ترامب ينقض قواعد القانون الدولي ويكرس نظاما جديدا يقر بالاحتلال

526205-01-08
526205-01-08

محمد الكيالي

عمان - رأى محللون سياسيون، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدأ يكرس لنظام عالمي جديد يقوم على الاحتلال والغزو وخرق الشرعية الدولية، لافتين إلى أن اعتراف ترامب مؤخرا، بهضبة الجولان العربية السورية المحتلة كأرض إسرائيلية، وقبلها بالقدس كعاصمة للكيان الصهيوني "تكريس لمبدأ أن القوي يفعل ما يريد".اضافة اعلان
واعتبروا أن الاعتراف بـ"إسرائيلية" القدس والجولان، هي إحدى خطوات تنفيذ صفقة القرن المرتقبة، وسط حالة من الهوان والضعف العربي.
رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، د. محمد مصالحة، اعتبر أن ترامب ينقض، حاليا، قواعد القانون الدولي المستقرة منذ الحرب العالمية الثانية، وكأنه يريد أن يشكل نظاما عالميا جديدا، يقوم على عامل القوة وحق الغزو والقتل والاحتلال، وهي المبادئ التي كانت ترتكز عليها علاقات الدول وسيادتها في السابق.
ويلفت مصالحة أن سيادة الدول في السابق، كانت تتمثل بالقوة وقدرتها على فرض ما تشاء ومن ذلك حقها في غزو الآخرين.
وقال إن الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش، قام العام 1991، بعد انتهاء الأزمة الكويتية، بطرح مفهوم النظام العالمي الجديد، الذي يرتكز على انتهاء الشيوعية وسيطرة الرأسمالية والعولمة وحرية التجارة وغيرها.
وبين أن ترامب يريد أمورا أخطر بكثير مما أرادها بوش، حيث أباح لدول معينة حق الغزو والفتح لدولة أخرى، وأن ميثاق الأمم المتحدة الذي توصلت إليه دول العالم بعد مفاوضات في سان فرانسيسكو وأماكن أخرى في العالم بعد انتهاء الحرب في الكويت بعدة أشهر، يدعو إلى احترام سيادة الدول.
وأكد مصالحة، أن ترامب لا يملك أي صفة لتغيير الجانب القانوني لأرض عربية بما فيها الجولان أو القدس وغيرها، مبينا أن تصرفات ترامب لا يمكن توقعها، حيث لا يستبعد أحد بعد فترة معينة أن يقوم بضم الضفة الغربية إلى السيادة الصهيونية.
ويوضح أن هناك صفقة واضحة بين ترامب ونتنياهو، عمل فيها الرئيس الأميركي من خلال اللوبي الصهيوني على تخفيف تقرير مولر بتهمة التجسس لصالح روسيا في الانتخابات الأميركية ونتنياهو يريد دعم ترامب في التأثير على سير التقرير مقابل أن يحصل على جائزة "الجولان" بتحويلها لأرض إسرائيلية.
الكاتب والمحلل السياسي، عريب الرنتاوي، يشير بدوره إلى أن الرئيس الأميركي يتصرف كرئيس دولة مارقة، خارجة عن القانون الدولي وعلى الشرعية الدولية، وهو ينتهك القرارات الواضحة للأمم المتحدة والجمعية العامة ومجلس الأمن، بعد قراره الاعتراف بالجولان كأرض إسرائيلية.
وأوضح الرنتاوي، أن الجولان، تم ضمها لإسرائيل في 14/12/1981، فيما جاء قرار مجلس الأمن 497 بعد 3 أيام من إعلان الكيان الصهيوني برفض هذا الضم بالإجماع.
وأكد أنه في تلك الفترة، كان على رأس الولايات المتحدة، الرئيس رونالد ريغن، وهو زعيم يميني محافظ، ومع ذلك أوقف المفاوضات مع إسرائيل بخصوص الشراكة الاستراتيجية احتجاجا على قرار ضم الجولان.
