صحافة عبرية

بنك أهداف في قلب إيران

يديعوت آحرونوت

من رونين بيرغمان 30/1/2023

“ها أنا أبقي لك هنا بنك أهداف لم تهاجم وتدمر بعد في إيران، بسبب اعتبارات عملياتية وسياسية مختلفة. هذا البنك يفتح على مدى ولاية حكومة بينيت وولايتي ثمرة الاستراتيجية الجديدة التي تبنيناها، الحاجة لضرب إيران حتى لو كان الحدث الذي بسببه نحن نعمل وقعا في مكان آخر في الشرق الأوسط، حيث حاولت إيران العمل ضدنا. أوصي بحرارة أن في لقائك المقبل مع رئيس الموساد ستمر وتصادق عليها مرة أخرى للهجوم. هذه الاستراتيجية ناجحة. الموساد وباقي أسرة الاستخبارات استعدت لها وجاهزة لمواصلتها”.
هكذا، باحتمالية غير قليلة جدا، أو على ما يشبه ذلك، دار جزء من حديث بين لبيد ونتنياهو عند تسليم الأول رئاسة الوزراء المفاتيح في شكل اطلاع قصير على السر الأكبر.
إذا كان صحيحا التقرير من الولايات المتحدة بأن هذه كانت إسرائيل هي التي هاجمت الموقع العسكري في أصفهان، فإن نتنياهو، ولعله بشكل مفاجئ أخذ بالتوصية وإن كانت جاءت من خصمه. إذا كان التقرير صحيحا، فهذه على ما يبدو هي العملية الأولى في إيران التي يقرها رئيس الوزراء القديم-الجديد، وهي تتعلق بالنقطة التي حددت منذ زمن كهدف لجمع المعلومات من أسرة الاستخبارات البريطانية الأميركية وإسرائيل ولعملية “صغيرة”، وهي الكلمة المغسولة للاستخبارات الإسرائيلية، لعواميد النار والدخان والتدمير أو الإصابة الشديدة للمكان من ناحية الأخيرة.
ليس صعبا التفكير في من لديه القدرة لأن يعرف ما الذي يوجد في داخل منشأة عسكرية سرية للغاية في قلب مدينة كبيرة في إيران، وضربها بمسيرات وحوامات. حتى للإيرانيين لم يستغرقهم وقت طويل لتشخيص طريقة العمل التي يعرفونها جيدا. ففي 2019، ضربت طائرة مسيرة أطلقت من ضواحي بيروت منشأة خاصة لحزب الله داخل الضاحية، وهي جهاز حساس ومركزي في مشروع دقة الصواريخ الخاص بالتنظيم. في حزيران (يونيو) 2021، ضربت مسيرات مصنع “تيسا” لإنتاج أجهزة الطرد المركزي حيث يخصب اليورانيوم، وهو جزء حرج في المشروع النووي الإيراني.
لكن هذين الهجومين اللذين نسبا لإسرائيل، رغم أنهما نفذا بالطريقة ذاتها، عكسا على ما يبدو استراتيجية سعى بينيت ولبيد لتغييرها وبموجبها إسرائيل تخرب/ تقصف/ تهدم/ تصفي أهدافا ترتبط بالمشروع النووي الإيراني في كل مكان يوجد فيه حتى لو كان في إيران، رغم الخطر في أن يؤدي هذا الى اشتعال أوسع ورغم الصعوبة في العمل في ساحة بعيدة بهذا القدر وذلك لأن التهديد النووي هو الأخطر.
من جهة أخرى، فإن مواضيع “أخف” مثل دعم إيران لحركات (المقاومة) والميليشيات المعادية لإسرائيل في أرجاء الشرق الأوسط، ولنفترض التموضع الإيراني في سورية، رد عليها بشكل عام بهجمات على أهداف إيرانية في سورية. بمعنى ليس شيئا يرتبط مباشرة بتهديد أو محاولة إصابة. يوسي كوهن، رئيس الموساد حتى حزيران (يونيو) 2021، سعى لأن يغير الأمور وأن يعمل بعدوانية أكبر داخل إيران نفسها، لكن بسبب المعارضة الشديدة من أطراف أخرى في جهاز الأمن، اضطر لأن يكتفي بأعمال غير معلنة لم ترتبط بإسرائيل.
رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت، سعى لأن يغير هذا الفهم، والعمل ضد النظام الإيراني وليس فقط ضد أذرعه مثلما تم على مدى العقود الأخيرة”، قال بينيت للجنة الخارجية والأمن في الكنيست. “أيام الحصانة حين تكون إيران تضرب المرة تلو الأخرى إسرائيل وتنشر “الإرهاب” بفروعها في المنطقة لكنها تبقى دون إصابة”.
