تحفيز الاقتصاد الوطني والضمان الاجتماعي

في الوقت الذي يقر فيه الجميع بالأهمية القصوى لاتخاذ إجراءات عاجلة لتحفيز الاقتصاد الوطني للخروج من حالة التباطؤ الاقتصادي التي نعاني منها منذ سنوات، فإن على الإجراءات والأدوات المتوقع استخدامها من قبل الحكومة أن لا تمس الحمايات الاجتماعية التي تقدم للعاملين على وجه الخصوص. نشير إلى ذلك، في الوقت الذي قدمت فيه الحكومة مقترحا لإجراء تعديلات على قانون الضمان الاجتماعي في اطار سعيها لتحفيز الاقتصاد، تمس في جانب منها منظومة الحمايات الاجتماعية (غير الكاملة) المعمول بها حاليا، وهنا يجدر الاشارة إلى التعديلات الإيجابية التي جاءت في التعديلات الخاصة بالعسكريين والتي عززت الحمايات المقدمة لهم ولأسرهم. إلا أن المستغرب كان في اقدام الحكومة على اجراء تعديل يتمثل في إضافة فقرة على المادة الرابعة من القانون تسمح للحكومة بإصدار نظام يتم بموجبه استثناء بعض العاملين في بعض المنشآت التي يتم تسجيلها بعد نفاذ أحكام القانون المعدل أو المسجلة قبل نفاذه من الشمول بالتأمينات المنصوص عليها في القانون ولمدة خمس سنوات.ولتسمح لنا الحكومة بالقول إن هذا التعديل اقل ما يوصف به أنه "غير عادل"، لأن حرمان بعض العاملين من بعض الحمايات لأي مبرر، من شأنه أن يضعف منظومة الضمان الاجتماعي في الأردن كجزء من منظومة الحماية الاجتماعية التي تعاني أصلا من فجوات. صحيح أننا بحاجة ماسة في الأردن إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمار لتجاوز التحديات التي يواجهها اقتصادنا، لما في ذلك من تأثيرات إيجابية على خلق فرص عمل جديدة وزيادة التحصيلات الضريبية بما يساهم في تغطية النفقات العامة المختلفة وتخفيض عجز الموازنة العامة، وتحسين العديد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية. إلا أن ذلك يمكن أن يتم من خلال أدوات تحفيز أخرى غير المساس بالحمايات الاجتماعية التي تقدمها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي. ومن هذه الأدوات يمكن للحكومة الاستجابة للعديد من الدعوات المحلية والدولية بتخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي للعاملين في القطاع الخاص بشكل عام، إذ أن هذه الاشتراكات البالغة 21.75 بالمائة من مجمل الأجور مرتفعة جدا، (يتحمل أصحاب الأعمال غالبيتها)، خاصة وأن الحمايات الدنيا الواجب توفيرها غير مطبقة بالكامل، فما زال التأمين ضد البطالة والتأمين الصحي عير معمول بها. ولتحفيز الاقتصاد الوطني من خلال تقديم حوافز للقطاع الخاص، يمكن للحكومة ان تقوم بتخفيض على الضرائب غير المباشرة (الضريبة العامة على المبيعات والرسوم الجمركية والضرائب الخاصة) للعديد من مدخلات الإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية التي تعاني من حالة تباطؤ شديد. كذلك يمكنها إجراء تخفيضات على ضريبة الدخل لمنشآت الأعمال في القطاعات التي تعاني من هذا التباطؤ لتمكينها من تجاوز التحديات التي تواجهها. إلى جانب ذلك، يمكن للحكومة العمل مع البنك المركزي لإجراء تخفيضات ملموسة على معدلات الفوائد البنكية على التسهيلات الائتمانية المقدمة لمنشآت الأعمال في مختلف القطاعات الاقتصادية التي تعاني من حالة تباطؤ. ويمكن كذلك تطوير العديد من الأدوات التي من شأنها تحفيز الاقتصاد الوطني الذي يشكل أولوية للجميع، دون المساس بالحمايات الاجتماعية المقدمة للعاملين في إطار منظومة الضمان الاجتماعي، والتي نحن بأمس الحاجة إلى تعزيزها وسد الفجوات التي تعاني منها، وليس اضعافها.اضافة اعلان