آخر الأخبارالسلايدر الرئيسيالغد الاردني

برامج “العمل” للتشغيل.. واقع أم استعراض؟

رانيا الصرايرة
عمان – لماذا لم تكشف وزارة العمل حتى اليوم، عن اعداد المسجلين في منصة “تشغيل” التابعة لبرنامج التشغيل الوطني، والتي اطلقها رئيس الوزراء بشر الخصاونة قبل اكثر من شهر، مؤكدا فيها توفير 60 الف فرصة عمل؟

“الغد”، تواصلت أكثر من مرة مع وزارة العمل، ممثلة بوزيرها نايف استيتية وقسم اعلامها ومسؤولين بالوزارة، وعلى فترات مختلفة، لمعرفة اعداد المتقدمين للبرنامج، لكن أحدا لم يجب عن أسئلتها المرسلة للوزارة، او الشفوية عبر الاتصال.

الى جانب ذلك، لم يصدر اي بيان صحفي عن الوزارة، يكشف عن الاعداد، برغم مرور اكثر من شهرين على الاعلان عن “تشغيل”.

عدم كشف الوزارة عن الاعداد، يطرح تساؤلات سبق وطرحتها “الغد” في تقارير صحفية سابقة، تتعلق بمدى نجاعة برنامج “تشغيل”، الذي قد يكون نسخة مشابهة في جزء منه لبرنامج سابق طرحته حكومات سابقة باسم: الحملة الوطنية للتشغيل، الذي اكد خبراء “فشله على نحو ذريع في توفير فرص عمل، وأنه مجرد هدر للوقت والمال، لعدم تركيزه اساسا على معالجة اختلالات سوق العمل بما يؤدي لتوسيعه، وعجزه عن توفير فرص عمل فعلية، لانه يبقى مجرد دعاية اعلامية، لا يتحقق منها شيء لاحقا، وفق احد المطلعين.

مصدر مطلع على البرنامج بصيغته الحالية، فضل عدم ذكر اسمه، بين ان الوزارة وقعت حاليا في مطب عدم اقبال الأفراد او المؤسسات على التسجيل، بعد محاولة البرنامج تشجيعها، باعلانه استعداد الحكومة، لدفع جزء من اجر من يلتحق من العاملين بالمؤسسات عن طريق البرنامج، لكن يبدو انه غير كاف للشركات فالمشكلة اعمق بكثير من ذلك.

وقال المصدر، ان الشركات تعاني، وليس بامكانها تعيين مزيد من العمال. في المقابل فإن الباحثين عن عمل لا يجدون أن فرص العمل المقدمة لائقة، فالاجر الذي تقدمه، لا يغطي ابسط الاحتياجات، يقابله ظروف عمل صعبة، واحيانا غير لائقة.

هذه المعادلة، كانت السبب بفشل البرنامج في نسخته الاولى في العام 2013، اذ خصصت لها الحكومة حينها 23 مليون دينار، في مسعى منها لتوفير فرص عمل لـ16 الفا، لكن الوزارة وحتى يومنا هذا، لم تكشف عن تشغيل احد فيه، ولم تقدم أي تقييم للبرنامج، والذي يجري عادة، هو اغلاق هذه البرامج دون ان يعلم أحد ماذا حققت، وفق المصدر.

مدير بيت العمال حمادة ابو نجمة، قال “نحن لا نعرف حتى الآن ما هو مصير البرامج المماثلة التي أطلقتها الحكومة سابقا، وهل حققت أهدافها ونجحت بتشغيل الأعداد التي أعلنت عنها، ومن المهم قبل تكرار التجربة، أن يكون هناك تقييم للبرامج السابقة، للتأكد من نجاحها وجدية الأطراف المعنية في القطاعين العام الخاص بتنفيذها، وتحديد الاختلالات التي أعاقت تحقيق أهدافها لتفادي تكرارها”.

وكان البرنامج الوطني للتشغيل الجديد، الذي أقره مجلس الوزراء، يتطلع لتحفيز القطاع الخاص لتشغيل وتمكين الشباب، وبين استيتية في تصريحات سبقت اطلاقه، بأن البرنامج يستهدف الوصول الى تشغيل 60 ألفا تتراوح اعمارهم بين 18 الى 40 عاما، وستكون هناك أولوية لتوظيف إناث ومنتفعين من صندوق المعونة الوطنية، لتلبية احتياجات سوق العمل بشراكات وطيدة ومستدامة مع الجهات المعنية في قطاع التشغيل من القطاع الخاص.

وأشار استيتية حينها، إلى أن البرنامج سيغطي المشتغل بـ130 دينارا من الراتب الشهري وبدل تنقلات (10 دنانير) وبدل اشتراكات ضمان اجتماعي (10 دنانير) شهريا، لـ6 أشهر، على أن يبرم عقد عمل لـ12 شهرا بين صاحب العمل والعامل.

في المقابل، تقول ارقام دائرة الاحصاءات العامة ان عدد المتعطلين عن العمل، يصل لأكثر من 400 ألف أي بمعدل 23.2 %، يعيلون نحو مليوني مواطن، ليبين ابو نجمة ان الحاجة اصبحت ملحة، لاستحداث نحو ربع مليون فرصة عمل جديدة – على الأقل، لنصل بالبطالة إلى ما كانت عليه في العام 2014 حين بلغ معدلها 11.5 %، وهو المعدل الأخفض خلال عقدين مضيا، ما يعادل المتوسط العربي الحالي للبطالة، ولتحقيق ذلك، لا بديل عن جذب استثمارات جديدة، وإنشاء مؤسسات ومصانع ومشاريع، توفر هذه الأعداد من فرص العمل.

