بين موقفين

اسرائيل هيوم

درور إيدار

هناك أمور كثيرة بحاجة إلى الرد في خطاب إيهود باراك. مشكوك فيه أن جميع من تحدثوا عن "تمرد الجنرالات" قد سمعوا خطابه كاملا. في موقع مؤتمر هرتسليا كنت السابع من بين من شاهدوا الخطاب.اضافة اعلان
1 - اذا قمنا بازالة الرزمة المعتادة (فاشية، الحاق الضرر بالديمقراطية وغيرها) فإن الخطاب يعتمد على الموقف القديم لليسار الإسرائيلي، الذي في أساسه المشكلة الديمغرافية التي تناقض سيطرتنا على قلب البلاد. حيث أن تطبيقها سيؤدي "بالضرورة" إلى دولة "ابرتهايد" أو "دولة ثنائية القومية" مع أقلية يهودية وحرب أهلية. لماذا هذين الاحتمالين، رغم وجود الحكم الذاتي المشهور لمناحيم بيغين المطروح منذ كامب ديفيد. وحسب باراك "العالم" – بما في ذلك الهند والصين وروسيا – لن يوافق.
لقد أجاب على ذلك مناحيم بيغين في مقابلة مع يعقوب احيمئير في 1977: "هل قال أي مبعوث إسرائيلي ذات مرة لأحد السناتورات إن يهودا والسامرة هي قانونيا حسب العدالة وحسب الأحقية يجب أن تكون جزء لا يتجزأ من السيادة الإسرائيلية؟ أي ادعاءات لدينا... لقد أخذوا الدرس من (اليسار الإسرائيلي) وهو أننا على استعداد للتنازل عن مناطق يهودا والسامرة، عندها دخل في رأسهم أن هذا واقع عادل".
قبل خمس سنوات قال لي المستشرق الكبير في جيلنا برنارد لويس إنه في منتصف القرن الواحد والعشرين، الصين والهند اللتان هما القوتان العظميان الجديدتان، ستكونان معنيتين بخدمات إسرائيل كـ "الكبيرة والمسؤولة" في الشرق الاوسط. مع عمل صحيح وبأقل هستيريا من قبل اجزاء في داخلنا حول "نهاية الصهيونية" لا سمح الله، سيوافق العالم على الحكم الذاتي. لا سيما على ضوء عدم قدرة الفلسطينيين على اقامة كيان سياسي قابل للحياة دون أن يسقط ضحية للقوات الاسلامية الجهادية. وقد سمعت أمس الكاتب أ.ب يهوشع يتحدث عن فرض السيادة الإسرائيلية على المناطق ج. صحيح أنه حسب رأيه الحديث يدور عن المرحلة الاولى في طريق حل الدولة الواحدة وانهاء الاحتلال، ولكن على العكس، نبدأ بشيء.
2 - ادعاء آخر لباراك هو أن نتنياهو يبحث في كل مرة عن شيطان آخر – نصر الله، احمدي نجاد، داعش وما أشبه – من اجل بث الخوف الوجودي لدى الجمهور، الامر الذي يبرر "تفضيل سلامة البلاد على سلامة الشعب". باراك تحدث عن "أخذ المخاطر" بالنسبة للحلول السياسية وزعم أن خطأ القيادة الحالية هو "تجاهل مبدأ الواقع الذي أرشد الصهيونية".
إن الخلاف واضح. ليحكم القراء. على ضوء تجربتنا في المائة سنة الأخيرة، لا سيما منذ اتفاقيات اوسلو، وبالتحديد منذ الانفصال: أ- هل الحديث يدور فقط عن خدعة ذاتية أم أننا تحملنا الكثير من المخاطر التي دفعنا بسببها الدماء؟ ب- من هو المنطقي ومن هو الرومانسي، من يقرأ الواقع ويتعلم من تجربته ومن يمتحنه من خلال نظارات ايديولوجية – الحذر أم "المغامر"؟.
باراك تطرق إلى "حانوت الستيك لتيار التاريخ" – أي القوى التاريخية التي لا يمكن تنظيمها أو السيطرة عليها – مع ذلك أوصى بـ "أخذ المخاطر". صحيح أن الرواية الصهيونية تشمل اختيار العمل ضد جميع الفرص (قرار الإعلان عن الدولة). ولكن هذه الرواية تشمل أيضا فهم حدود القوة – ليس فقط حدود استخدام القوة، بل حدود القوة في المخاطرة بضياع القوة حيث أن هذا هو المغزى الحالي لانسحاب إسرائيل من ظهر الجبل.
3 - في اجزاء من "نبوءات الغضب" في الخطاب، تحدث باراك عن "نهاية المشروع والحلم الصهيوني" اذا لم يتم القبول بمشروعه السياسي. كتبت كثيرا أنه من الناحية التاريخية هناك فرق جوهري – فرق يؤدي إلى قيمة مختلفة تماما – بين الواقع الذي نحلم فيه أن صهيون هي القدس واماكن هي عرش قوميتنا القديمة، وبين الواقع بعد 1967 عندما عادت هذه الاماكن إلى أيدينا. ها هو الفرق الكبير بين القناعتين. حسب رأيي، فقدان السيطرة على هذه الاماكن بعد أن عدنا اليها هو عدم المسؤولية التاريخية والسياسية والاضرار الكبير بالحلم الصهيوني. من لا يفهم ذلك يعرض العملية التاريخية التي عمرها 200 سنة، للخطر. وبالذات انهاء الشتات. لا توجد صهيونية دون العودة إلى صهيون.