ولفت الرنتاوي، إلى أن ترامب يخترق استراتيجية أميركية ثابتة بخصوص الجولان، حيث تعاقب على رئاسة أميركا منذ العام 1981 ولغاية الآن، 9 رؤساء، من بينهم 5 من الحزب الجمهوري، الذي ينتمي له الرئيس الأميركي الحالي، وجميع الرؤساء الخمسة أجمعوا على أن هضبة الجولان هي أرض سورية ولم يتحدث أحدهم بخلاف ذلك.
وشدد الرنتاوي على أن 5 رؤساء حكومات في إسرائيل، أبلغوا الوسطاء الأميركيين المتعاقبين بمحادثات السلام مع سورية، استعدادهم للتخلي عن معظم الجولان نظير اتفاق سلام بين سورية وإسرائيل، ولذلك كانوا يقرون ليس فقط بسورية الجولان وإنما باستعدادهم للتخلي عن الأرض مقابل اتفاقية تطبيع شاملة مع دمشق.
ويؤكد الرنتاوي أن الولايات المتحدة، حاليا، هي "دولة فاقدة للمصداقية في العالم، وترامب قام بالانسحاب من عدد كبير من المعاهدات والتعهدات بالكثير من الملفات الدولية، وبالتالي من يصدق واشنطن اليوم ومن هو مستعد لإبرام اتفاقيات معها طالما أنها تلغى بجرة قلم، كما حصل مع الاتفاق النووي مع إيران أو اتفاقية المناخ واتفاقيات مع كندا والمكسيك وغيرها".
وأضاف أنه كان واضحا منذ عدة أشهر، أن الجولان معروض كجائزة ترضية على إسرائيل بسبب التأخر في إعلان صفقة القرن، وكل الحديث الذي تواتر حاليا عن شبكة لحزب الله في الجولان ومعسكرات إيرانية فيها، "هي مجرد تهيئة للرأي العام حول الاعتراف بإسرائيلية الجولان".
وأشار الرنتاوي إلى أن ما جرى مؤخرا، هو أمر مقلق للعالم العربي، خاصة فيما يخص الأمر بالضفة الغربية مستقبلا وما يمكن أن تقوم الولايات المتحدة بشأنها، وأن كل الذرائع التي تذرع بها ترامب يمكن أن يراها العرب حول الضفة الغربية قريبا.
وزير الخارجية الأسبق، الدكتور كامل أبو جابر، قال إنه منذ مطلع القرن العشرين، والقانون الدولي تضعه الدول العظمى، وهي التي كانت الدول الاستعمارية القديمة وما تزال، حيث لها الحق في فعل ما تشاء.
وبين أبوجابر، ان انتهاك القانون الدولي، لم يبدأ بترامب، ولن ينتهي بانتهاء ولايته الرئاسية، مشيرا إلى أن الأخير مثله مثل بفلور وسايكس وبيكو، الذين تجاهلوا الأعراف والقوانين الدولية والعلاقات بين الدول.
وأشار أن الدول العربية، بسبب ضعفها وتسليمها الأمور للغرب، وعدم وجود ثقل سياسي وعسكري واقتصادي لها، نفذت حملة تعرية لنفسها بشكل غير مباشر.
وأوضح أبو جابر، أن الدول التي تقرر ما يجري في المنطقة العربية، هي 4 فقط، وهي تركيا وإيران وإسرائيل وإثيوبيا، ولذلك فإن الدول العربية لا تملك حولا ولا قوة.
واعتبر أن قيام الرئيس الاميركي خلال أشهر، بتقديم القدس والجولان لإسرائيل، وسط سكون عربي غريب، يدل على أنه باستطاعته منح أي أرض ودولة عربية لإسرائيل، لأنه لن يواجه أي موقف عربي معارض بشكل جدي.
وأكد أن البيانات التي تطلقها الحكومات العربية، هي احتجاجات خجولة، لا تسمن ولا تغني من جوع، في وجه التعنت الإسرائيلي والهيمنة الأميركية على العالم، مشيرا إلى أن قضيتي الجولان والقدس، هي مقدمات لصفقة القرن الكبرى، التي تعمل عليها إدارتا واشنطن وتل أبيب.
وشدد على أن ترامب لم يجرؤ حاليا على تقديم الضفة الغربية لإسرائيل، لعلمه أن هناك شعبا فلسطينيا يقاوم هناك ولن يسكت على أي تصرف جديد فيما يخص الضفة.