ترك وادي الأردن للمجهول!

لا يمكن بحال من الأحوال أن يتحمل مزارعو وادي الأردن وحدهم خسارة الموسم الزراعي 2012 /2013، والتي تقارب 240 مليون دولار، استنزفت كل قدراتهم المالية. فانسداد الأسواق المجاورة، لاسيما سورية والعراق، وأزمة التسويق بكل تفاصيلها، ليسا مسؤولية منفردة.اضافة اعلان
وتعثر المزارعين ينطوي على أخطار بالغة الأثر. فعدا عن المطالبات من طرف الشركات، هناك القروض؛ كما في قوائم المديونية لمؤسسة الإقراض الزراعي، والتي تشير إلى سداد 30 % فقط من إجمالي القروض، في مقابل نحو 70 % لا يعلم أحد كيف سيتم سدادها أو الترتيب لجدولتها.
ومن ثم، فإن القطاع الزراعي الأردني يواجه ما يمكن تسميته بالانهيار، لا التراجع، في وادي الأردن؛ وهي المنطقة التي تضم منشآت ضخمة، أنفقت فيها مليارات الدنانير من أجل جذب المزارعين وتطوير الزراعة فيها، وفق شروط محدودة على صعيد البنية التحتية، وضمن درجات حرارة عالية. وقد رضي بموجبها آلاف المزارعين بالبقاء في أراضيهم ووحداتهم الزراعية للعمل الذي فقدوه اليوم أو كادوا، بسبب الأزمة المتدحرجة التي يمرون بها.
بالمناسبة، يتحدث المزارعون أيضا عن مستقبل مرعب للأمن الغذائي الأردني، ومن ورائه أمن اجتماعي وآخر اقتصادي يتعرضان لضربات حقيقية. وكل هذا يستوجب وقفة حكومية ومجتمعية لتصويب المسار، بحثا عن تكيف مفقود. لكن الأدوات التي تعاملت بها الحكومة حتى اللحظة مع هذه الأزمة، تبدو عاجزة.
صحيح أن بعض ردود الفعل من طرف المزارعين، لاسيما الإغلاق الجزئي لطريق حيوية، تعد انتهاكا للقانون. لكن التعاطي الأمني المفرط مع هذه الفئة الاقتصادية المهمة، يعني ضمنا أن لا حلول لدى الحكومة، وبما يشير إلى أنها تخلت عن وادي الأردن، وتركته عرضة للتمزيق والخسارة والفوضى.
الأزمة المفتوحة اليوم تروي فصلا من فصول الخسارة المالية، يتعلق بموسم مضى. ومن المتوقع أن يكون الموسم الحالي 2013 /2014 أكبر على صعيد الخسارة. وإذا استمرت الأمور على منوالها الحالي -مزارعون يعتصمون وحكومة تدير الظهر- فإن الأشهر المقبلة ستحمل لنا نذر أزمة عميقة في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي.
لا يكفي ما تقوم به الحكومة من حديث عام عن فتح أسواق خارجية. كما يجب أن لا تصمت مؤسسات الرقابة عن الغبن الذي يتعرض له المزارع الأردني في الأغوار. فصندوق البندورة (8 كيلوغرامات) يباع من طرف المزارع بثلاثين قرشا، وينتهي إلى المستهلك بتضاعف السعر عشر مرات على الأقل، ليحصد الوسطاء والتجار الأرباح، بعد أن يدفع المزارع والمستهلك ثمن هذا الخلل والتشوه في معادلة بيع وتسويق الخضار والفواكه في البلاد.
محزن بالنسبة للمزارعين أن يرموا بمنتجاتهم إلى الشوارع، ومحزن أيضا بالنسبة لنا جميعا أن يضرب المزارعون في الشارع. والرجاء أن لا ينتهي المطاف بهذه الأزمة إلى الشارع وحسب.