بيوت تفوح منها رائحة كعك العيد

معمول العيد
معمول العيد

ديما محبوبة

عمان – تفوح رائحة كعك العيد من بيوت تجمع في جلساتها الصغير والكبير باجواء كلها فرح وبهجة.
لمّات عائلية تبدأ باواخر ايام الشهر الفضيل. لكل واحد من أفراد العائلة دور يختاره سواء بالعجن أو النقش أو التقطيع، والمرحلة الأخيرة من الخبز بالفرن وترتيب حبات الكعك لتكون جاهزة للضيافة. اضافة اعلان
وكخلية نحل، تجتمع أم عبدالله التي تعيش في مدينة السلط، مع جاراتها وصديقاتها، كما كل عيد، حيث تحضر كل واحدة حصة بيتها من كعك العيد بأجواء كلها محبة وضحكات تملأ المكان.
تقول "أيام صنع المعمول من أجمل الطقوس في أواخر شهر رمضان، وأبدأ بمساعدة جاراتي وبناتهن وأطفالهن الصغار بصنع الكعك بأنواعه العجوة والجوز والفستق الحلبي، ونستمر حتى ليلة العيد".
ويتم تقسيم العمل بين الجارات، فمنهن من تقوم بعملية الشواء لكل البيوت المشاركة، وأخريات يقمن بعمل العجينة، ونقش الكعك، والباقي يقمن بوضعه في العلب الخاصة لغاية يوم العيد.
واعتادت ام عبدالله على هذا الطقس سابقا حينما كانت تساعد أمها وجاراتها ايام طفولتها، خصوصا أنها تقطن في الحي نفسه منذ نعومة أظفارها، وأصبحت تقوم بذات الأمر مع جاراتها وصديقاتها.
وتضيف أن كلفة المعمول يتم تقسيمها على جميع المشاركات بالتساوي، حتى تتحقق العدالة بينهن بكل شيء، رغم أن كل بيت له حصة تختلف عن البيت الآخر، وهو الأمر المرتبط بعدد العائلة والضيوف المحتملين خلال العيد.
"ريحة الكعك وهو طالع من الفرن، تذكرني بريحة بيت جدي بالعيد، لما كنا نجتمع كلنا هناك ونخبز المعمول"، هذا ما قالته إيمان عواد، التي تجتمع في بيت إحدى قريباتها لصنع كعك العيد في رمضان.
وتضيف، أن صنع الكعك هو ما يجعل للعيد بهجة، حيث تجتمع مع قريباتها، لصناعة كعك التمر والجوز والفستق، إذ يبدأن العمل بعد الإفطار مباشرة، ولغاية السحور، ويتخلل ذلك العديد من المواقف المضحكة، والاحتفالات وتناول الكعك، مشيرة إلى أن هذا الكعك هو ما من رائحة جدتها في المكان، بـ"حواجته، والمستكة، والسمن النباتي".
وتذكر الثلاثينية إيمان أنهن يوزعن جزءا من الكعك ليلة القدر على المصلين في المساجد، عن روح جدتها.
في حين يتذكر خالد كمال "لا انسى طقوس والدتي حينما تجتمع مع الجارات ومع شقيقاتها لصنع الكعك وكنت انا واخوتي نساعدها.. كم افتقد تلك الاجواء حاليا".
ويقول خالد أن ايام زمان كانت أجمل ببساطتها وعفويتها. كان الجميع يتشاركون بصناعة الكعك بأجواء كلها الفة ومحبة تخلو من المشاكل التي باتت الآن أصعب كثيرا مما كان سابقا.
ويقول أحمد زين المتزوج منذ خمسة أعوام " نحاول أن نتخطى كل المشاكل اليومية التي تواجهنا ونفرح بأيام العيد القادمة"، لافتا إلى أنه يساعد زوجته في صنع كعك العيد، ابتداء من العشر الاواخر من رمضان.. بحيث يتولى مهمة الشوي والتحمير، وتجهيز علب خاصة يضعون بها الكعك، لاهدائها للاقارب حينما يزورونهم في اول ايام العيد".
ويضيف، أن أطفاله يساعدونهم في إعداد الكعك، الذي تعلموا صنعه، ويضيفون عليه نكهاتهم الخاصة، حتى أن إحدى بناته تنوي دراسة فن الطعام والشراب، بعدما اكتشفت شغفها بذلك وحبها بهذا العالم.
خبير التراث نايف النوايسة يتحدث عن أواخر شهر رمضان الكريم، والعادات الاجتماعية المرتبطة بفترة العيد والفرحة والبهجة للكبير والصغير وأهمها كعك العيد، والبعض يصنع الأقراص وخبز العيد المصنوع من طحين القمح والزيت البلدي والسمسم أو حبة البركة "القزحة".
ومن العادات القديمة الحديثة جلوس العديد من السيدات كالقريبات أو الصديقات أو الجارات مجتمعات في بيت إحداهن لصنع حلويات العيد التقليدية. ويمضي الوقت بمتعة لأفراد العائلة جميعهم خصوصا أن بعض الرجال يساعدون زوجاتهم في خبز الكعك، ويفضلون أن يكون مساء بعد الفطور في شهر رمضان، ليتسنى له ولأولاده تذوق الكعك وتلك المخبوزات مباشرة بعد خروجها من الفرن.
ويؤكد بأن السيدات في العادة يتباهين بعدالتهن أمام بعضهن، في صنع ألذ واجمل شكل لكعك العيد، والغريبة، ويتسابقن أكثر لأجل الحديث المطول عن تلك المخبوزات واكثرها طراوة وزكاوة.
ويقول"العائلات الأردنية بشقيها القروي والمدني، ورغم الكثير من الانشغلات واختلاف الأماكن والزمان إلا أن العديد منهم يفضلون كعك العيد أن يكون يدويا ومصنوعا في المنزل، ليس فقط لجودته ونظافته، إلا أن فرحة العيد لا تكتمل إلا بهذه الطقوس، لذلك يحتفظون بهذه العادات الجميلة التي تجمع العائلة بأجواء كلها الفة ومحبة".