تجديد حكومة الملقي

بعد أن اجتازت حكومة هاني الملقي اختبار الثقة في مجلس النواب، استقر الخيار على إجراء تعديل وزاري واسع تمهيدا لمرحلة جديدة تحمل ثلاثة عناوين رئيسية: تطبيق خطة التحفيز الاقتصادي، تجويد الأداء المؤسسي والسير في خطة إصلاح القطاع العام، وأخيرا مواجهة الاختلالات في المنظومة القيمية والاجتماعية ومظاهرها الخطيرة من جريمة وتطرف.اضافة اعلان
لا تبدو مهمة الحكومة سهلة في الميادين الثلاثة، وسط حالة عامة من عدم الثقة والسخط الشعبي والضغوط الاقتصادية المتنامية لبلد يقع على حافة الحروب والأزمات المحيطة في دول الجوار.
ولهذه الاعتبارات سعى رئيس الحكومة وبتنسيق مع مرجعيات القرار، إلى هندسة التعديل الوزاري على نحو يتجاوز مبدأ الترضيات في توزيع المناصب الوزارية واعتماد لائحة مهمات تستند إلى ما تم إقراره سابقا من خطط وبرامج، مع مراعاة المتغيرات الأخيرة في الحالة العامة وما تستدعيه من تحديثات تتلاءم ومتطلبات المرحلة الحرجة.
بموجب التعديل المزمع غدا الأحد، سيتم استحداث منصب نائب رئيس وزراء لشؤون رئاسة الوزراء ومهمته تنسيق العمل بين الرئاسة والوزارات، وتسريع الإجراءات الإدارية ومتابعة عملية الإصلاح الإداري، ومحطة للتواصل بين الحكومة ومجلس النواب بكل ما يتعلق بعلاقة السلطتين.
إن الافتقار لدور منسق العمل في الحكومة جعل من مجلس الوزراء جزرا معزولة، وقد أضر ذلك كثيرا بعمل الحكومة وقدرتها على تحقيق أهدافها.
إلى جانب النائب الأول للرئيس سيعين نائب ثان للشؤون الاقتصادية، ومهمته إدارة الملف الاقتصادي الذي يمثل التحدي الأكبر للحكومة والدولة عموما. نائب الرئيس حسب المصادر الرسمية سيتولى الإشراف على تطبيق خطة التحفيز الاقتصادي التي تبنتها الحكومة سابقا، وفق معايير أداء وقياس محددة ببرامج زمنية. "مايسترو" الفريق الاقتصادي للحكومة سيتابع بشكل مباشر عمل عشر وزارات معنية مباشرة بالملف الاقتصادي لضمان تحقيق النتائج المرجوة.
لقد أظهرت التجربة السابقة الحاجة لدرجة عالية من التنسيق والتجسير بين عمل الوزارات في الميدان، وهو ما تطلب استحداث هذا المنصب الحيوي، لبعث ديناميكية جديدة في العمل الوزاري.
الظواهر المقلقة التي طرأت أخيرا على الصعيد الاجتماعي مثل جرائم السطو المسلح والسرقة وفرض الأتاوات ومظاهر تحدي سلطة القانون، ناهيك عن الفشل الحكومي الذريع في إدارة ملف مكافحة التطرف فكريا ودينيا، تفرض تغييرات جوهرية في منظومة صناعة القرار في الوزارات المعنية، وبعض الأجهزة في محاولة لإعادة الاعتبار لقيم الانفتاح والتسامح واحترام سلطة القانون، ونبذ الممارسات اللاأخلاقية وتجريمها اجتماعيا.
كما سيكون مطلوبا من الفريق الجديد في وزارة الداخلية العمل على تنشيط دور مجالس المحافظات والحكام الإداريين وتعريف العلاقة بينهما في إطار القانون، بما يضمن ممارسة المجالس المنتخبة لدورها الحقيقي دون انتقاص أو هيمنة من قبل المحافظين والسلطة التنفيذية.
التغيير وليس التعديل هو مطلب تيار عريض من الأردنيين، وما تحاول الحكومة قوله للناس إن التعديل هذه المرة من أجل التغيير في السياسات أولا.
لن يكون سهلا إقناع الرأي العام بجدوى الخطوة ما لم يلمس فرقا في الأداء خلال المرحلة المقبلة. هذا هو التحدي الكبير أمام حكومة الملقي بعد تجديد سياساتها وطاقمها.