تأخر إقرار مشروع قانون النفايات الصلبة يشعل قلق البيئيين

Untitled-1
Untitled-1
فرح عطيات عمان- انتقد خبراء في الشأن البيئي "تأخر مجلس النواب في إقرار مشروع إدارة النفايات"، رغم مضي أكثر من عام كامل على الانتهاء من اعداده بصيغته النهائية من قبل لجنة الصحة والبيئة النيابية. وأكد هؤلاء، في تصريحات لـ "الغد"، أن "ثمة حاجة ملحة في الإسراع بإقرار مشروع القانون "قبيل حدوث كارثة بيئية تتسبب بها على وجه الخصوص النفايات البلاستيكية في ظل غياب حلول مستدامة وإرادة سياسية حقيقية للتعامل معها"، مطالبين في الوقت ذاته بـ "تقييم القانون ومدى فعاليته بعد عام على تطبيقه على ارض الواقع، وإشراك مؤسسات المجتمع المدني في ذلك، للخروج بصيغة توافقية في حال تم التوافق على تعديل بنوده". عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية النائب الدكتور إبراهيم البدور اكد ردا على ذلك أن اللجنة "أقرت مشروع القانون بصيغته النهائية في وقت سابق، بعد إجراء التعديلات اللازمة عليه وبما يحافظ على البيئة، وأدرجته اللجنة على اجندات الدورات العادية الماضية"، مستبعدا "إدراجه على الدورة الاستثنائية، لأنه لا يصنف ضمن القوانين الملحة والتي تتخذ صفة الاستعجال في إقرارها". وجاء القانون لتنظيم عملية إدارة النفايات وتقليل انتاجها وإعادة تدويرها ومعالجتها والتخلص الآمن منها، وتحديد مهام الجهات المعنية في إدارة النفايات، وكانت لجنة الصحة النيابية أقرته مطلع نيسان (ابريل) 2018، بعد عقدها للعديد من الاجتماعات مع المعنيين والمختصين استمعت خلالها الى ملاحظاتهم واقتراحاتهم. ومن وجهة نظر الخبيرة في الشأن البيئي والتنمية المستدامة الدكتورة مها الزعبي فإن "الإسراع في إقرار قانون إدارة النفايات من قبل مجلس النواب بات أمرا ملحا، في ظل اهتمام الامم المتحدة والعالم بالبلاستيك والنفايات المتولدة منه، وما يسببه ذلك من تلوث في البحار وغيرها"، مبينة أن دولا عدة مثل كندا "تعتزم حظر المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة عام 2021، وستعلن دول أخرى عن خطوات مماثلة. وأشارت الى أن الأردن "جزء من هذه المنظومة، وسباق بتوقيع الاتفاقيات الدولية المتخصصة، لذلك لا بد أن يكون في مقدمتها بهذا الشأن". وعلى المستوى الإقليمي، وخلال اجتماع الدور الاستثنائية لمجلس الوزراء العرب المعنيين بشؤون البيئة الذي انعقد في البحر الميت مطلع العام الحالي، كان الموضوع الرئيسي الذي طرح على أجندته إدارة النفايات الصلبة في الدول العربية. وبحسب الزعبي فإن"هذا الموضوع يلقى اهتماما وعلى كافة المستويات، وإصدار قانون لإدارة النفايات على المستوى المحلي يعد امرا هاما ليكون موازيا للاستراتيجية التي يتم تطبيقها حاليا من وزارة الإدارة المحلية، وذلك لتحديد مهام الجهات المعنية في هذا الصدد بموجب بنوده"، مضيفة أن" الإدارة الملكية لحماية البيئة ستساعد في تفعل القانون حال إصداره، لوجود الكوادر المؤهلة والمدربة في التعامل مع النفايات". وأكدت أنه "لا بديل عن القانون في إدارة النفايات، لأن اللجان السابقة لم تثبت نجاحها، فالنصوص القانونية تمكن المحاسبة للمقصرين والمخالفين"، محذرة من "تأخير اصدار القانون لأن ذلك لا يصب في المصلحة العامة، وعلى وزارة البيئة أن تدفع باتجاه تسريع الإقرار ما أمكنها ذلك"، رغم أنها ترى أن "القانون لا يلبي اعلى درجات الطموح ولكن الامر الايجابي أن ثمة خطوات في محتواه تدفع باتجاه البدء في إدارة هذا القطاع، إضافة الى أن من الممكن تقييم التجربة وإعادة النظر فيها مستقبلا". وتساءلت الزعبي عما إذا "كان دور البلديات في القانون سيبقى على ما هو عليه، في ضوء تغيير مسمى وزارة الشؤون البلدية الى الإدارة المحلية، او سنضطر الى إعادة النظر فيه الآن، او بعد تطبيقه بفترة، والذي قد يحتاج الى فترة طويلة وقد سيؤخر في تطبيقه". ووفق التقرير الثاني لحالة البيئة في المملكة الذي أطلقته وزارة البيئة أخيرا، تبلغ كمية النفايات الصلبة البلدية نحو 5.2 مليون طن في العام، في حين تقدر كمية النفايات الطبية بحوالي 2745 طنا في العام، و 90 % من المناطق الحضرية مغطاة بخدمة جمع وإدارة النفايات الصلبة، و 70 % من الريفية مغطاة بذات الخدمات. ومضى على وجود قانون إدارة النفايات الصلبة في مجلس النواب دون مناقشته حوالي عام، وفق الباحث القانوني في المركز الوطني للعدالة البيئية الدكتور علي الحموري الذي أكد أن "الشأن البيئي يعد من القضايا التي تناقش على المستوى العالمي، وتقتضي ايلاءها مزيدا من الاهتمام على المستوى المحلي"، مشيرا الى أن القانون يتضمن إضافات نوعية لا تتوفر في قانون حماية البيئة، مثل إدراج مبدأي "الوقاية والملوث يدفع، ولن تمر مناقشته بسهولة في مجلس النواب". وبين أن "هناك تحديات تسببت في تأخير إقراره مثل البيان الذي أصدرته صناعة عمان، رغم التخصصية التي جاء فيها والتي لم تكن موجود سابقا"، مشيرا الى أن التحدي الأكبر الذي سيقع على عاتق الجانب الصناعي، "تعدد الجهات الرقابية، والاعباء المالية الجديدة التي سيتكبدها هؤلاء". وفي مطلع شباط (فبراير) الماضي، أصدرت غرفة صناعة عمان بيانا تحذر فيه من إقرار مشروع القانون بمسودته الحالية المعروضة على مجلس النواب لأنه سيؤدي الى "آثار كارثية على الصناعة الوطنية من خلال تحميلها أعباء مالية كبيرة". وبينت الغرفة أن مشروع القانون نقل موضوع إدارة النفايات والمراقبة عليها الى ثلاث عشرة جهة وجميعها لديها صلاحيات الإدارة والرقابة والتفتيش على النفايات المتولدة في الأردن، وهذا التوجه في القانون يتعارض تماما مع ما ورد في قانون الرقابة والتفتيش على الأنشطة الاقتصادية لسنة 2017 والذي تم إقراره بالأساس بهدف التخلص من تعدد المرجعيات الرقابية والتفتيشية على الأنشطة وتم حصرها بجهتين فقط. وأيد الحموري بعض ما جاء في نص البيان ولا سيما ما يتعلق بإغلاق المنشأة "لا بد أن يكون بقرار من المحكمة وليس من قبل موظف حتى لا تخضع للأهواء الشخصية". وكان المركز الوطني للعدالة البيئية طالب أكثر من مرة بضرورة وجود محاكم بيئية أو غرف متخصصة تنظر عاجلا في القضايا المتعلقة بهذا الشأن، ومن قبل قضايا متمرسين في هذا المجال، معربا عن "أمله في أن يعيد مجلس النواب النظر ببنود القانون، واجراء حوار متخصص مع مختلف الجهات الصناعية والتجارية والقانونية ومؤسسات المجتمع المدني، لأخذ الملاحظات الواردة عليه بعد تطبيقه، من اجل إخراجه بصيغه توافقية تصب في مصلحة البيئة". وقدم المركز اقتراحا يتعلق بضرورة وضع بند يتعلق بتقديم حوافز تشجيعية للجهات الملتزمة في إدارة النفايات، وايضا في قانون حماية البيئة المطبق حاليا، وأن يكون لدى غرفتي تجارة وصناعة عمان، مسؤولية مجتمعية أكبر في التعامل مع القضايا البيئية، التي تدخل في تقييم شهادات الجودة للمصانع". ومن الملاحظات التي أوردتها غرفة صناعة عمان في بيانها أيضا أن "مشروع القانون يحمل منتجي ومستوردي المواد والبضائع المسؤولية المالية للآثار البيئية لمنتجاتهم او بقايا منتجاتهم، رغم ان جميع المصانع تقوم بدفع رسوم نفايات للجهات ذات العلاقة ومنها أمانة عمان الكبرى والبلديات ووزارة البيئة، ويفترض بهذه الجهات ان تتولى عملية التخلص من النفايات". وفي ضوء توقيع كافة الدول، ما عدا الولايات المتحدة الاميركية على اتفاقية بازل الجديدة، عن التعامل مع النفايات البلاستيكية بشكل أكثر شفافية، "لا بد أن يكون الأردن سباقا في إقرار مشروع قانون إدارة النفايات الصلبة"، بحسب الخبيرة في الشأن البيئي صفاء الجيوسي، خصوصا أن "الأردن لم يتعرض لكارثة بيئية ناتجة عن النفايات البلاستيكية كما حصل في لبنان مؤخرا، ولهذا تتطلب إعادة النظر في الحلول المستدامة ومنع استخدام أكياس البلاستيك وتداولها وصولا الى صفر نفايات". ووفق إحصائيات وزارة البيئة، يستهلك الأردن ثلاثة مليارات كيس بلاستيك سنويا، أي بمعدل 500 كيس للفرد الواحد، يصنعها أكثر من 400 مصنع، منها 200 مرخصة أصوليا. وأكدت الجيوسي أن "الأساليب المتبعة بالتعامل مع النفايات من حرق وطمر لا يعد حلا مستداما، بل يضر بالبيئة وبالصحة العامة للأفراد"، مشددة على "ضرورة توفر الإرادة السياسية الحقيقية لمنع استخدام البلاستيك وتداوله، وإدارة النفايات الصلبة بشكل عام والتي ما تزال لا تقع على سلم أولويات عمل الحكومة".اضافة اعلان