بيرتولوتي: مساعدات عسكرية فرنسية للأردن مطلع العام المقبل

السفير الفرنسي دافيد بيرتولوتي يتحدث للزميلة تغريد الرشق الاسبوع الماضي - (تصوير محمد مغايضة)
السفير الفرنسي دافيد بيرتولوتي يتحدث للزميلة تغريد الرشق الاسبوع الماضي - (تصوير محمد مغايضة)

حاورته: تغريد الرشق

عمان - كشف السفير الفرنسي لدى الأردن دافيد بيرتولوتي عن أن بلاده ستعلن عن تقديم مساعدات عسكرية جديدة للأردن مطلع العام المقبل، استجابة لطلبات تلقتها من الحكومة الأردنية. كما أكد أهمية التعاون الأمني بين البلدين.
واكد السفير، في حوار، هو الأول معه، منذ توليه مهامه كسفير لبلاده لدى المملكة قبل حوالي الشهرين، والذي خص به "الغد"، على وجود تعاون استخباراتي بين البلدين، فيما يخص "داعش". وفيما شدد على ان العلاقات الثنائية ممتازة بين فرنسا والأردن، اشار الى انها اخذت "منحى مختلفا ومكثفا، منذ بداية الأزمة السورية"، واكد ايضا التزام بلاده بدعم الأردن في المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية.
محليا، اعتبر السفير الذي يبلغ من العمر 38 عاما، ويتولى منصب سفير لأول مرة، استمرارية الاصلاحات الاردنية "مهم جدا"، لأنه عبر الاصلاح فقط، سيتمكن الأردن من تلبية مطالب الشعب.
وبخصوص موجة معاداة الاسلام المنتشرة في الغرب مؤخرا، عبّر السفير عن اسفه لرؤية مثل ردود الفعل تلك، معتبرا انها ليست صحيحة، وان المشكلة الحقيقية هي مع الارهاب. 
وحول علاقة بلاده مع روسيا مؤخرا، اكد انها "شريك ولاعب مهم جدا" في حل الأزمة السورية، وان بلاده جاهزة لرؤية دور ايجابي متزايد لروسيا، وكعضو في التحالف الدولي ضد الارهاب، ضمن شروط ثلاثة، وهي قصف داعش والمنظمات الارهابية الأخرى، وليس المعارضة المعتدلة، واحترام القانون الدولي، والالتزام بالعملية السياسية والانتقال السياسي في سورية.
في الشأن الفلسطيني، وفيما أكد أن "داعش" تختطف القضية الفلسطينية، ورغم إقراره بأنها قضية رئيسية، الا انه اعرب عن رأيه بأنه لا يتفق تماما مع القول بأن "القضية الفلسطينية هي جوهر كل المشاكل"، ولكنه اعتبر ان ولادة وانتشار "داعش" منفصل بشكل كبير، عن هذه القضية، مشيرا الى ان داعش، تظهر اهتماما قليلا جدا بالقضية الفلسطينية، ولم يحاولوا مهاجمة إسرائيل. 

اضافة اعلان

* بخصوص مشاركة فرنسا بالتحالف الدولي ضد الإرهاب، خصوصا بعد هجمات باريس الأخيرة، هل تنوي فرنسا توسيع مشاركتها في التحالف؟
- ما قررته فرنسا بعد الهجمات الأخيرة في باريس هو زيادة ضرباتها ضد "داعش"، بما في ذلك ضد مراكز القوة للتنظيم، ما يعني قصف الرقة، اضافة الى زيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية بيننا وبين شركائنا، لتكون الضربات فعّالة اكثر، وتحديدا مع الولايات المتحدة. لهذا السبب سافر الرئيس فرانسوا هولاند سريعا بعيد الهجمات الى اميركا للقاء الرئيس باراك اوباما.
رأيتم زيادة ضرباتنا الجوية مؤخرا، ووصلت حاملة طائراتنا "شارل ديغول" الى شرق البحر المتوسط، قبل انتقالها الى الخليج بعد ذلك، حيث ستكون هناك في تموضع لتعزيز ضرباتنا العسكرية ضد "داعش"، وبما يسمح لنا بزيادة كبيرة في اعداد الطائرات المقاتلة. في الجانب السياسي حاولنا اعادة تنشيط العملية السياسية في سورية، وسعيدون ان عملية فيينا تسير بطريقة ايجابية لغاية الآن. ونؤمن انه لن يتم الانتصار على "داعش دون حل سياسي للأزمة السورية.

