ترامب يدافع بحزم عن مشروع الجدار الحدودي مع المكسيك

واشنطن- سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحزم لحشد تأييد الأميركيين لخطته القاضية ببناء جدار على الحدود مع المكسيك لمواجهة ما اعتبره "أزمة إنسانية وأمنية"، ولكن من غير أن يقدم أي تنازل أو اقتراح جديد للخروج من المأزق حول هذا المشروع. وفي أول كلمة إلى الأمة يلقيها من المكتب البيضاوي واستغرقت تسع دقائق، حذر ترامب من المهاجرين غير القانونيين الذين اتهمهم بإراقة "دماء أميركية"، لكنه عدل عن إعلان "حال طوارئ استثنائية" كانت ستمنحه صلاحية إصدار أمر بتنفيذ مشروعه بدون موافقة الكونغرس، ما كان سيشعل الوضع السياسي في واشنطن. وفي اليوم الثامن عشر من "الإغلاق" الذي يشل جزءا من إدارات الحكومة الفدرالية، ردّد ترامب الحجج التي يكررها منذ أسابيع في تغريداته، مثيرا ردود فعل حادة من الديموقراطيين الذين يتهمونه بإثارة الخوف بشكل غير مسؤول وبإطالة أمد الأزمة حول الميزانية. وقال ترامب متوجها إلى الأميركيين من أشهر قاعات البيت الأبيض التي ألقى منها رؤساء سابقون كلمات تاريخية مثل كلمة جون كينيدي خلال أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا، "أخاطبكم هذا المساء لأننا نشهد أزمة إنسانية وأمنية متزايدة على حدودنا الجنوبيّة". وطالب مرة جديدة بتخصيص 5,7 مليار دولار لإقامة "حاجز من الفولاذ بدلا من جدار إسمنتي". وكان بناء الجدار من أبرز وعود حملته الانتخابية، وقد وعد بجدار إسمنتي تدفع المكسيك كلفته، غير أن هذا المشروع بقي حتى الآن حبرا على ورق إذ يرفض الديموقراطيون تخصيص الأموال لمشروع يعتبرونه "من القرون الوسطى". وسارع خصوم الرئيس المعارضون لتمويل الجدار باعتباره "لا أخلاقي" وباهظ الكلفة وغير مجد، إلى التنديد بموقف ترامب الذي لم يمد يده في هذه القضية، وحضه مرة جديدة على "إعادة فتح الحكومة". وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي "يجب أن يتوقّف الرئيس ترامب عن احتجاز الأميركيين رهائن ويجب أن يتوقّف عن تصعيد الأزمة ويجب أن يعيد فتح الحكومة". وأضافت في كلمة بثّت مباشرة على الهواء وقد وقف إلى جانبها زعيم الأقليّة الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر أنّ "الرئيس استخدم للتوّ المكتب البيضاوي لفبركة أزمة وإشاعة الخوف وصرف الانتباه عن الفوضى التي تعمّ إدارته". وقال شومر من جانبه "الديموقراطيون والرئيس يريدون جميعاً تعزيز الأمن على الحدود، لكنّنا في الوقت نفسه مختلفون في العمق مع الرئيس على الطريق الأكثر فعالية للقيام ذلك". ومع تعثر المفاوضات حول الميزانية ما أدى إلى انقطاع التمويل عن الحكومة الفدرالية، بات حوالى 800 ألف موظف فدرالي مرغمين منذ أكثر من أسبوعين إما على لزوم منازلهم، أو العمل بدون تقاضي رواتب بانتظار نهاية الإغلاق الحكومي. ويقترب الإغلاق من تحطيم الرقم القياسي المسجل بين نهاية 1995 ومطلع 1996 حين أغلقت الحكومة لمدة 21 يوما بين في عهد الرئيس بيل كلينتون. وبعد 24 ساعة من التكهنات والترقب في واشنطن، لم يعلن ترامب في نهاية المطاف "حال الطوارئ الوطنية" التي كانت ستسمح له بالالتفاف على الكونغرس والاستناد إلى الجيش لبناء الجدار. لكنه شدد على ضرورة ملحة برأيه لتنفيذ مشروعه، مبددا الآمال بإيجاد مخرج سريع للأزمة. وتساءل محاولا كسب الرأي العام لقضيته "كم من الدماء الأميركية ينبغي أن تراقب قبل أن يقوم الكونغرس بواجبه؟" وتابع "على مر السنين، قتل آلاف الأميركيين بوحشية بأيدي أشخاص دخلوا بلادنا بصورة غير قانونية، وستُزهَق آلاف الأرواح الأخرى إن لم نتحرك فورا". وصدرت عن الرئيس خلال الحملة ومنذ توليه السلطة قبل سنتين رسائل مختلفة بل متناقضة في بعض الأحيان حول طول الجدار الذي يريد بناءه ونوعيته. ويتحدث منذ بعض الوقت عن جدار مصنوع من الألواح الفولاذية وليس من الإسمنت، على أمل أن يقبل الديموقراطيون بمشروعه، غير أنهم لم يتجاوبوا إطلاقا مع هذه الصيغة الجديدة. ويلتقي ترامب الأربعاء جمهوريين وديموقراطيين من أعضاء مجلس الشيوخ حول مائدة غداء في الكونغرس، كما يستقبل نوابا من الحزبين في البيت الأبيض. وسيزور الخميس الحدود الجنوبية "للقاء الذين هم في الخطوط الأمامية" لما يصفه بأنه "أزمة أمن قومي". وعلقت السناتورة كامالا هاريس عند انتهاء الكلمة الرئاسية في تغريدة مقتضبة "كان ذلك غير مجد".-(ا ف ب)اضافة اعلان