بكاء الاطفال اوصل بيانيتش الى المسرح العالمي

فخر الدين بيانيتش
فخر الدين بيانيتش

ريو دي جانيرو- حنى فاروق هادزيبيجيتش رأسه بعد اهداره ركلة ترجيح أمام ارجنتين دييغو مارادونا في ربع نهائي كأس العالم ايطاليا 1990 وتبخر حلم يوغوسلافيا بالتأهل الى نصف النهائي.

خاض مدرب البوسنة والهرسك الحالي واللاعب المخضرم آنذاك صفوت سوزيتش تحت اشراف المدرب ايفيتسا اوزيم مباراته الدولية الاخيرة مع يوغوسلافيا قبل ان تمزقها حرب اهلية.

قبل اشهر قليلة، على الطرف الاخر من البحر الادرياتيكي وفي مدينة صغيرة تدعى تسفورنيك، دخلت سيدة شابة الى نادي درينا لكرة القدم على اسم النهر الجميل الذي يفصل البوسنة عن صربيا.

كان زوجها فخر الدين بيانيتش في لوكسمبورغ حيث اتفق مع فريق هناك لممارسة كرة القدم وعمل اضافي. رفض ناديه درينا، المشارك في بطولة الدرجة الثالثة، طلب الانتقال. شرح فخر الدين في مقابلة مع مجلة "سلوبودنا بوسنة" الأسبوعية بعد سنوات "في الدرجة الثالثة كنا نلعب في قرى صغيرة في البلاد. كنا نشعر بان امرا سيئا قريب الحصول".

استمرت زوجته فاطمة بالقدوم الى النادي لاقناع رئيسه بتسريح زوجها ومنحه فرصة الحصول على حياة افضل. حملت طفلها بين يديها وبعد رفض جديد بدأت بالبكاء. شرع طفلها "ميراليم" بالبكاء ايضا.

شرحت فاطمة في المقابلة عينها "على غرار اي طفل شعر بان هناك امر غير عادي لدى مشاهدة والدته تبكي... لم يتوقف ميراليم عن البكاء وشعر رئيس النادي بالاسف لاجلنا. انتهى به الامر في التوقيع على الاوراق والسماح لفخر الدين بالرحيل. لو لم يكن ميراليم هناك، لما كنا تركنا البلاد ابدا".

بعد 24 سنة، اصبح ميراليم نجم منتخب البوسنة والهرسك وصانع العاب روما الايطالي، ويستعد غدا السبت في كويابا لتعويض ما فات فريقه في المباراة الاولى امام الارجنتين 1-2 عندما يواجه نيجيريا في الجولة الثانية من المجموعة السادسة.

يشرح بيانيتش عن منتخب صنع اسمه على رماد بلد دمرته الحروب وانقسم الى عدة دول متفتتة، بعد تأهل البوسنة لاول مرة في تاريخها الى المونديال "هذا هو اجمل شعور ممكن. نعيش من اجل هذه اللحظات!".

خطا ميراليم خطواته الاولى في لوكسمبورغ حيث انتقل والده فخر الدين وعائلته نهائيا. بعد أشهر قليلة، دخلت يوغوسلافيا في اتون العنف وحرب مدمرة، فاغتيل الاف المسلمين في مدينته تسفورنيك او اجبروا على النفي.

ادرك فخر الدين انه افلت مع عائلته من مصير مماثل، فكرس حياته لتأمين احتياجاتها. بقي ميراليم الطفل مع والده اينما ذهب: "كانت الكرة بين قدمي ميراليم دوما. اتذكر رحلاتنا من لوكسمبورغ الى البوسنة من اجل العطلة. كان بامكانه مداعبة وترقيص الكرة طوال الرحلة. في يوم من الايام، عدنا الى المنزل في وقت متأخر، واستيقظنا السابعة صباحا على ضجيج كبير يأتي من مرآب السيارات. خرجت مع والدي لرؤية ما يحدث وتوقعت مواجهة احد اللصوص، لكننا وجدنا ميراليم يتدرب اكثر فاكثر".

دخل بيانيتش الطفل مدرسة ناشئي متز الفرنسي، القريب من لوكسمبورغ، بعدما اشتهر فريق المدينة بتخريج لاعبين من طراز روبير بيريس، لويس ساها والتوغولي ايمانيول ايدبايور. بعمر الثانية عشرة اصبح افضل لاعب في فئته وبدأت العروض الاوروبية تتهافت عليه.

كان الاول من ايندهوفن الهولندي، لكن العائلة رفضته مفضلة بقاءه بالقرب من المنزل. رفضت عروض كثيرة فاستهل ميراليم مشواره مع الفريق الاول لمتز بعمر السابعة عشرة خلال تعادل سلبي مع باريس سان جرمان في 2007.

كان واضحا ان متز سيكون جسر عبور لبيانيتش، فوقفت عدة اندية في طابور ضمه على غرار برشلونة وريال مدريد الاسبانيين، انتر ميلان الايطالي، ارسنال وتشلسي الانكليزيين.

اختار بياينتش في صيف 2008 تطورا تدريجيا فانتقل الى ليون الفرنسي المشارك انذاك باستمرار في دوري ابطال اوروبا.

بعد موسم اول للتكيف، اصبح لاعبا اساسيا في ملعب "جيرلان"، لكن اللاعب الخجول انتقد لعدم ثبات مستواه وبنيته الجسدية الهزيلة التي عرضته لاصابات كثيرة، لكن رؤيته وتقنيته جعلتا منه لاعب المستقبل.

لم تتقاتل الاندية فقط لضمه بل المنتخبات، فبعد حمله الوان منتخب لوكسمبورغ تحت 17 و19 سنة، اهتمت به فرنسا لكنه كشف عن حلمه بتمثيل دولة واحدة وهي التي ابصر فيها النور: البوسنة والهرسك.

برغم معاناتهما للحصول على جنسية البوسنة والهرسك لسنوات، لم يستسلم فخر الدين وابنه ميراليم. في 2008، استهل مشواره الدولي تحت اشراف المدرب ميروسلاف بلازيفيتش واصبح محبوب الجماهير. فضل بلازيفيتش عليه زفيزدان ميسيموفيتش معتبرا انه لا يمكنه الدفع بهما في وقت واحد. اكتفى بدقائق معدودة وبعض المشاركات الاساسية في المباريات الودية، قبل ان يحصل على دور اساسي في تصفيات مونديال 2014.

بعد تسجيله هدف الفوز على ريال مدريد الاسباني عام 2010 خاض بيانيتش نصف نهائي دوري ابطال اوروبا الخاسر امام بايرن ميونيخ الالماني. انضم الى روما الايطالي العام التالي واصبح من افضل لاعبي وسط "سيري أ".

وفي المنتخب الوطني اصبح تحت اشراف المدرب صفوت سوزيتش، الذي شارك في مباراة يوغوسلافيا والارجنتين المذكورة اعلاه، لاعبا ضروريا جاهزا للعب دور المفكر في خط وسط البوسنة.- (أ ف ب)

 

اضافة اعلان