"باب الحارة": حكايات شامية من واقع قديم وأخرى متخيلة تقرأ السياسة بالدراما

"باب الحارة": حكايات شامية من واقع قديم وأخرى متخيلة تقرأ السياسة بالدراما
"باب الحارة": حكايات شامية من واقع قديم وأخرى متخيلة تقرأ السياسة بالدراما

انتقادات للجزء الرابع من المسلسل السوري ومؤلف العمل يكشف عن "خامس"

فريهان الحسن

اضافة اعلان

عمّان- بمتابعة شغوفة لا تخلو من النقد، يستمر "باب الحارة" في تشكيل ظاهرته الدرامية للعام الرابع على التوالي، مثيرا الجدل في كل جزء منذ عرضه الأول الحصري على قناة MBC في رمضان في العام 2006.

والمسلسل دراما اجتماعية شامية تدور أحداثها في عشرينيات القرن الماضي، مسلطا الضوء على الحياة الدمشقية والقيم النبيلة والعادات والتقاليد القديمة، خصوصا وأن مجمل حكاياته تستند إلى قصص حقيقية وفق صُنّاعه، بيد أنه اتجه في الجزء الأخير تحديدا نحو رمزية سياسية، يرى نقاد أنها "غير موفقة" وأضاعت الجماليات البسطية للعمل، وتحديدا في الجزأين الأول والثاني.

إلا أن مؤلف الجزأين الأول والرابع من مسلسل "باب الحارة" كمال مُرة يؤكد في تصريحه إلى "الغد" أن العمل في جزئه الرابع، المستمر عرضه في رمضان الحالي، "ما يزال محافظا على تجديده والحكايات الدرامية المشوقة".

لكنه يقر في المقابل وجود "رواسب وأخطاء ضمها الجزء الثاني والثالث من المسلسل"، مبينا أنه اضطر لحملها معه في الجزء الرابع.

ولم تخل مسيرة العمل منذ جزئه الأول من عدد من المشكلات، كان أبرزها اسناد تأليف الجزأين الثاني والثالث لمروان قاووق، فضلا عما أشيع من كون أن مخرجه المعروف بسام الملا لا يتابع فعليا إخراج العمل.

ويجد مُرّة أن ذلك يأتي من مشكلات "أعمال الأجزاء في أي عمل فني درامي"، مؤكدا أن العمل الجيد يحافظ على سويته من دون أن يقع في رتابة الأجزاء.

غير أن الناقد السوري تيسير خلف يعود إلى الجزء الأول والثاني من المسلسل، واللذين لاقا نجاحا جماهيريا لافتا، معتبرا أن العمل "بدأ يخسر تلك المكانة والحضور الكبير"، مفسرا ذلك بخروج بعض الشخصيات الهامة، وتكرار الشخصيات بـ"مهزلة كبيرة" لا تخاطب إلا عقول الأطفال.

وخرج من "باب الحارة" الواسع نجوم بارزون، كان أولهم الفنان بسام كوسا الذي قدم شخصية "الإدعشري" التي حازت اهتمام المشاهدين في الجزء الأول، نظرا للشخصية المركبة بين الخير والشر، ثم شخصية "أبو عصام" التي قدمها الفنان عباس النوري، و"تخلص" منها المخرج في الجزء الثالث إثر خلاف مع النوري، لتأتي شخصية "العقيد أبو شهاب" التي جسدها الفنان ياسر المصري التي ظهر ظلها في الجزء الرابع لتبرير غيابها الطويل فيما بعد.

ويرى خلف أن مسلسل باب الحارة "لم يعد للكبار"، إنما أصبح مسلسلا للصغار بمشاهد "سطحية"، لافتا إلى أن الدافع الأساسي لهذا العمل هو "القوة الانتاجية".

ويقف عند الرمزية التي تضمنها العمل نتيجة حصار "الحارة" وإسقاط ذلك على الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، معتبرا ذلك "محاولة لسرقة أحداث غزة الأخيرة إعلاميا وانتهازها فنيا".