* ماذا عن هذا الحل السياسي؟ نسمع كثيرا من التصريحات من مسؤولين فرنسيين مؤخرا، احيانا يقولون انهم يريدون ان يرحل الأسد الان، ثم يقول اخرون انهم لا يمانعون بقاء الأسد في مرحلة انتقالية؟
- موقفنا لم يتغير، وهو واضح جدا. الأسد لا يمكن ان يكون جزءا من الحل. هناك ثلاثة عناصر مهمة جدا في موقفنا، اولها ان الأسد ليس جزءا من الحل، والثاني انه يجب ان يكون هناك عملية انتقال واضحة وسريعة، تتضمن انتقال السلطات، بما فيها تلك في المجالات الاستخباراتية والأمنية، والتي تضمن للمعارضة "بيئة حيادية" وفقا لبيان جنيف. والثالث هو انه لا بد من وجود مبادرات انسانية للتخفيف من معاناة الشعب السوري، تسمح بالتأسيس لوقف اطلاق النار.

* إذا، هل تعتقدون أن الأسد يجب أن يرحل الآن؟
- يجب ان يرحل كجزء من المرحلة الانتقالية، وكلما حصل هذا اسرع يكون افضل. ولكني اعتقد ان المهم ان يكون هناك افق واضح وموثوق لمغادرته، ولانتقال السلطات الى الحكومة الانتقالية، لأنه مرة اخرى، لا نستطيع ان نتوقع من المعارضة ان يكون لديها ثقة بالعملية، ولا نستطيع توقع محاربة المعارضة لـ"داعش" اذا كانت ستبقى تحت تهديد بقاء الأسد.

*ماذا عن علاقتكم مع روسيا، بعد التدخل العسكري الروسي في سورية، وزيارة الرئيس هولاند لموسكو، ما هي التطورات التي طرأت على علاقتكم بخصوص سورية؟
- روسيا بالطبع، شريك ولاعب مهم جدا في حل الأزمة السورية. وما قاله الرئيس الفرنسي هو أننا جاهزون لرؤية دور متزايد لروسيا، ايجابي أكثر. ويمكن أن نعتبر ايضا أن روسيا جزء من التحالف الدولي (ضد "داعش")، تحت عدد من الشروط، اول هذه الشروط وأهمها هو ان الضربات يجب ان تستهدف "داعش" والمنظمات الارهابية الأخرى، وليس المعارضة المعتدلة. هذا بالنسبة لنا محدد لعلاقتنا مع روسيا (في سورية)، وشرط آخر مهم جدا هو أن كل ما نقوم به يجب ان يحترم القانون الدولي والانساني، وان اي استهداف متعمد لمدنيين سيكون غير مقبول. العامل الثالث هو اننا يجب ان نعمل تجاه حل سياسي، وفقا لمبادئ بيان جنيف. اذا تم اخذ هذه العناصر الثلاثة معا، وتم احترامها، فقد يسمح ذلك بادماج ايجابي لروسيا.

* اذا، تؤمنون ان روسيا قد تكون عضوا ايجابيا في التحالف؟
- نأمل ان يكونوا كذلك. هم لاعبون مهمون جدا، ولديهم علاقات قوية مع النظام السوري، وهم  متواجدون عسكريا. وروسيا والولايات المتحدة هما الراعيان لعملية فيينا، لذا ليس من مصلحتنا العمل بدون روسيا، لكن وفق ما ذكرت.

* هناك تقارير عن تحالف او تعاون فرنسي روسي بشكل ثنائي ضد الارهاب، هل هذا صحيح؟
- لا. لا استخدم عبارة تحالف، فالتحالف الدولي ضد الارهاب معروف، وروسيا ليست جزءا منه، لأنها كانت غير راغبة بذلك، ما عرضناه، وما ناقشه هولاند مع الرئيس بوتين هو زيادة التعاون، وذكرنا تحديدا جاهزيتنا ثنائيا لزيادة تبادل المعلومات حول الجماعات الارهابية، وتحديدا "داعش"، لنكون فعالين اكثر، ولكن كما ذكرت سابقا، كل ذلك يجب ان يبقى تحت مظلة الشروط الثلاثة.

