بيروت المنكوبة: لقاءات مكوكية لمسؤولين أميركيين وفرنسيين وإيرانيين مع السلطات

بيروت - بعد عشرة أيام من الانفجار المدمر، تستمر عمليات البحث عن مفقودين تحت أنقاض مرفأ بيروت، بينما يتسلم القاضي فادي صوان أمس الجمعة مهامه كمحقق عدلي في القضية للإشراف على التحقيقات التي يجريها محققون محليون وأجانب. وفي بيروت المنكوبة، يعقد موفدو كل من الولايات المتحدة وإيران وفرنسا غداة وصولهم، لقاءات مكوكية مع المسؤولين، في بلد صغير لطالما شكل ساحة نفوذ لقوى اقليمية ودولية. وتأتي الزيارات على وقع اتصالات سياسية بين الفرقاء المحليين لتكليف رئيس حكومة جديد بينما يطالب المجتمع الدولي لبنان بتشكيلها سريعاً. وتواصل فرق البحث والتحقيق عملها في موقع الانفجار في مرفأ بيروت، بينما تتبلغ عائلات جديدة العثور على أشلاء أقربائها، وبينهم عائلة حتي التي تم اعلامها بمطابقة فحوص الحمض النووي لأشلاء تم العثور عليها وتعود لكل من شربل ونجيب حتي، اللذين كانا في عداد عشرة عناصر من فوج الاطفاء هرعوا إلى المرفأ قبل دوي الانفجار. وكتبت أنطونيلا حتي، شقيقة نجيب (27 عاماً) وابنة عم شربل (22 عاماً) على صفحتها على فيسبوك "ما من كلمات تصف النار في داخلنا، هل تتخيلون أننا بتنا نهنئ بعضنا البعض لاننا وجدنا اشلاء كل منكما؟". وأضافت "شربل، صهري، ما زلنا بانتظارك.. وانتهى الكلام"، في إشارة الى زوج شقيقتها شربل كرم (37 عاماً)، وهو أحد عناصر الفوج الذين ما زالوا في عداد المفقودين. وقالت مايان ناصيف، قريبة الشابين، بتأثر شديد لوكالة فرانس برس عبر الهاتف إن "العائلة لن تقيم مراسم الدفن والعزاء قبل العثور على شربل كرم" وهو أب لطفلتين صغيرتين. ويتحدر الشبان الثلاثة من بلدة قرطبا التي خيم الحزن عليها، وفقدت ضحية رابعة هو احد الموظفين في المرفأ. ورفعت في البلدة صورة لعناصر فوج الاطفاء الثلاث مذيلة بتعليق "الأبطال". وتم الخميس إعلان العثور على عنصر آخر من فوج الاطفاء، ليرتفع بذلك عدد الذين تم إعلان مقتلهم إلى سبعة من أصل عشرة تلقوا بلاغا باندلاع نيران في العنبر رقم 12، من دون أن يعلموا ما ينتظرهم داخله من كميات هائلة من نيترات الأمونيوم، تحقق السلطات في أسباب تخزينها من دون إجراءات وقاية منذ أكثر من ست سنوات، وانفجارها. حول التفجير بيروت إلى مدينة منكوبة، بعدما أودى بحياة أكثر من 170 شخصاً وأصاب أكثر من 6500 بجروح، عدا عن تضرر أحياء واسعة في العاصمة وتشريد نحو 300 ألف من سكانها بعد تضرر منازلهم. ويُتوقع أن يعطي تعيين القاضي فادي صوان على رأس المجلس العدلي، دفعاً للتحقيقات التي تجريها السلطات، بعدما رفض لبنان الأسبوع الماضي اجراء تحقيق دولي في الانفجار. ويشارك محققون أجانب في التحقيقات الأولية بينهم محققون فرنسيون. وأعلنت واشنطن الخميس أن فريقاً من مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) سينضم إلى المحققين المحليين والدوليين. وطالب خبراء أمميون في مجال حقوق الإنسان الخميس بإجراء تحقيق مستقل وسريع في الانفجار، معربين عن قلقهم من ثقافة "الإفلات من العقاب" السائدة في لبنان. ودعوا في اجراء نادر، مجلس حقوق الإنسان إلى عقد اجتماع خاص في أيلول(سبتمبر) للنظر في هذه الكارثة. ويتسلم صوان، قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة، مهامه كمحقق عدلي في قضية انفجار المرفأ. ويُعرف عنه استقلاليته ووقوفه على مسافة واحدة من القوى السياسية وبعده عن الأضواء، وفق مصدر قضائي. وينظر المجلس العدلي في الجرائم الكبرى، التي تتعرض لأمن الدولة وتهدد السلم الأهلي. وتُعد أحكامه مبرمة وغير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة. وقال مصدر قضائي لفرانس برس إن "مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، سيسرع اليوم الإدعاء على الموقوفين 19 وكل من يظهره التحقيق فاعلا أو شريكا أو محرضا أو متدخلا أو مقصرا" على أن يسلم الملف إلى صوان. وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام، أرجأ المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري الاستماع إلى إفادات وزراء الأشغال والمال التي كان مقرراً أن تبدأ أمس الجمعة، إلى حين ارسال صوان كتاباً حول عدم اختصاصه في التحقيق مع وزراء إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وتتابع النيابة العامة التمييزية بعدها التحقيقات لتحديد مسؤولية الوزراء المعنيين. في إطار الحراك الدبلوماسي نحو بيروت، يعقد كل من مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لقاءات منفصلة مع المسؤولين اللبنانيين. وتواصل وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي التي تعد بلادها في طليعة الداعين الى الإسراع بتشكيل حكومة جديدة، زيارتها بيروت، حيث التقت رئيس الجمهورية ميشال عون وتستقبل في مرفا بيروت ظهراً حاملة الحوامات "تونير"، التي تقل من فرنسا مجموعة هندسية من القوات البرية ومفرزة غواصين من البحرية، إضافة إلى مساعدات غذائية. والتقى هيل صباح أمس الجمعة رئيس الجمهورية ميشال عون، غداة تأكيده استعداد بلاده "لدعم حكومة لبنانية تعكس إرادة الشعب وتستجيب لها وتلتزم وتعمل بصدق من أجل تغيير حقيقي". ومن المقرر أن يلتقي هيل عدداً من المسؤولين ورجال دين وممثلين عن المجتمع المدني، فيما التقى ظريف نظيره في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة. ويبدي محللون وناشطون خشيتهم من أن تجد القوى السياسية التقليدية في الدعم الدولي الذي يحظى به لبنان منذ الانفجار فرصة لـ"إعادة تعويم" نفسها خصوصاً بعد تداول تقارير اعلامية عن مسعى لإعادة تسمية سعد الحريري رئيساً للحكومة، في خطوة يتوقع أن تثير غضب الشارع الذي سبق له أن أسقط أيضا حكومة برئاسة الحريري في خريف 2019.-(ا ف ب)اضافة اعلان