تاريخ المخالفات النيابية يكرر نفسه.. ومذكرات حجب الثقة في "الاستثنائية" بلا أثر

جانب من جلسة سابقة لمجلس النواب - (تصوير: أمجد الطويل)
جانب من جلسة سابقة لمجلس النواب - (تصوير: أمجد الطويل)

جهاد المنسي

عمان -  فيما تنص المادة 82 من الدستور في فقرتها الثالثة على أنه "لا يجوز لمجلس الأمة أن يبحث في أي دورة استثنائية إلا في الأمور المعينة في الإرادة الملكية التي انعقدت تلك الدورة بمقتضاها"، فإن التاريخ النيابي يشير إلى أن النواب غالبا ما يخالفون هذا النص بمناقشة قضايا خارجة على مضمون جدول دورته، دون أن يعني ذلك اتخاذ قرار بشأنها، خصوصا مذكرات حجب الثقة. اضافة اعلان
المادة 82، في فقرتها الأولى، حددت آلية الدعوة لدورات استثنائية، إذ نصت على: "للملك أن يدعو عند الضرورة مجلس الأمة إلى الاجتماع في دورات استثنائية ولمدة غير محدودة لكل دورة من أجل إقرار أمور معينة تبين في الارادة الملكية عند صدور الدعوة وتفض الدورة الاستثنائية بإرادة".
فيما منحت الفقرة الثانية من المادة النواب حق طلب عقد دورة استثنائية بقولها: "يدعو الملك مجلس الأمة للاجتماع في دورات استثنائية أيضاً متى طلبت ذلك الأغلبية المطلقة لمجلس النواب بعريضة موقعة منها تبين فيها الأمور التي يراد البحث فيها".
غير أن هذا الحق غاب عن النواب منذ فترة ليست قصيرة، اذ ابتعد النواب عن تفعيل هذا المطلب، منذ ما يقرب من مجلسين، فيما كان هذا الحق يفعل في مجالس نيابية سابقة، كالرابع عشر وما قبله.
وخلال الفترة الماضية، ارتفعت وتيرة المداخلات النيابية الخارجة على مضمون الدستور، والتي تخالف ما ورد فيه، وتفيد عدم التقيد بما ورد في الدعوة للاستثنائية، ولم تقف الأمور عند حد مداخلات نيابية في بداية الجلسات في مواضيع ليست على جدول الأعمال، وإنما طرزت مؤخرا مذكرة نيابية موقعة من 24 نائبا تطالب بطرح الثقة بوزير التعليم العالي لبيب الخضرا، وهي المذكرة التي اعتبرها نواب قانونيون  "بلا أثر ولا تأثير، ولا يمكن طرحها على النواب تحت القبة، أو التصويت عليها خلال الدورة الاستثنائية المستمرة راهنا".
هذا الرأي يذهب إليه عضوا اللجنة القانونية في مجلس النواب، النائبان عبد المنعم العودات ومصطفى ياغي، فكلاهما سبق له أن ترأس اللجنة القانونية، وهما حاليا عضوان فاعلان فيها، إذ يريان أن مذكرات طرح الثقة في الدورات الاستثنائية بحق أي وزير، لا تأثير دستوريا لها، وأن المذكرات ترحل إلى الدورة العادية إذا أصر الموقعون عليها.
وفي هذا الصدد، يقول ياغي إن "الدورة الاستثنائية تحدد بإرادة ملكية، ويحدد جدول أعمالها بنص الإرادة، ولا يمكن ولا يجوز دستوريا أن تتم مناقشة أي موضوع خارج إطار ما جاء في نص الإرادة، وبالتالي فإن مذكرات حجب الثقة أو مذكرات المناقشة العامة مثلا، لا يمكن طرحها على النواب تحت القبة، وهذا يعني أن تلك المذكرات تفقد أثرها وتأثيرها، وتبقى تعبيرا عن "غضب" فريق نيابي معين من تصرف وزير أو مسؤول ما".
هذا الرأي يتفق معه كاملا النائب العودات، الذي يقول إن موضوع حجب الثقة "منصوص عليه في الدستور، وله وسائل وطرق معينة، ويتطلب في المقام الأول مناقشته تحت القبة، وبما أن النواب في دورة استثنائية فإن تلك المذكرات لا يمكن أن تناقش".
ويستذكر العودات المادة 53، الفقرتين الأولى والثانية من الدستور، التي تقول: "تعقد جلسة الثقة بالوزارة أو بأي وزير منها إما بناء على طلب رئيس الوزراء وإما بناء على طلب موقع من عدد لا يقل عن عشرة أعضاء من مجلس النواب، ويؤجل الاقتراع على الثقة لمرة واحدة لا تتجاوز مدتها عشرة أيام اذا طلب ذلك الوزير المختص أو هيئة الوزارة، ولا يحل المجلس خلال هذه المدة".
وينطلق من ذلك الاستذكار، بالقول إن "كل ذلك لا يمكن أن يتوفر في دورة استثنائية يحدد جدول أعمالها في الإرادة التي تمت الدعوة لها".
أما الأمر الوحيد الذي يمكن من خلاله مناقشة مذكرات طرح الثقة في دورة استثنائية فهو صدور إرادة ملكية لاحقة للأولى تتضمن إضافة موضوع طرح الثقة على جدول أعمال الدورة الاستثنائية، ووقتذاك يمكن للمجلس مناقشة المذكرة المنصوص عليها في نص الإرادة.
ويعتقد نائب، فضل عدم نشر اسمه، أن بعض النواب يجب عليهم عدم الذهاب دوما إلى أقصى درجات التصعيد بدون معرفة كاملة، بما ينص عليه الدستور في هذا الصدد، على اعتبار أن ذلك من شأنه أن يضعف الدور الرقابي لمجلس النواب، ويجعل من مذكرات طرح الثقة في غير وقتها دون فائدة دستورية، ولا يعود ذاك على المجلس بفائدة تذكر.
طرح موضوع الانتقادات النيابية لوزير التعليم العالي في جلسة رسمية للمجلس الاسبوع المقبل، دفع النائب القانوني محمود الخرابشة للتنبيه الى أن مناقشة الموضوع تحت القبة هو أمر غير جائز، وأن منح النواب مجالا للحديث في الموضوع يعتبر مخالفا للدستور، فطلب من الرئيس والنواب التقيد بالدستور، وعدم طرح الموضوع تحت القبة خلال الدورة الاستثنائية.
يقول نائب ان مذكرات حجب الثقة في عمر "الاستثنائية"، تعتبر بمثابة شكوى عادية و"تنفيسا" نيابيا دون أثر حقيقي لها، ودون أن يكون لها قيمة رقابية، وهو أمر يؤدي الى "إضعاف" دور المجلس الرقابي عند الرأي العام.