*ولكنك قلت الآن "تعاون بشكل ثنائي مع روسيا"؟
- قلت كفرنسا. لكن لا نستطيع الزام بقية دول التحالف. لذا هناك عدد من الأمور نستطيع القيام بها مع روسيا بشكل ثنائي. لدينا مصلحة مشتركة بمحاربة الارهاب. دولتان ضربتا من قبل "داعش".

* كان هناك اتصال سابقا بين فرنسا والنظام السوري، ثم توقف، هل هناك تغيير بهذا المجال؟
- لا. لا تغيير. لا اتصالات مع النظام. نحن على اتصال وثيق مع المعارضة، وتحديدا المعتدلة منها. وكنا سعيدين لسماع نتائج اجتماع الرياض، ونرحب بتلك النتائج، التي ادت الى تبني منصة مشتركة بين عدد من الجماعات المعارضة، التي اكدت ارتباطها بسورية حرة وديمقراطية وموحدة، والتي سمحت ايضا بتعيين لجنة لانتخاب مفاوضين للخطوات التالية في عملية فيينا.

* الا تتبادلون معلومات مع الحكومة السورية، التي ربما تملك معلومات اكثر عن الجماعات الارهابية؟
- لا. لن نفعل ذلك. وبصراحة، ننتظر لنرى اذا كان النظام الحالي في دمشق لديه معلومات اكثر عن الجماعات الارهابية.

* لا تثقون به؟
- اذا نظرت الى التطورات على الأرض، لم نر قتالا كبيرا من قبل جيش النظام ضد "داعش"، وبشكل عام لا احد يثق بالنظام لتحقيق اي شيء. الشعب السوري لا يثق بالنظام. وعندما ننظر الى الأهداف العسكرية التي يستهدفها النظام فهي ضرب المعارضة المعتدلة. صعب ان نتخيل اعتمادنا على نظام بشار، لقيادة قتال فعال ضد "داعش".

* هل تريد فرنسا ان تكون روسيا عضوا في التحالف الدولي ضد الارهاب، ام انكم تسعون لمجرد التنسيق معها؟
- نحن جاهزون لرؤية روسيا عضوا بالتحالف ضمن الشروط الثلاثة، لذا اذا كان لدينا نفس الأهداف، قصف داعش والمنظمات الارهابية الأخرى، وليس المعارضة المعتدلة، وان كان هناك احترام للقانون الدولي، وان كان هناك التزام حقيقي بالعملية السياسية والانتقال السياسي، فهذا يسمح لنا بالعمل فعليا عن كثب مع روسيا.

* قلت انكم ترحبون ببيان الرياض، الا ترى ان الأمور قد تتعقد اكثر بعد هذا الاجتماع؟
- ستكون هناك عملية صعبة وطويلة، ولكن على الأقل اجتماع الرياض اشارة جيدة،  ويساعد بتحقيق الهدف بتوحيد المعارضة السورية. ومهم ايضا بالنسبة للمباحثات القادمة مع النظام، ان يكون هناك معارضة قوية وموحدة، بما فيه الكفاية، وهادفة لايجاد سورية حرة وديمقراطية. الأرضية التي تم تبنيها في الرياض تذهب في هذا الاتجاه.


* هل تنوون تغيير سياستكم الخارجية بعيد هجمات باريس؟
- لا. التغيير لا يبرر بما جرى في باريس. ربما قوّى الحادث من عزيمتنا لمحاربة الارهاب، وكذلك قوّى عزيمة المجتمع الدولي لمعالجة الأزمة السورية. وبسبب احداث اخرى ايضا، حصلت في ذات الوقت، مثل تفجيرات بيروت والهجوم على الطائرة الروسية في سيناء، اعتقد ان هذه الهجمات من قبل "داعش"، جعلت المجتمع الدولي يدرك الخطر الذي يمثله هذا التنظيم، والذي ربما سرّع من المسار السياسي في فيينا.
اولويتنا كانت وتبقى عملية الانتقال في سورية، لم نغير سياستنا. ما نحاول فعله هو ربما العمل بجدية اكثر لبناء تحالف دولي ضد "داعش"، وتحديدا محاولة احضار روسيا الى التحالف الدولي.

* تقولون انكم تدعمون المعارضة المعتدلة، من هي القوى او الفصائل التي تدعمونها على الأرض في سورية؟
- ليست مسألة اسماء، لكننا ندعم هؤلاء الذين يلتزمون برؤية معينة لمستقبل سورية، كدولة حرة ديمقراطية علمانية، حيث يتم احترام جميع الجماعات العرقية والانتماءات الدينية والحساسيات السياسية. وبالطبع ندعم هؤلاء الذين يرفضون بوضوح الارهاب.
لا اريد الخوض في اسماء، وكما تعلمون فان هناك مهمة موكلة للأردن، لتنسيق الجهود لتحديد من هي التنظيمات الارهابية، ومن هي غير الارهابية. لذا لا اريد نقاش امر بالعلن، في حين يتم نقاشه بالسر حاليا. وبالطبع نتحدث مع الأردن كمنسق لمجموعة العمل هذه.

* في السياق، ما رأيكم باختيار الأردن لهذه المهمة؟
 - اعتقد ان الأردن كان خيارا جيدا جدا، لأنه ملتقى طرق لعدد من اللاعبين، ولديه علاقات جيدة مع الكثير من الأطراف. وليس سرا ان من بين جميع الدول في عملية فيينا، هناك اراء مختلفة حول من هو التنظيم الارهابي ومن هو غير ذلك. لذا من المهم ان يكون هناك دولة بعلاقات جيدة مع الجميع تقريبا تاخذ هذه المهمة. انها مهمة صعبة ولكننا واثقون ان الأردن سيديرها جيدا.

* فرنسا اعلنت سابقا ان لديها 6 طائرات ميراج مقاتلة في الأردن، وانها تنطلق لتنفيذ ضربات جوية ضد "داعش"، هل زاد عددها؟
- معدل طائراتنا في الاردن هو ست طائرات، احيانا تكون هناك طائرة اضافية لأغراض المراقبة. الأردن حليف مهم جدا لنا، وهو احد المنصات التي نعمل منها. ونعمل ضد "داعش" من الأردن ودولة الامارات.

* هل لا تزالون تنفذون ضربات جوية يومية ضد "داعش"، لأن هناك تقارير تتحدث عن تقليص مشاركة بعض الدول الأوروبية؟
- لا استطيع التحدث عن الدول الأوروبية الأخرى، ولكن فرنسا لم تقلل، بل بالعكس رفعنا من هجماتنا في الأيام الأولى التي تلت هجمات باريس. ونحرص على أن نكون مشاركا نشطا بالتحالف. هناك عدد من المهام والأوامر التي تنفذها الطائرات الفرنسية يوميا، وهي ذات مهام طائرات التحالف، وهي اما ضرب اهداف محددة سابقا لداعش، او تقديم دعم جوي عن قرب للقوات المقاتلة، سواء اكانت القوات العراقية او الكردية في العراق.

* هل تتعاونون مع سلاح الجو الأردني وطياريه وطائراته، في قصف "داعش" في سورية والعراق؟
- هناك تعاون بشكل عام بين كل دول التحالف، لأنه بوجود اعداد كبيرة من الطائرات في الجو، لا بد من التنسيق. وما نفعله ايضا في مجال التعاون الأمني هو استغلال وجود قوات عسكرية فرنسية في الأردن، لاجراء عدد من النشاطات العسكرية مع القوات المسلحة، لذا هو ليس تنفيذ ضربات، بل تعاون عسكري بشكل عام.

* ماذا عن التعاون الاستخباراتي، نظرا لسمعة الأردن الممتازة في هذا المجال؟.
- نعم، هناك تعاون استخباراتي بين بلدينا، بما في ذلك حول "داعش".

*هل لديكم نية لانشاء قاعدة عسكرية في المنطقة بعد هجمات باريس؟
-  لدينا الان قاعدة دائمة في الامارات، منذ 2007  ، تضم قوات بحرية وجوية وارضية. ومنذ عام 2014 تتواجد طائراتنا في الأردن، وهي لغاية الآن تكفي لحاجاتنا في المنطقة.

* هل ستزيدون قواتكم في الأردن؟
- لا اعتقد ذلك. ويجب التنسيق مع بقية اعضاء التحالف، لكن حاليا، وطالما ان حاملة الطائرات "شارل ديغول" تستطيع البقاء في المنطقة، فتقديرنا ان لدينا ما يكفينا من طائرات لقصف داعش.

* اذا المهمة الرئيسية لحاملة الطائرات هي قصف "داعش"؟
- الان اصبحت هذه مهمتها الرئيسية، ولكن لها اصلا مهمتين، الثانية هي اجراء مجموعة من نشاطات التعاون العسكري مع شركائنا في المنطقة.