في جلسة أخرى عرض فيها “عقيدة التنين”، قال بينيت إن الحديث يدور عن “الانتقال من حرب على الحدود الى هجوم في أرض إيران ليس فقط في السياق النووي”. نقطة الفصل كانت عندما أسقطت مسيرتين إيرانيتين في طريقها الى إسرائيل في شباط (فبراير) 2022. بعد 24 ساعة من ذلك، هذه المرة أطلق الموساد حسب التقارير حوامات تحطمت على منشأة الإنتاج والإطلاق للمسيرات في كرمان شاه، حيث أقلعت المسيرات وأبادت نحو 250 مسيرة إيرانية جاهزة للإطلاق.
مثلما في حينه، قبل سنتين، نعم أمس (أول من أمس)، فهم رجال الحرس الثوري الذين حققوا في الأحداث أنه لأجل تنفيذ حملة على هذا القدر من التعقيد وفي غضون وقت قصير جدا، كان الهجوم على القاعدة يجب أن يكون معدا منذ زمن بعيد مسبقا، وعلى الأراضي الإيرانية، باعتبار المدى القصير لهذه المسيرات؛ أي للموساد إذا كان هو خلف الهجوم توجد قدرات قابلة للاستخدام وعلى الأراضي الإيرانية.
لكن هذه الاستراتيجية التي يواصل بها نتنياهو الآن، تعكس تغييرا فكريا يتبنى الفكر القتالي للموساد ضد إيران أكثر من فكر الجيش الإسرائيلي، نقطة خلاف توجد بين الأجهزة منذ سنوات طويلة. على مدى السنين يتصدر الجيش المعركة بين الحروب التي تستهدف توجيه ضربة شديدة للمحاولات الإيرانية لبناء جبهة ثانية ضد إسرائيل في سورية وضربة جوهرية لمشروع دقة الصواريخ التابعة لحزب الله. برأي الجيش، فإنه لأجل مواصلة الجهد يجب الحفاظ على حدود حذرة بحيث لا تؤدي الى تدهور وإلى حرب شاملة. “بمعنى عدم زق إصبع في عينه”، وهو التعبير الذي يستخدم مرات عدة في هذا السياق. في سلسلة حالات سعى الموساد لأن يعمل بشكل مختلف وادعى رجاله بأنه يجب أن يرد بالنار فورا على مصادر النيران وأن خلق ميزان ردع متبادل مع إيران أو حزب الله سيؤدي فقط الى محاولات أخرى من الخصم للقضم فيه لدرجة الإصابات الحقيقية بإسرائيل.
وجد بينيت في رئيس الموساد الذي تسلم منصبه بالتوازي معه، دافيد برنياع، شريكا متحمسا للاستراتيجية وتحقيقها. الرسالة التي نقلها بينيت للموساد كانت “إن العمل في إيران يجب أن يكون عاديا مثل عمل جهاز الأمن في غزة”.
على فرض أن إسرائيل هي بالفعل مسؤولة عن سلسلة العمليات، فإن الموساد والجيش الإسرائيلي كيفا نفسيهما للتحدي: تصفية مسؤول كبير في الوحدة التي مارست “الإرهاب” ضد إسرائيليين ويهود، الموت الغريب لعالمين كانا يعملان في مشاريع سرية للغاية في جهاز الأمن الإيراني؛ مسيرات ضربت منشأة لإنتاج الصواريخ في برتشين وتسببت بموت واحد من العاملين الكبار فيه، الى جانب هجمات السايبر ضد إيران.
إذا كان هدف الهجوم بالفعل، كما نشر رون بن يشاي في “واي نت” كان منظومة تطوير صواريخ ما بعد صوتية لإيران، فبالتأكيد يمكن أن نفهم لماذا صادق نتنياهو على الهجوم. فالحديث يدور عن تطور مهم في الساحة وإدخال سلاح إذا ما نجح الإيرانيون في إنتاجه من شأنه أن يؤثر سلبا على ميزان القوى في المنطقة. إذا كان العلم الذي طورت به الصواريخ هو علم روسي، فالحديث يدور عن تطور دراماتيكي أكثر فأكثر. لقد أخطأت إيران حين بدأت تساعد روسيا في حربها في أوكرانيا. في نظر أجزاء كبيرة من العالم، بما في ذلك أساسا أوروبا والولايات المتحدة فهذا ارتباط بهتلر عصرنا. وإذا كان هتلر يساعد إيران على إنتاج صواريخ تهدد حلفاء الولايات المتحدة، فالأمر يبعد إمكانية أن توقع الأخيرة على أي اتفاق مع نظام آيات الله.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock