باسم و"اللويبدة"

أجمل ما في الصديق الكاتب باسم سكجها قدرته الهائلة على التجدد. طاقته أمل. انفعالاته فعل. وتفاعله مع الإحباط الذي يقعد غيره محاولات دائمة لكسره.

اضافة اعلان

هذه المرة يتجدد باسم في "اللويبدة" وبها. بعد سنوات من الاكتفاء بكتابة مقالته اليومية في الزميلة الدستور والعمل في مؤسسات المجتمع المدني، عاد باسم الى عشقه الأول ليصدر مجلة "اللويبدة". وجاء العدد الاول من المجلة اضافة منعشة الى المشهد الاعلامي والثقافي، يستمد حيويته من المكان الذي حمل اسمه، ومن الجهد الذي وضعه باسم لإخراجه مقنعاً، مشوقاً، وواعداً.

 ولا أظنها صدفة ان باسم اختار "اللويبدة" اسماً لمشروعه الجديد ومقرا له. فـ"اللويبدة" رمز لتجدد عمان.

 فيها كانت البدايات ثقافة "عمانية" ودارات اختزلت الكثير من تاريخ العاصمة. أفل نجمها في ثمانينات القرن الماضي. سرقت حداثة الأحياء الجديدة الكثير من سكانها وفرغت بيوتها وحاراتها الا من بعض من ظل على "ويبدويته" ومن ذكريات زمن مضى.

لكن سحر "اللويبدة" عاد ليبث الحياة في شوارعها. عبق ياسمينها وعمانية شوارعها ضمنت التجدد الذي بدأ في التسعينات بدايات لحركة ثقافية جديدة. دبت الحياة في بيوتها ووجد جيل جديد في حواريها مهرباً من سطحية الحياة الجديدة في شوارع وأحياء لم تستقر بعد على هوية.

 اختار باسم ان يواجه تحدي إصدار "اللويبدة" حيث يفرض الاسم على فريق المجلة الجديدة مسؤولية الارتقاء الى مستويات لن يكون الحفاظ عليها سهلاً. فلـ"اللويبدة" روح لا تقبل السطحية او الرداءة.

 هي روح جسّدها عبدالله حسنات الذي جعل من دارته في اللويبدة، قبل ان يخطفه المرض منها ومن أصدقائه، مساحةً حرةً لا تعترف بحدود ولا تُحاصر بقيود. مساحة جمعت التناقضات فكراً وثقافة وسياسة، متجاوزة كل الهويات والولاءات الى هوية واحدة وولاء واحد هو "الانسانية"، التي جعلت من عبدالله صديقاً للجميع ومن دارته محجاً لكل من سئم رتابة العيش المقيد بضيق السياسة وديكتاتورية المجتمع.

صعبة، إذن، المهمة التي يتصدى لها باسم سكجها، إذ يضع باختيار "اللويبدة" اسماً لمشروعه معايير قاسية. ولكنه، مرة أخرى، يراهن على تحالفه مع حتمية التجدد، ليقدم تجربة جديدة، تستحق الدعم، وتحتاج الإسناد.