* هل تنوون إبقاء الحاملة في المنطقة؟
- نشرها هناك، سيستمر لبضعة اسابيع، لأن معدل بقاء حاملات الطائرات منتشرة في مكان ما هو نحو ثلاثة أشهر.

* الأردن يخوض الحرب أيضا ضد "داعش"، هل تقدمون مساعدات للأردن في هذا الصدد، وهل لديكم خطط لمساعدات عسكرية جديدة له؟  
- بالطبع، لدينا دعم وتعاون عسكري مع الأردن. مساعداتنا العسكرية محددة لتمكين الأردن بقتال الارهاب ومواجهة التهديدات. لذا فان تعاوننا ودعمنا العسكري يركز على عدد من المجالات، مثل القوات الخاصة، او القصف الجوي، النقل الجوي، وتنقل القوات، وكذلك الاستخبارات العسكرية، هناك عدد من مشاريع المساعدات العسكرية التي نفكر فيها حاليا، والتي سيتم الاعلان عنها مطلع العام المقبل، ولكن لا استطيع الكشف عنها الان.

* إذا، ثمة نية لزيادة المساعدات العسكرية للأردن؟
- هناك نية للابقاء على مستوى جيد من المساعدات العسكرية في مجال التمرين، وان استطعنا، فاننا ننوي الاستجابة لعدد من الطلبات العسكرية، التي تلقيناها من الحكومة الأردنية.

*هل ستكون هذه المساعدات على شكل منح ام قروض؟
- هناك مساعدات في التمرين والنشاطات المختلفة، ونحن ننظر في عدد من الطلبات الأردنية لمعدات عسكرية، ولكن ليست منحا مالية.
* هل تعني ان الأردن سيشتري هذه المعدات؟
 - لا. سنقدمها للأردن كمنح.

* هل تخططون لزيادة المساعدات للأردن في سياق تحمله لأعباء اللجوء السوري، حيث ان اوروبا تفضل بقاء السوريين في الأردن ودول المنطقة، وان لا يلجأوا اليها عبر البحار؟
- نريد للسوريين ان يستطيعوا يوما ما العودة الى بلدهم، وهي في سلام. ليس بالضرورة اننا نريد ابقاءهم في دول الجوار، وان لا يتم حل المشكلة في سورية. نحن ملتزمون بمساعدة الأردن في التغلب على اعباء هذا اللجوء، ونقوم بذلك عبر طريقين، انسانيا، ومنذ 2011 التزمت فرنسا بثلاثين مليون يورو كمساعدات انسانية لأزمة اللاجئين السوريين، وخصصنا 10 ملايين يورو اضافية للعام 2016، ولدينا عدد من المنظمات غير الحكومية تعمل في المخيمات، ونقوم ببرنامجنا الخاص لاعادة التوطين لعدد من اللاجئين السوريين. هناك عمليتان منفصلتان في هذا المجال، هناك اعادة توطين للاجئين السوريين الموجودين اصلا في اوروبا، ووافقنا على استقبال 25 الفا منهم، خلال خمس سنوات.
وهناك ايضا اولئك الذين نعيد توطينهم من المنطقة، وهم حوالي 500 كل عام.
كما لدينا خطة طويلة الأمد لدعم صمود الأردن، وتحديدا مساعدته في خطته التي وضعها للاستجابة، كما اعلنتها الحكومة الاردنية. نعمل عن كثب مع وزارة التخطيط  لمواءمة اعمالنا مع الأولويات الأردنية، وتحديدا توسيع دعمنا للمجتمعات المضيفة، وندرك حجم التحديات على هذه المجتمعات، وان اغلب اللاجئين ليسوا بالمخيمات بل بالمجتمعات، ويشكلون  كبيرا على الخدمات العامة، وخصوصا المياه والطاقة والتعليم.  ونحن ممتنون جدا للأردن لكرمه واستضافته اللاجئين، لذا وجهنا مساعداتنا الى هذه القطاعات الهامة.

* بعد هجمات باريس، جرى حديث عن ان فرنسا اوقفت منح تأشيرات الشينغن، وانها لا تريد دخول عرب او مسلمين لاراضيها؟
*كل ذلك خطأ، وهذه اشاعات. لم نوقف ابدا اصدار تأشيرات في عمان، والمسافرون من الشرق الأوسط لا يزال مرحبا بهم جدا في فرنسا. قلنا اننا سنعيد  تأسيس المراقبة على الحدود وتحديدا داخل منطقة الشينغن، وهذا امر مختلف تماما عن اصدار التأشيرات.
لا نزال مهتمين جدا بدعوة السياح والمستثمرين ورجال الأعمال من الشرق الأوسط، لذا فان الأردنيين مرحب بهم جدا.

