بين غزة و"الفيفا"

إسرائيل هيوم

بقلم: عوديد غرانوت

اضافة اعلان

19/6/2019

اعتقال ميشيل بلاتيني، رئيس الفيفا سابقا، في باريس، للاشتباه بتلقي مقابل مالي سخي من قطر على الحق المنشود الذي منحه لها لاستضافة مباريات المونديال في 2022 لم يأت مفاجئا لاحد.
فقد حامت الشبهات في الهواء منذ اليوم الذي اختيرت فيه الدولة الخليجية الصغيرة هذه لاستضافة أحد الأحداث الرياضية الكبرى في العالم، وبقوة أكبر من اللحظة التي انكشف فيها اللقاء السري بين بلاتيني وأمير قطر، قبل عشرة أيام فقط من التصويت المصيري.
يقول العقل إن بلاتيني ليس الوحيد. هناك اقاويل عن مئات ملايين الدولارات التي تدفقت من الدوحة إلى جيوب اعضاء اللجنة الآخرين كي يرجحوا التصويت ويفضلوا قطر على الولايات المتحدة. فهل سيؤدي هذا التحقيق إلى سحب حقها في استضافة المباريات، بعد أن استثمرت 200 مليار دولار في بناء مدينة الرياضة الكبرى، سبعة ستادات جديدة وماذا لا؟ ليس واضحا بعد.
كما أن القرار القطري بشراء مباريات المونديال بالمال لا يجب أن يفاجئ احدا. فمنذ سنين طويلة وهذه الدولة التي تجلس على احتياطات غاز ونفط ضخمة، هي الأغنى في العالم بمعنى الناتج المحلي الخام، تستخدم على نحو لا ينقطع ثرواتها كي تشتري لنفسها مكانة ونفوذا اقليميا، وكي لا يتمكن أحد من أن يتجاهلها، حتى لو كان أثار هذا غيظ أحد ما.
لقد فاق النجاح كل تقدير. اقامة قناة "الجزيرة"، قناة القمر الصناعي الأولى في العالم العربي قبل أكثر من 20 سنة، باستثمار هائل، أتاح لقطر التوجه مباشرة إلى الشعوب العربية من فوق رؤوس الزعماء. شجعت القناة الثورات، كشفت مظاهر الفساد ودفعت الحكام لمحاولة منع بث القناة بكل وسيلة، ولكن عبثا.
بالتوازي ضخت قطر المليارات لمنظمات الإرهاب الإسلامي المتطرف. فهي تستضيف في نطاقها القيادة العالمية للاخوان المسلمين بقيادة الشيخ يوسف القرضاوي واستضافت المكتب السياسي لحماس. وبين الأعوام 2012 حتى 2018 نقلت إلى حماس في غزة أكثر من مليار دولار. بعض المال ذهب لانتاج الصواريخ. وهذه المساعدة لغزة تستمر الآن، ظاهرا لمساعدة المشاريع الانسانية وتحقيق "التسوية" بين اسرائيل وبين حماس. أما عمليا فينبغي الافتراض بان قسما من هذه الاموال يجد طريقه الى الذراع العسكري.
في غضون بضع سنوات أصبحت قطر، بقيادة عائلة آل ثاني، الابنة العاقة للخليج والعالم العربي. الثقة بالنفس ازدادت ضمن أمور اخرى، بفضل القاعدة الكبرى التي قدمتها لجيش الولايات المتحدة في اراضيها وبفضل الحوار مع الجميع، الاشرار والاخيار. مع ايران ومع اسرائيل ايضا. اما السعوديون وباقي الخليجيات فقد فرضوا عليها المقاطعة قبل سنتين بسبب العلاقات مع طهران، والمصريين – بسبب العلاقات مع الاخوان المسلمين. ولكن قطر تواصل طريقها كالمعتاد.
في الأسبوع القادم ستفتتح في البحرين، جار قطر، ورشة للسلام بين اسرائيل والفلسطينيين. في الوقت الذي تستغل فيه قطر مقدراتها المالية الهائلة كي تخدم مصالحها فقط، فان الفكرة خلف المؤتمر في البحرين هي تجنيد المساعدة للفلسطينيين ورسم افق للتنمية الاقتصادية بعيدة المدى من اجلهم، لا تكون بديلا عن حل سياسي، ولكن كفيلة بان تدفعه إلى الأمام. أبو مازن، لشدة الاسف، رحب قبل بضعة أيام بالاقتراح بالمساعدة السخية من قطر ولكنه يرفض اليد الممدودة من البحرين.