واوضح أن عدد العاملين في القطاعين العام والخاص يصل لمليون و330 ألفا، والقادمين الجدد سنويا لسوق العمل كباحثين عن عمل 110 آلاف، لكن سوق العمل لا يستوعب منهم سوى 35 ألفا.

واضاف “يجب الوصول لسوق عمل، يشغل – على الأقل – مليون و650 ألفا، وهو أمر من الصعب تحقيقه دون وضع خطة طوارئ وطنية، تشارك فيها جهات رسمية وممثلون عن القطاع الخاص، وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص، ومعالجة اختلالات سياسات التعليم الجامعي، لتتواءم مع متطلبات سوق العمل واحتياجاته من الكفاءات، وتطوير برامج التدريب المهني، لتواكب التطورات الحديثة في سياسات وبرامج التدريب”.

وفي ظل ظروف ارتفاع معدلات البطالة بصورة غير مسبوقة، وفق أبو نجمة، فيتوجب على الحكومة العمل على جملة حلول، وبشكل خاص في المجال الاقتصادي، بتحفيز الاقتصاد ودعمه لزيادة الطلب على الأيدي العاملة، باستخدام أدوات مالية متاحة، وتخفيف عبء الالتزامات المالية على المؤسسات كالرسوم والضرائب.

ولفت الى وجوب تعزيز دور برامج دعم إنشاء المشاريع الريادية المستهدفة للشباب، بخاصة الداخلين الجدد لسوق العمل، ومن فقدوا وظائفهم في جائحة كورونا.

ودعا لمعالجة ضعف شروط العمل اللائق، والذي ظهر جليا في قطاعات عمل عدة، وضعف العمال وافتقادهم للممكنات اللازمة لمواجهة الأزمات والحفاظ على حقوقهم، وإعادة بناء منظومة تشريعات وممارسات ذات علاقة بسوق العمل، لتكون أكثر أمانا وعدلا واستدامة وفاعلية، في التصدي للأزمات والتخفيف من آثارها.

ولفت الى انه من الممكن أن يكون للضمان الاجتماعي دور مهم في هذه المرحلة بتفعيل قانون الضمان بنصوصه الأصلية الخاصة بتأمين التعطل، والعودة عن حرمان أوامر الدفاع للعاملين في بعض القطاعات من الشمول بتأمين الشيخوخة، وشمول جميع العاملين بمظلة الضمان، ومنهم العاملين في القطاع غير المنظم، اذ يمثلون 48 % من العمالة.

وبحسب منظمة العمل الدولية، فإن فجوة تمويل الحماية الاجتماعية زادت 30 % نتيجة الجائحة، وعلى الدول تخصيص 3.8 % من ناتجها المحلي الإجمالي لسد الفجوة.

ووسط انتقادات خبراء ومراقبين للحملة الاولى، كشفوا ان فشلها سببه تركيزها على تعداد فرص عمل، وفرتها دون النظر لاستمرار المشتغلين في تلك الوظائف بعد التشغيل، فضلا عن عدم توفير تدريب لهم يمكنهم من الاستمرار.

مراقبون أكدوا ان تعامل الوزارة مع ملف التشغيل “استعراضي”، ولا نية حقيقية لتوفير فرص عمل دائمة للشباب، لافتين الى ان الوزارة ركزت على الدعاية الاعلامية بنشر اخبار تؤكد توفير اكثر من 18 الف فرصة عمل في فترة زمنية قليلة، ضمن الحملة الوطنية للتشغيل، في حين لم تتجه الى مسار توفير التدريب للباحثين عن عمل من جهة، والتركيز على “جر” هؤلاء الباحثين للعمل في وظائف موجودة اصلا سنويا في سوق العمل، لكنها تلاقى عزوفا من الشباب لتدني شروط العمل اللائق.

مديرة جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان لندا كلش، طالبت الوزارة بأن تعلن ارقام واسماء المتقدمين للبرنامج الجديد، لافتة الى ان التجربة السابقة اثبتت فشلها ما يثير الاستغراب من تكرار الاخطاء نفسها، متسائلة عن دور الوزارة بتدريب الباحثين عن عمل قبل ارسالهم لسوق العمل، بخاصة وان الاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي اعدتها الوزارة، افردت جزءا كبيرا منها للحديث عن هذا الجانب.

كلش تؤكد ان سوق العمل الاردني، يوفر سنويا وظائف في القطاع الخاص، وما تفعله وزارة العمل ضمن هذه الحملات، ليس خلق فرص عمل جديدة، مخاطبة المصانع والمولات والتنسيق معها، لملء الوظائف التي تحتاجها والمتوافرة اساسا، لكن الشباب يعزفون عن العمل بها، لتدني الاجور وعدم وجود شروط العمل ان الوزارة “استعراضية”، مؤكدا ضرورة اتباع خطة تستند على دراسة واقع سوق العمل واحتياجاته.

وبينت ان الاردن، يعاني من ارتفاع معدلات البطالة وخصوصا بين الشباب المتعلمين، لافتة الى ان البطالة، ترتفع في صفوف المتعلمين بشكل خاص، والذين بدأت اعدداهم بالتزايد بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بسبب التوسعات المتسارعة في قطاع التعليم والتعليم العالي.

واكدت ان الوزارة، يجب ان تلتفت الى ان الاقتصاد يواجه أزمة تشغيل للأيدي العاملة الأردنية، كون أن أعداد الداخلين الجدد لسوق العمل تتزايد سنويا، وباستمرار ومن بينها طوابير الخريجين؛ وثانيها أن الاقتصاد يوفر عددا كبيرا من فرص العمل غير المنظمة ومتدنية النوعية في قطاعات الإنشاءات التي لا يقبل عليها الاردنيون.

إقرأ المزيد : 

رئيس الوزراء: برنامج التشغيل الوطني يوفر 60 ألف فرصة عمل للأردنيين

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock