بخلاف المساعي الأميركية.. هل مهدت "ورشة البحرين" الطريق لإفشال صفقة القرن؟

qb3p8uem
qb3p8uem

زايد الدخيل

عمان - بخلاف ما سعت إليه الإدارة الأميركية وأركانها، يبدو أن "ورشة البحرين" مهدت الطريق لإفشال "صفقة القرن"، بدلا من أن تروّج لها. ذلك ما يراه سياسيون ومحللون تحدثت إليهم "الغد"، لم يغفلوا الإشارة إلى أن فشل الصفقة قد يعيد القضية الفلسطينية إلى مربعها الأول.اضافة اعلان
وهدف منظمو الورشة التي عقدت في المنامة يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، تحت عنوان (السلام من أجل الازدهار)، لجذب استثمارات للمنطقة؛ تتزامن مع طروحات "صفقة القرن"، وحاولت جمع أكثر من 65 ملیار دولار؛ تشمل مساعدة دول الجوار الفلسطیني كالأردن ومصر ولبنان.
لكن هذه المليارات لم تغر الدول المركزية المعنية بالقضية الفلسطينية، ولم تزحزح مواقفها السياسية سنتمترا واحدا؛ الفلسطينيون ظلوا على مقاطعتهم ورفضهم، والأردنيون حضروا بمستوى تمثيل مخفض، فيما ارتفع صوت ثوابتهم عاليا، في وقت بدا فيه وأن دولا عديدة لم تعد قادرة على الحديث عن تأييد الورشة والصفقة علنا.
سياسيون ومحللون رأوا أن "ورشة المنامة"، التي أطلقت فيها واشنطن الجانب الاقتصادي من خطتها للسلام والتعاون الاقتصادي العربي الإسرائیلي والدولي والمعروفة بـ"صفقة القرن"، لتطویر وبناء البنى التحتیة لمناطق في السلطة الفلسطینیة، ساهمت في صعود وتنامي حالة الرفض الشعبي والجماهيري العربي للصفقة. وعلى العكس مما أملته واشنطن في أن تساهم الورشة في الترويج للصفقة، جاء الرد الشعبي العربي، والذي تناغمت معه الكثير من المواقف الرسمية ليؤكد أن "فلسطين ليست للبيع".
وبعد أن دعوا لتمتين الجبهة الداخلية الأردنية، والحفاظ على تماسكها، اعتبر محللون وسياسيون في حديثهم لـ"الغد"، أن تنامي حالة الرفض العربي للصفقة، تعكس صحوة عربية قادمة، ستعيد الصراع العربي الإسرائيلي إلى أسسه وقواعده، وكذلك؛ تعيد اتجاه البوصلة العربية والإسلامية نحو فلسطين والقدس.
إلى ذلك، وصف الوزير الأسبق هايل داوود، مقترحات الورشة بأنها "مضيعة للوقت"، مشيراً إلى أن مصيرها "الفشل" منذ البداية، في ظل تغييب حل سیاسي؛ یلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطیني.
ورأى داوود أن الطرح الاقتصادي للصفقة، هو وليد أفكار سماسرة عقارات لا ساسة، مبيناً أن دولا عربية تُوصف باعتدالها، لم تتمكن من التعبير علنا عن دعمها للصفقة، لأنها بلا أساس سياسي.
المشاركة الأردنیة في أعمال الورشة؛ اقتصرت على الأمین العام لوزارة المالیة فقط، وهو أمر يعتبره وزير الخارجية الأسبق كامل أبو جابر، تأكيداً للموقف الأردني الواضح، بأن الطرح الاقتصادي لا یمكن أن یكون بدیلا لحل سیاسي، ینهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ویلبي حقوق الفلسطینيين المشروعة بإقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ويرى أبو جابر، أن الصفقة فشلت في التحقق، كونها لا تتعامل مع المكونات الحقيقية للسلام، إذ أنها تقدم مرة أخرى، ويعاد تدويرها مرة أخرى، تحت راية الازدهار مقابل السلام، دون إعادة الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية.
ويشير إلى أن ارتفاع وتيرة الرفض العربي للصفقة، وما روج لها عبر ورشة المنامة، تعكس صحوة عربية مقبلة، ستعيد الصراع العربي الإسرائيلي إلى مربعه الأول.
من جهته؛ يرى السفير السابق أحمد مبيضين، أن خطة مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر لا تلقى دعما يذكر، ويصفها بأنها "مضحكة وغير قابلة للتطبيق على الأرض"، لتعارضها مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
وتوقع مبيضين بأن تكون واشنطن غير قادرة على تنفيذ الخطة عبر الدبلوماسية، وقد يتعين عليها فرضها بالقوة، مستدلاً بقرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب في منح إسرائيل السيادة على مرتفعات الجولان، ونقل السفارة الأميركية للقدس، والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل.
ويعتقد أن تحديات صعبة ستواجهها الأردن في المرحلة المقبلة، لا تقل خطورة عن تلك التي تواجه الفلسطينيين، ما يتطلب تحركات سريعة، إذ أن مرور الوقت سيقلص هامش المناورة والمواجهة لمخططات الإدارة الأميركية وخطتها للسلام، ودرء مخاطر الصفقة عن المنطقة كلها، في وقت تدرك فيه إسرائيل طابع وخطورة الأوراق الاستراتيجية التي تملكها الأردن والدول المجاورة لإسرائيل، والتي بإمكانها تحويل مخاطر استراتيجية إلى وجودية، وليس أقلها الحدود الطويلة المشتركة مع فلسطين.
واختتمت الأربعاء الماضي في العاصمة البحرينية المنامة؛ ورشة عمل أطلقت فيها واشنطن الجانب الاقتصادي من خطتها للسلام، مع تأكيد مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر للقيادة الفلسطينية، أن الخطة قادرة على مساعدة شعبها، مبينا أن "الباب ما يزال مفتوحا أمامها" للانضمام للصفقة، التي لم تتضح معالمها السياسية بعد، قائلا "لو أرادوا فعلا تحسين حياة شعبهم، فإننا وضعنا إطار عمل عظيما يستطيعون الانخراط فيه ومحاولة تحقيقه".
وقاطع الفلسطينيون الورشة، قائلين إنه لا يمكن الحديث عن الجانب الاقتصادي، قبل التطرق إلى الحلول السياسية الممكنة لجوهر النزاع، فيما قال كوشنر إن الإدارة الأميركية ستبقى متفائلة، مضيفا "تركنا الباب مفتوحا طوال الوقت".
وتقترح الصفقة؛ جذب استثمارات بالمليارات لصالح الفلسطينيين، وإيجاد مليون فرصة عمل لهم، ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلي، اذ سيمتد تنفيذها على 10 أعوام، بحسب البيت الأبيض.