تخفيض التصنيف الائتماني للأردن

خلال الأسبوع الماضي، قررت مؤسسة "ستاندارد آند بورز" العالمية تخفيض التصنيف الائتماني للأردن إلى مرتبة أقل بقليل عما كانت عليه. وفي تبرير التخفيض، تم تقديم ثلاثة أسباب رئيسية، يتعلق الأول منها بالتخوف من غياب الاستقرار السياسي في المنطقة وتداعياته المحتملة على الأردن. يرتبط بذلك الحراك الداخلي وانعكاساته المحتملة على الأوضاع الاقتصادية. ورغم الإقرار بأن الحراك ما يزال محدودا، لكن لا يمكن تجاهله.اضافة اعلان
السبب الثاني الرئيسي يتعلق بالعجز المرتفع في الموازنة واستمرار التوسع في الإنفاق العام، مع غياب بدائل واقعية للتعامل مع هذه المشكلة. فتقليل الإنفاق العام في ظل الأجواء السياسية المتوترة والتباطؤ الاقتصادي ليس واردا، وهو ما يرجح استمرار الخلل أو تفاقمه.
أما السبب الثالث لتخفيض التصنيف الائتماني فيتعلق بالعجز في الميزان الجاري، الذي يجمع حصيلة الميزان التجاري وميزان الخدمات. وهو يعني أن الأردن يسحب من رصيده من العملات الأجنبية والاحتياطيات، وهو ما يعكسه تراجع الاحتياطيات وإن كان بشكل طفيف.
ولا يوجد جديد في تشخيص المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الأردني، إلا أن الحساسية تأتي من التوقيت والحاجة إلى بث روح أكثر تفاؤلا. فالتساؤل لا يتعلق فقط بالتصنيف الائتماني، بل يتعداه الى ما هو التصور حول آفاق الاقتصاد، وكيف سيؤثر ذلك على احتمال تدفق الاستثمار الأجنبي، وهل سيؤثر ذلك على  استقرار الدينار؟
للإجابة عن التساؤل أعلاه، ليس هناك تخوف على المدى القصير، أي خلال فترة السنة المقبلة. ولكن استمرار العمل كالمعتاد وعدم اتخاذ عدد من القرارات الصعبة التي ستؤدي إلى خفض عجز الموازنة والحد منه، وتخفيض العجز في الميزان الجاري ووقف نزف العملات الصعبة، يعني أن الأردن سيجد نفسه في وضع حرج وقريب من وقوع أزمة. واتخاذ هذا النوع من القرارات، أي ترشيد الإنفاق العام والحد من المستوردات والتفكير بنظام ضريبي جديد لزيادة الإيرادات، سيتطلب بالضرورة انفتاحا سياسيا يمكّن من اتخاذ هذا النوع من القرارات.
وكما نلاحظ، فالأسباب الثلاثة التي استعرضناها، رغم تباينها الظاهر، متداخلة، والمشترك بينها أنها أسباب يمكن علاجها محليا؛ وهي ظاهرة للعيان. ويمكن لصناع القرار البدء بالتعامل مع الملف الاقتصادي بجدية أكبر. فحتى الآن لم نلمس الجدية اللازمة لبعث رسائل تطمين حول ضرورة المحافظة على مؤشرات الاقتصاد الكلي، بل إن بعض التصريحات الرسمية تذهب باتجاه معاكس بحجة حماية الفقراء وذوي الدخل المحدود.
ما نود قوله أن تخفيض التصنيف الائتماني يعتبر رسالة إنذار أولية تستحق الاهتمام. فالتخفيض يعني ارتفاع كلفة الاقتراض في الدولة المعنية، سواء من السوق المحلية أو الأجنبية، وهو يرسل إشارات سلبية للمستثمرين في وقت أحوج ما نكون  فيه إلى رسائل إيجابية. وهناك الكثير من الإجراءات التي يمكن القيام بها للتعامل مع هذه التحديات، حيث يتوافر هامش في مجال السياسات العامة. فهل نشهد تحركا باتجاه التعامل بجدية مع هذه المؤشرات، أم نستمر في دفن الرؤوس في الرمال؟ فذوو الدخل المحدود، الذين نسعى لحمايتهم، سيكونون أولى ضحايا الأزمة الاقتصادية إذا استفحلت.

[email protected]