وفي المقابل، يعتبر مرة أن تلك الرمزية هدفت إلى "استعادة للواقع والأوضاع السياسية الراهنة مثل الحرب على غزة ولبنان"، مبينا أن ذلك جاء "ضمن حكاية شعبية تصل إلى جميع الشرائح من النخبة إلى القاعدة".

ويشدد على أن المواضيع السياسية الساخنة لا يجب أن تبتعد عن الدراما، وعليها أن تكون ضمن الحكاية الشعبية، مقرا بالابتعاد عن سياق الحارة الشامية، لرأيه أن العمل يلقي الضوء على بلاد الشام وما يجري من أحداث في الدول المجاورة.

الممثل السوري وفيق الزعيم، الذي يجسد دور "أبو حاتم" في المسلسل، يحيل في تصريح إلى "الغد" نجاح العمل إلى "تحدثه بلسان وضمير الأمة العربية"، رائيا أن باب الحارة "مشروع وطني يجمع العرب"، مشددا على أنه يحقق "نسبة نجاح مضاعفة" في الوطن العربي.

ويؤكد ان باب الحارة ارتبط بالأحداث التي تجري في الوطن العربي، والحصار الذي عانت منه دول عدة، لافتا إلى أن مسلسل باب الحارة هو "صوت من لا صوت له".

وحقق المسلسل، كما أظهرت استطلاعات عديدة، نجاحا ورواجاً في العالم العربي في جزأيه الأول والثاني، حيث كانت له أصداء في سورية وفلسطين والأردن ولبنان ودول الخليج العربي والعراق وليبيا وتونس، رغم ما تعرض له من نقد، ورأى البعض أنه احتوى على مغالطات تاريخية من ناحية الجدول الزمني.

ولا يجد الزعيم أن نجاح العمل يتوقف على شخصيات معينة بقيت أو خرجت من العمل، أو ممثل معين، وباب الحارة "مشروع جماعي موجه للأمة العربية وليس مشروعا فرديا يفصل على مقاس الشخص".

ذلك نفسه الذي يراه مرّة، إذ لا يعتبر غياب عدد من شخصيات المسلسل الرئيسية مثل الفنان عباس النوري في دور "أبو عصام" وشخصية زعيم الحارة "أبو شهاب" التي قدمها الفنان سامر المصري، كان له تأثير على قوة العمل، لافتا إلى أن "باب الحارة" لا يرتبط بأشخاصه، حتى وإن تعلق الناس في بعض هذه الشخصيات.

التكرار في أجزاء مسلسل باب الحارة، يحيله خلف سببا رئيسيا في "فشل العمل"، وأن تعدد الأجزاء أغرى الكاتب والمخرج، في حين كان يجب أن يقفا أمام مغريات الانتاج لصالح نجاح الجزء الأول والثاني من العمل، وليس الاستمرار الذي كانت نتيجته فقدان العمل لبريقه وجمهوره.

ولكن الزعيم يؤكد أنه من دون وجود هذا المنتج لما ظهر هذا العمل الفني للناس. ويقول "أنا مع المتاجرة بالشيء إذا استحق المتاجرة"، لافتا إلى أن تعدد أجزاء العمل الفني لا تفسد نجاحه، وما يهم في العمل هو نوعية الفكرة المقدمة والارتقاء بها، ومحبة الناس له.

ومرة، الذي يكشف عن شروعه في كتابته للجزء الخامس من مسلسل باب الحارة، يؤكد أنه سيحاول تجاوز  الأخطاء التي وردت في الأجزاء الأربعة، للارتقاء بنوعية العمل المقدم.

ويؤكد أن مسلسل باب الحارة اعتمد على البطولة الجماعية، وتحديدا النسائية في الجزء الرابع، مبينا أن "كل ممثل هو بطل في مكانه".

ويلفت مرة إلى أن دور الفنانة منى واصف أضاف أهمية كبيرة للجزء الرابع من العمل، حيث جسدت دور أم جوزيف، وهي ناشطة في المقاومة مع بقية النساء.

وفي حين تعرض مسلسل باب الحارة لانتقادات عديدة من خلال تهميش دور المرأة، يقول الزعيم إن مسلسل باب الحارة "أعطى المرأة حقها الحقيقي واحترمها كثيرا ورفع من قدرها".