* ماذا تقول عن موجة معاداة الاسلام التي تسود بشكل كبير في الغرب حاليا؟
- انا اسف جدا لرؤية ردود الفعل تلك من الناس، لأني اعتقد ان هذا ليس رد الفعل الصحيح. مشكلتنا مع الارهاب، ومع مجموعة صغيرة من الأفراد يدّعون انهم ينتمون لـ"داعش"، وهم ليسوا الأغلبية، سواء من المواطنين الفرنسيين المسلمين او الأغلبية العظمى من العرب المسلمين في العالم العربي.
علينا ان نحارب هذا الالتباس، واعتقد انه لفعل هذا، يجب الحصول على دعم عدد من الدول العربية مثل الأردن، والاستناد الى رسالة جلالة الملك عبد الله الثاني، التي يشرح فيها ان هذا ليس هو الاسلام. ليس علينا ان نعطي انطباعا ان الغرب ضد المسلمين، فهذا انطباع خاطئ.

* العلاقات الأردنية الفرنسية الاقتصادية والسياسية والأمنية، كيف تصفها؟
- العلاقات الثنائية ممتازة، وفرنسا ملتزمة بدعم الأردن في المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية. علاقاتنا كانت دائما جيدة، ولكنها اخذت منحى مختلفا ومكثفا، منذ بداية الأزمة السورية، لأن الأردن يواجه تحديات جديدة، ونحن نواجه تحديات ايضا، ويجب ان نتعاون لمواجهتها. وارتفعت وتيرة الزيارات على ارفع مستوى بين البلدين.
اقتصاديا، لدينا علاقة قوية. فرنسا هي المستثمر الأول غير العربي في الأردن، وتقدر استثماراتنا بحوالي مليار ونصف المليار دولار.
هذه الاستثمارات تخلق فرص عمل للأردنيين، وتساعد اقتصاد الأردن. ربما النقطة الصغيرة الوحيدة التي اعتبر نفسي غير راض عنها هي مستوى تبادلنا التجاري الثنائي، اعتقد انه اقل مما يمكن ان يكون عليه، فهو فقط 300 مليون دولار سنويا، واعتقد اننا نستطيع فعل المزيد.
* ما رأيكم بالاصلاحات الجارية في الأردن وسط كل ما تواجهه المملكة من تحديات جراء الاضطرابات في المنطقة؟
- نحن نثني وندعم الأردن في جهودها الاصلاحية السياسية والاقتصادية، ونؤمن ان هذا مهم جدا للمملكة، لكي تحافظ على استقرارها، وكي تبقى دولة تنعم بالسلام، وتقدر على تحمل كل الصدمات القادمة من الخارج.

* ما اخر تطورات مشروع الباص السريع وهل تتابعون مراحله؟
بالطبع، هذا قرض مهم جدا من الوكالة الفرنسية للتنمية وقع مع امانة عمان، استثمار كبير، وقمنا به لأننا قيّمنا ان تحسين المواصلات في عمان مهم جدا لتطوير المدينة، لذا نساعد الأمانة في ذلك. وثمة مشروع مواصلات اخر بين عمان والزرقاء مهم جدا لتنقل العاملين والسكان بين المدينتين، هناك ايضا مشروع نقل عام بين عمان ومطار الملكة علياء الدولي.
مجال اخر، ملتزمون به هو قطاع المياه، لدينا عدد من المشاريع الكبيرة، اضافة الى مشروع مهم نتابعه باهتمام كبير سياسيا واقتصاديا، هو مشروع ناقل البحرين.

