تركيا تناضل من أجل الحفاظ على السلام في عفرين

جنود أتراك في بلدة عفرين السورية الشمالية-(أرشيفية)
جنود أتراك في بلدة عفرين السورية الشمالية-(أرشيفية)

تقرير خاص - (الإيكونوميست) 19/7/2018

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

عفرين- المشهد في وسط عفرين؛ المدينة الكردية في شمال غرب سورية، لا يبعث على الثقة في المستقبل. ثمة تمثال مدمر لبطل كردي أسطوري يشكل تذكيراً بالنهب الذي تعرضت له المدينة بعد استيلاء الثوار العرب والتركمان المدعومين بالدبابات التركية عليها في وقت سابق من هذا العام من الثوار الأكراد. ويبيع الابن المراهق لأحد الثوار العرب السجائر، وقد استقرت بندقية على ركبتيه. ويوجه ثائر آخر حركة المرور. وتقول تركيا إنها أنقذت عفرين من الإرهابيين وتتفاخر بفتح المدارس والمستشفيات هناك. لكن السكان لا يشعرون بالامتنان بالضبط. ويقول أحد التجار الأكراد في المدينة: "الجنود الأتراك يتصرفون بلباقة، لكن الملتحين مشكلة كبيرة"، في إشارة إلى المتشددين الإسلاميين. ويضيف: "لقد سرقوا الكثير".اضافة اعلان
فر أكثر من 100.000 مدني، وعشرات من المقاتلين الأكراد المعروفين بوحدات حماية الشعب، من عفرين عندما اجتاحها الجيش التركي ووكلاؤه. وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي خاض تمرداً ضدها على مدى ثلاثة عقود. ويصر الأتراك على أنها ليست لديهم خطط لضم عفرين، ويتعهدون بالانسحاب منها بمجرد انتهاء الحرب في سورية.
لكن التغييرات التي أحدثها التوغل قد يكون من الصعب نقضها. وقد اقترح الوزراء الأتراك أن تصبح عفرين نقطة جذب لبعض اللاجئين الأكراد السوريين البالغ عددهم 400.000 في بلدهم. ومع ذلك، فإن العرب هم الذين يتدفقون على المنطقة في المعظم. (لم تساعد "وحدات حماية الشعب"، التي يقال إنها تمنع الأكراد النازحين من العودة إلى بيوتهم). وخلال جولة في المدينة نظمتها السلطات التركية، التقى هذا المراسل بلاجئين من منطقة الغوطة، الضاحية الدمشقية التي قصفتها الطائرات الحربية السورية والروسية حتى حولتها إلى أنقاض. وكانت موجة من البؤس الإنساني تعقب أخرى في المدينة.
لا ينوي رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، عكس اتجاه المد. وقد هدد بتوسيع الحرب ضد وحدات حماية الشعب الكردية إلى أجزاء أخرى من سورية. ويضعه هذا الموقف في مسار تصادمي مع أميركا، التي تعاونت مع الأكراد ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وما تزال تعتبرهم تأميناً ضرورياً ضد عودة ظهور "داعش". (وهي تنفي ارتباطهم بحزب العمال الكردستاني). لكن السيد أردوغان غير مقتنع بذلك. وقال في وقت سابق من هذا العام: "لقد أخبرنا جميع حلفائنا وأصدقائنا بعدم الوقوف بيننا وبين الإرهابيين". وليست احتمالات التصعيد بعيدة. وقد اشتبك المتمردون المتحالفون مع تركيا مع القوات الأميركية في شرق سورية.
لكن حدة التوترات بين الحليفين انخفضت مؤخراً. وتحت الضغط التركي، أقنع الأميركيون وحدات حماية الشعب بالانسحاب من منبج، التي كان الأكراد قد استولوا عليها من "داعش" قبل عامين. كما اتفقت تركيا وأميركا أيضاً على تنسيق الدوريات. لكن تركيا تقول الآن إنه ما لم تقم قوات حماية الشعب الكردية في شرق منطقة منبج بنزع سلاحها، فستكون مجرد مسألة وقت فقط قبل أن تقوم تركيا بمهاجمة المجموعة. ويقول أحد الدبلوماسيين الأتراك: "الخطة هي أن تذهب وحدات حماية الشعب من دون قتال، ولكن إذا كانوا يريدون ذلك، فسوف نعطيهم واحداً".
لكن تركيا ربما تكون قد قضمت أكثر مما تستطيع أن تمضغه. فالأمن في عفرين يزداد سوءا. وقد أسفر تفجير مزدوج في حزيران (يونيو) عن مقتل تسعة أشخاص. وتستمر التقارير عن الاقتتال والنهب في البلدة في الظهور. ويقول أحد السكان المحليين إن الناس في عفرين عانوا تحت حكم وحدات حماية الشعب، لكن الثوار الذين جاؤوا بعدهم أكثر سوءاً. وأضاف: "يجب على الأتراك أن يجعلوا هذه الوحوش تعود إلى بلدانها".

*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Turkey in Syria: Turkey struggles to keep the peace in Afrin