ما تشكل قوائمها الانتخابية بإشراك شخصيات وطنية أو نقابية أو شعبية، لكنها ليست بالضرورة حزبية، الأمر الذي يعني حرمان الحزب من الحوافز المالية.
وللتعجيز أكثر، فقد تم الاشتراط «اكتساب» قرار الدمج بالنسبة للأحزاب المندمجة، «الدرجة القطعية» من لجنة شؤون الأحزاب في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية.
وكذلك فرض إيداع اشتراكات أعضاء الحزب في حساب خاص في البنك دون حركة لا تقل عن 3 أشهر، علمًا أن أعداد المسددين للاشتراكات السنوية والتبرعات تراجعت خلال الفترة الماضية بما نسبته تقريبًا 50 بالمئة، جراء الأوضاع التي تسببت بها جائحة فيروس كورونا المستجد.
وللإنصاف والحيادية، تجب الإشارة إلى أن الكثير من الأحزاب، البالغ عددها 48 حزبًا مرخصًا، لديها عيوب وسلبيات، وتُعاني تشرذما وانشقاقات، وفقدانها إلى بوصلة أو برنامج انتخابي، تدخل الانتخابات البرلمانية على أساسه، يكون قادرًا على جذب الناخب الأردني أو إقناعه.
حتى لا تستطيع تلك الأحزاب الإفصاح عن حجم القواعد الجماهيرية التي تؤيدها وتدافع عنها.. هذا إذا كان في الأصل هناك قواعد جماهيرية… باستثناء قلة ما يزالون يحافظون على مبدأ، هم مقتنعون به، وإلا فإن الباقي ينتخب على أسس قبلية وعشائرية، وللأسف فإن الحكومات المتعاقبة، أسهمت في ذلك!