بلادنا التي لا نعرفها

بدأ ربيع الأردن هذا العام مبكرا ؛ عشرات المشاهد المصورة التي يبثها اردنيون وعرب واحيانا اجانب لمشاهد جاذبة غير مألوفة  وربما بعضنا لا يصدق انها من الأردن سواء مشاهد الطبيعة الخلابة والمدهشة او تراث الطبيعة والتكوين الجيولوجي الملوءة بالتفرد وجميعها تدعوك للاكتشاف والمغامرة والتجريب، والامر المحزن ان يتعرف الاردنيون على بلادهم من فيديوهات يبثها سياح عرب او اجانب مثل تلك الفيديوهات التي بثت مؤخرا من عجلون وغيرها . اضافة اعلان
 تدل المؤشرات الحالية ان الموسم السياحي لهذا العام يسير بشكل جيد وان العديد من المواقع السياحية الأردنية اخذت في استعادة عافيتها بعد سنوات من التراجع، ولهذا اسباب متعددة، في الوقت نفسها قدمت وزارة السياحة وتحديدا وزيرة السياحة نفسها جهدا مضاعفا في هذا المجال، وهنا لا بد من الاشارة الى الاضافة النوعية التي نتوقع ان يقدمها البرنامج السياحي " مسار درب الأردن " الذي تقوم عليه جمعية غير ربحية تحمل اسم المسار بدعم من وزارة السياحة وهيئة تنشيط  السياحة والذي يقدم مفهوما جديدا لسياحة المغامرات في الأردن الممزوجة بالثقافة والتراث والطبيعة والانخراط بالمجتمعات المحلية لعشرات القرى والبلدات على امتداد المسار، لكن علينا الاعتراف بأن السياحة في الاردن ما تزال في وضع صعب ومنذ نحو عقدين لم نغادر المربع الاول في البحث في الاساسيات.
يمكن ان نرصد على اقل تقدير عشرة مواقع مدهشة وغير معروفة تماما لمعظم الاردنيين تقع  في معظم المحافظات مثل مادبا والطفيلة وعجلون وجرش واربد ومعان والعقبة  هذه المواقع تمزج بين تقاليد العراقة للمجتمعات المحلية وطبيعة بكر ومدهشة  وحياة برية غنية اضافة الى التاريخ الذي يلاحقك في كل شبر لنأخذ على سبيل المثال وادي الهيدان حيث الذي يأخذك في رحلة مملوءة بالمغامرة والدهشة والحياة البرية وهو واد يبعد حوالي 30 كلم عن مدينة مادبا يتشكل عبر مزيج من التكوين الصخري للمرتفعات والمياه التي تنحدر في الوادي الذي يسير حتى يلتقي  بمياه وادي الموجب على امتداد 35 كلم  وصولا الى المصب في البحر الميت. وعلى الطريق يمكن أن تشتري الفراولة الأردنية  والجوافة البلدية برائحة غابت عنك من سنين  طويلة او تجربة اخرى في وادي زرقاء ماعين الذي يعد من أهم الأودية الجيولوجية حيث الطبقات الرسوبية وكل عام تعود عشرات الينابيع والتي يقدرها البعض بنحو  60 نبعا من مياه حارة للتدفق من جديد . كما هو الحال في  شلالات المشلشلة او  مجهود في الطفيلة والتي تقدم مشاهد بصرية غير مألوفة من الوديان التي تتدفق فيها المياه والبرك الطبيعية والمساقط  المائية المتداخلة مثل عناقيد عملاقة تتدلى من نوافذ معلقة في سفوح واعالي  التلال كانت هذه المناطق شبه مجهولة وغير معروفة الا للمجتمعات المحلية وللصيادين والمغامرين ولطالما عملت وعورة الطرق على صعوبة الوصول اليها واحيان قد تكون الدروب الصغيرة والملتوية جزءا من متعة الرحلة،  اضافة الى عشرات الاودية الخلابة والطواحين القديمة والشلالات المعروفة وغير المعروفة في قرى وبلدات عجلون وجرش واربد  وسهول الحمة ووادي الريان  وراجب والتي ممن الممكن ان تكون ببساطة رئة حقيقية لمدينة عمان التي تختنق بتكدس الناس والاسمنت.
ثمة حاجة ملحة لتطوير مفهوم سياحة العائلة التي تستهدف السياحة المحلية والسياحة الاقليمية، فالأردن بالمقارنة بعدد سكانه يكاد يكون من اكثر دول العالم المصدرة للسياحة الاقليمية والاقل في السياحة المحلية، يبحث الاردنيون عن الطبيعة الجميلة وعن حد من الترفيه البسيط، وهنا نكاد نجزم اننا لا نعرف بلادنا، ولم تبذل السلطات الرسمية ولا مؤسسات المجتمعات المحلية الجهد المطلوب للتعريف بعشرات المواقع التي يمكن اذا ما اكتشفت وتوفرت فيها ابسط الخدمات السياحية وانخرطت فيها المجتمعات المحلية  ان تقلب خرائط السياحة في الأردن .