* ماذا عن نجاح اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات المحلية الاخيرة في الجولة الأولى؟
- بانتظار نتائج الجولة الثانية، والتي جرت الأسبوع الماضي، لكن الأمر مقلق، وليس مقتصرا على فرنسا، فان صعود اليمين المتطرف شوهد بعدد من الدول الأوروبية، واعتقد انه بشكل رئيسي نتاج ثلاثة عقود من الأزمات الاقتصادية والنمو البطيء وعدم المساواة داخل مجتمعات، وبسبب البطالة وغياب الفرص.
هذه هي اشارة سياسية يجب اخذها بجدية. لكن اعتقد انه لا يجب النظر اليها بأنها ممثلة بشكل كامل للمشهد السياسي الفرنسي، او انها اشارة على تراجع الحياة الديقراطية، فهي تبقى ديمقراطية حيوية عندما يكون الجدل السياسي حاميا جدا، وكما هو الحال في دول اوروبية اخرى بعض الأحزاب السياسية تمكنت من استغلال خيبة الأمل لدى جزء من الشعب لكنني شخصيا ادين كل هؤلاء الذين يحاولون اللعب على مخاوف الناس.

*هل تعتقد ان لهجمات باريس دور في صعود اليمين حاليا؟
- هم يلعبون بورقة الأمن حاليا، لانها مرحلة خطرة، والأمن يأتي علي راسها، لإظهار ما يقولون انه عيوب الاندماج، فالجدل احتدم حول ان وجود منطقة الشينغن، والتنقل بدون حدود قوض امننا، وهذا ليس حقيقيا. المشكلة ليست منطقة الشينغن أو مشكلة اللاجئين، بل المشكلة هي الازمة السورية، وكذلك ازمة جنوب صحراء افريقيا، والتي خلقت مغناطيسا للإرهاب، حيث وجدت جماعات إرهابية ملاذا بسبب الفوضى في المكانين المذكورين.

* القضية الفلسطينية لم تذكرها عند حديثك عن أسباب الإرهاب، الا تعتقد ان قضية فلسطين هي السبب الرئيس لكل ما يحصل في المنطقة؟
- من المعلوم ان فرنسا ملتزمة بايجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية الاسرائيلية.  والدبلوماسية الفرنسية ملتزمة جدا بالوصول الى هذا الحل عبر السنوات الماضية. وقد بادرت فرنسا، بدعم دولي، لاطلاق مبادرة لاعادة اطلاق عملية سلام حيوية.

* هذه المبادرة التي توقفت عندما رفضتها اسرائيل؟
- لم تتوقف المبادرة. لا تزال موجودة على الطاولة، اذا كانت الاطراف مهتمة. حاليا الجهود مركزة على سورية و"داعش"، لكننا قلنا دائما، انه لا يجب ان ننسى عملية السلام، وانه لا يجب علينا جعل "داعش" تختطف القضية الفلسطينية. انا اتفق، ولا اتفق معك، عندما تقولين ان القضية الفلسطينية هي جوهر كل المشاكل. نعم هي رئيسية، لذا علينا حلها قبل ان يصبح الوقت متأخرا، وقبل ان يصبح حل الدولتين غير قابل للتطبيق، ولكن ولادة وانتشار "داعش" منفصل بشكل كبير عن القضية الفلسطينية. اذا نظرنا الى ما تقوله "داعش"، فهي تظهر اهتماما قليلا جدا بالقضية الفلسطينية، ولم يحاولوا مهاجمة اسرائيل، واذا نظرت الى المقاتلين الأجانب الذين ينضمون لـ"داعش"، فهم لا يفعلون هذا لأنهم منجذبون للدفاع عن القضية الفلسطينية، وهذا ليس محركهم، هذا لا يعني ان القضية الفلسطينية ليست مهمة، بل اعتقد انها ليست بالضرورة ستضع حلا لظاهرة "داعش"، ولكن من المؤكد العكس اي اننا لا نريد للوضع ان يخرج عن السيطرة، بحيث يرى الناس "داعش" كحل للقضية الفسطينية.

* إذا، بشكل عام ما موقفكم من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
- على المجتمع الدولي أن يستمر بالعمل لايجاد حل دائم وعادل للقضية، بما في ذلك، وهذا كان مركزيا في مبادرتنا، الدفع بايجاد حل، لأن من الواضح ان الطرق المتبعة لغاية الآن لم تنجح. بالطبع الاسرائيليون والفلسطينيون يجب ان يتناقشوا، وبالطبع لاميركا دور كبير لتلعبه، ولدول عديدة في المنطقة، مثل الأردن، دور في المساعدة ايضا، لكننا وصلنا الى مرحلة، يجب فيها على كل المجتمع الدولي ان يضع ضغوطا على كل اللاعبين، والاستمرار بالبحث عن كل مبادرة تحقق السلام.

 

[email protected]