تدمير التعليم، تحطيم المجتمع

20-3

اضافة اعلان

أسرة التحرير

هآرتس

المصاعب التي يواجهها رئيس الوزراء المكلف، بنيامين نتنياهو، في الطريق لإقامة ائتلاف مستقر، تتسبب باقتراحات لتشكيلات وتعيينات غير معقولة، وبعضها يثير القلق. واحد من هذه الاقتراحات هو تعيين مشولام نهاري من شاس في منصب وزير خاص في وزارة التعليم، مسؤولا عن التعليم الأصولي. واذا ما تحقق هذا التعيين بالفعل، فسيضطر نتنياهو على ما يبدو الى أن يعين ايضا ممثلا عن يهدوت هتوراة نائبا لوزير في وزارة التعليم.

هذا اقتراح غريب، واذا تم الأخذ به سينتهي التعليم الرسمي، الضعيف على أي حال. ومع أن نتنياهو يمكنه أن يدعي بأن نهاري ونائبه سيعنيان فقط بمؤسسات التعيم الأهلية، وأن التعليم الرسمي سيحظى بوزير مناسب من الليكود، الا ان الواقع أقوى من كل محاولة للنفي.

ليست هذه هي المرة الاولى التي تحاول شاس ان تأخذ لنفسها، في ظل استغلال ضعف الحكم الرسمي، وزارة تعليم منفصلة. ففي نظر قادتها، هذا استمرار طبيعي لنشاط الحركة من يوم تأسيسها، لأن شبكة "معيان" للتعليم التوراتي، والتي اقيمت في اطار بديل للاطفال الشرقيين الذين تعرضوا للتمييز في مؤسسات التعليم الاصولية - الاشكنازية، هي بؤبؤ عين الحاخام عوفاديا يوسيف، والمبرر الأساس لوجود شاس.

من خلال الميزانيات التي نبعت من الوزارات الحكومية (التعليم، الاديان، الرفاه) ومن السلطة المحلية، نجحت شبكة تعليم شاس في التعاظم، ونشرت مدارس ورياض اطفال، تعرض يوما دراسيا طويلا بسعر زهيد، ورحلات ووجبات ساخنة. أما التلاميذ، الذين جاء معظمهم من بيوت علمانية وتقليدية من الطبقات الاجتماعية الاقتصادية المتدنية، فقد شكلوا - من خلال المربيات والمعلمات الأصوليات - محفزا لمسيرة جماهيرية لتوبة موجهة. وهكذا تم استثمار شبكة التعليم في تعظيم القوة السياسية لشاس.

وبالتدريج تطرفت شاس في مواقفها، وتحولت من حركة تقليدية وشعبية براغماتية إلى حزب اصولي يميني متطرف. وهناك اليوم أناس كثيرون من جمهور شاس يعملون ويخدمون في الجيش الاسرائيلي الا انهم في صفوف شبكة "معيان" حيث يقدس المربون حصرية التعليم التوراتي ويبعدون التلاميذ عن كل ذكر للتعليم العالي والانفتاح والحياة الابداعية.

هذا ميل هدام، منغلق عن الثقافة الحديثة ويدير الظهر للاستقلال الاقتصادي، لكنه يلقى قبولا ممن يتباهى بأنه عندما كان وزيرا للمالية ألغى مخصصات الاولاد (والآن يتعهد بإعادتها بالتدريج) وألزم الأصوليين بالعمل. ولا يمكن لاي وزير تعليم من الليكود ولا حتى نتنياهو نفسه، ان يوقف الانجراف الذي سيأتي في اعقاب تعيين وزير من شاس.

إن التعليم الاصولي الغني بالميزانيات سيجعل التعليم الرسمي زائدا وهزيلا، ما يؤدي إلى تصفيته في النهاية. كما أن مؤسسات التعليم للسكان العرب، المظلومين على أي حال، ستتلقى، في ظل غياب الميزانية، ضربة قاضية تكون نتائجها الاجتماعية محملة بالمصائب.

عشية الانتخابات وعد نتنياهو بمعالجة الاقتصاد، ولكن لا يمكن لاي سياسة اقتصادية أن تنجح في ضوء مثل هذا التدمير العميق للتعليم والثقافة والمجتمع في اسرائيل.