بكم ومعكم احتفلت

لم أذكر "عيد الحب" هذا العام إلا حينما وجدت نفسي محتفلة كما لم يكن الاحتفال يوما، في كل مكان. فقد احتفلت بكم ومعكم جميعا؛ أردنيين على قلب رجل واحد، ينبض بحب الوطن والانتماء له.اضافة اعلان
احتفلنا، وما نزال، بوحدتنا؛ بقيمة إنساننا ومكانته، وبجيشنا.. لقد احتفلنا كما يليق بكل شهدائنا الذين يسيّجون ببطولاتهم وتضحياتهم الأغلى وطننا الذي جعلناه منارة راسخة للأمن والأمان والازدهار.. وصفي التل، هزاع المجالي، موفق السلطي، فراس العجلوني.. وينضم إليهم اليوم البطل معاذ الكساسبة، في قائمة تطول بمن قدموا أرواحهم فداء لعيون الوطن.
هو عيد حب بمذاق آخر، هو الأصدق؛ إذ يجمع الوطن من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، وحدة وطنية، لأجل إنسانيتنا وكرامتنا، والتي بها تهون كل الشدائد والصعاب.. فيكون النصر لنا حتمياً، وقريباً.
في الأوقات الماضية، اختبرنا مشاعر الحب الحقيقية بيننا جميعا، من نخوة وكرامة وإحساس صادق بكل ما يعيشه أحدنا ويختبره. وهي ليست مشاعر طارئة، بل راسخة، لكننا عدنا نتلمسها ونصونها من جديد، لتكون أكثر صلابة في مواجهة كل ما هو قادم، مهما كان شديدا.
إذ ليس غريبا أن يكون الأردنيون كذلك. بل هذا هو جوهر الشعب الذي ما ازدادت طيبته، إلا زادت معها صلابته؛ فهي طيبة وسلام الواثق بنفسه لا الخائف من أعدائه، تماما كما أعدنا التأكيد على ذلك للعالم أجمع في محنتنا الأخيرة.
احتفلنا بوطن نابض بحب أبنائه الدائم الذي لا ينقطع.. واحتفلنا بوفائنا لبعضنا بعضاً وقد ازداد ألقاً على مر السنين، واحتفلنا بكل ذلك رسالة نبل نحملها في قلوبنا، وسمواً فكرياً يرتقي بعقولنا.
هكذا يكون الأهم، كما برهنا على امتداد تاريخنا، أن حب الوطن يعني العمل المتواصل، بما يزيد من رفعته وتقدمه. وهو بالتالي العمل بإخلاص ووفاء.. بعيدا عن الشعارات.
احتفلت بكم ومعكم كما لم يكن الاحتفال يوماً، لكن كما يجب أن يكون الاحتفال في كل عام قادم؛ أردنيون لأجل الوطن الأغلى، وأردنيون فخورون بالوطن الأغلى والأجمل. فكل حب يبدأ ويكون ممكناً فقط بحب الوطن، وليس من وطن جدير بهذا الحب أكثر من أردننا.
هكذا نفهم المعنى الأسمى لعيد الحب، بالانتباه إلى أننا مكوّن واحد، وشركاء في جغرافيا حبيبة تسمى الوطن. ومن هذين المفهومين ينبغي لنا أن ننطلق في العمل المخلص الذي نبتغي فيه مصلحة بلدنا، ورفعة شأنه، أو كما يقولون دائما "لكي يصبح العالم مكانا أفضل لأبنائنا".
أنا لست متفائلة بغير حساب، بل متفائلة بالحسبة التي جرت بين أيدينا خلال الأسابيع الماضية، حين رأينا الأردنيين جميعهم بلسان حال واحد، ويضعون أيديهم على قلوبهم بعد أن أصابها وجع الفقد على الشهيد الكساسبة.
هكذا كنّا.. وهكذا سنبقى؛ أردنيين نعشق الوطن بصحرائه وغوره وبحره.
 كل عام وأنت بخير يا وطني.