أفكار ومواقفالسلايدر الرئيسي

تراجع العقار عاما بعد عام

سلامة الدرعاوي

أحد أبرز المؤشرات السلبيّة في ميزانية العام الحالي والتي لم تتحقق فرضيتها هو ما يتعلق بضريبة بيع العقار التي تراجعت مرّة أخرى عما هو مستهدف.

ما يقارب الـ35 مليون دينار التراجع في ضريبة العقار المقدّرة لعام 2021، حيث لم تتجاوز مع نهاية هذا العام الـ80 مليون دينار، وهو استمرار لذات التراجع الذي حدث في الأعوام الثلاثة الأخيرة، ورغم ذلك تعود الحكومة وترفع تقديراتها لهذا المؤشر بأرقام عالية في ظل ظروف وأوضاع اقتصاديّة لا تدلّ على وجود تغيير في أداء القطاع.

وها هي الحكومة تعود من جديد في مشروع قانون موازنة 2022 لتعيد ذات الكرّة في تقديراتها الإيجابيّة لحركة ونشاط القطاع في العام المقبل وترفع تقديراتها بأن ينمو بأكثر من 31 %، لتبلغ قيمة توريداتها المقدّرة للخزينة في العام المقبل ما يقارب الـ105 ملايين دينار، أو بزيادة 25 مليون دينار على سنة 2021، فما الذي حصل في القطاع حتى ترفع الحكومة تقديراتها بهذا الشكل الكبير.

التراجُع الحاصِل في القِطاع العَقاري خلال هذا العام ونسبته تتجاوز الـ25 % هو ليس وَلِيد هذه الفترة، انما يمتدّ لسنوات خلت وتحديداً مُنذُ العام 2001، حيث ان القِطاع لم يعد ينمو كما في الشكل السابق، لا بل ان كثيراً من الأحيان خالفَ واقعه وتحصيلاته وفقاً للتقديرات الحكوميّة.

أَسبَاب تَراجع القِطاع العَقاري في المملكة منذ ما يقارب الست سنوات يعود لأَسبَاب متعددة، أبرزها فيما يتعلق بوصول أسعار العَقار في الأردن إلى مُستويات عالية جدا تَفوق حد المعقول في بعض الأماكن، خاصة فيما يتعلق بالأراضي، حيث يشعر المرء عند سماعه بأسعار المتر الواحد في بعض أنحاء العاصمة عمان ومستوياتها بأنه يعيش على نهر او بحر أدى إلى هذا الارتفاع الجنوني، ورغم حالة الركُود الشديدة في القطاع إلا أن مستويات الاسعار المرتفعة بقيت على حالها ولم تنعكس في الأسعار بشكلٍ واضح.

حتى أسْعار الشقق بَقيت هي الأخرى مرتفعة وتتجاوز في بعض الأحيان المَنْطِق، أيضا لا ننسى ان الكثير من الأوضاع الاقتصاديّة والقوة الشرائية للمواطنين تغيرت في السنوات الأخيرة، خاصة مع ثبات الدخل تقريباً لشريحة واسعة من المجتمع وتحديدا من القطاع العام، الأمر الذي أدى إلى عزُوف الكثير عن اللجوء إلى شراء العَقار الذي كان يُعتبر في السابق أحد مكونات الادخار الرئيسة للأردنيين.

حتى التسهيلات المصرفية الممنوحة للقِطاع لم تعد في السابق، فالكثير من شركات الإسكانات مُتعثرة من جهة، او تعاني من أوضاع تسويقيّة صعبة من جهة أخرى.

الأمور السابقة تقريباً أوصلتنا إلى ما نحن عليه من أَرقَام سلبية على كافة مؤشرات القطاع الذي انخفضت إيراداته بشكلٍ كبير في السنوات الأخيرة، ناهيك عن ان الحكومات السابقة لم تقم بمبادرات وطنيّة لتحفيز العَقار سوى إجراءات بسيطة ومحدودة تتعلق بإعفاء الشقق الصغيرة من الرسوم.

اليوم القِطاع العَقاري بحاجة إلى وقفة مراجعة شاملة حتى يستعيد بريقه وتألقه الاقتصاديّ كما كان في السابق، فالحكومات المتعاقبة أشبعت الشّارع بالحديث الإعلامي عن المشاريع العقارية الكبرى التي بقيت حبرا ًعلى ورق.

أيضاً الأمر يحتاج إلى إجراءات جديدة وإعادة تقييم لرسوم نقل الملكية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وفتح مناطق جديدة للبناء من خلال المشاركة في تنظيم الاراضي وبناء البنية التحية لتشجيع الاستثمار في الاراضي التي يعزف المستثمرون عنها، وغيرها من القرارات والإجراءات التي تزيل كل المعيقات والمحددات لزيادة الاستثمارات العقارية.

إضافة إلى ذلك مراجعة قضية السماح ببناء طوابق إضافية والارتدادات وفتح مناطق جديدة وتنظيمها وتوفير برنامج تسهيلات للأفراد يمكنهم من الاقتناء.

لا يمكن للقطاع العقاري ان يعود للنهوض من جديد طالما بقيت النظرة الحاملة لهذا القطاع على هذا النحو السلبي والتقليدي في التعامل معه دون ان يكون فعلا على خريطة أولويات الاستثمار الحكومي وبالشراكة مع القطاع الخاص.

المقال السابق للكاتب

اقتصاد في أيد مرتجفة

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا 

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock