آخر الأخبارالسلايدر الرئيسيالغد الاردني

تزويج القصر: إشكالية في قياس تحقق المتطلبات

بحث ميداني أجرته "إنقاذ الطفل" لعينة "إرشادية" من المستجيبات والأهالي

هديل غبون– أوصى بحث ميداني أجرته مؤسسة إنقاذ الطفل، بمراجعة عدة نصوص في تعليمات “منح الإذان بالزواج، لمن هم دون الـ18 عاما لسنة 2017″، بخاصة للفتيات، ووضع مزيد من الضوابط على آليات التحقق من معايير “مصلحة الزواج وكفاءة الخاطب”، ومراجعة نموذج الإقرار لموافقة الفتاة الذي لا يتضمن أي إجراءات للتحقق من هذه المصلحة، سوى إقرار الفتاة ذاتها.

وقدم البحث، توصيات في ضوء نتائج استطلاعين منفصلين لعينة وصفت بـ”الارشادية”، شملت مقابلة 75 مستجيبة، تزوجن وهن في سن تراوحت بين الـ14 والـ17 عاما، وإجراء 56 مقابلة مع أولياء أمور مستجيبات.

البحث خلص إلى أن هناك “إشكالية وغموضا” في قياس التحقق من 4 معايير في هذه التعليمات، لمنح أذونات الزواج من بين 11 معيارا هي: التحقق من متطلبات كفاءة الخاطب وعدم التأثير على استكمال التعليم وتحقيق “ضرورة المصلحة”، بالإضافة لعدم حضور دورات التوعية قبل الزواج، والتي أوجبتها التعليمات، ولم يعتبرها البحث مقياسا حاسما بسبب إغلاقات جائحة كورونا خلال مدة البحث.

وأظهر البحث بالمقابل، بأن 6 معايير أخرى، أظهرت امتثالا عاليا في التطبيق، وهي: الموافقة والإرادة الحرة والحالة الزوجية للخاطب وموافقة الوصي القانوني، والمساواة في المهر، ومتطلبات الفحص الطبي.

كما أظهر أن غالبية حالات زواج “القاصرات” في طلبات الاستثناء، تجري الموافقة عليها من مجموع ما جرى تحويله إلى مكاتب الإصلاح الأسري، وأن هناك مئات الطلبات يوافق عليها مباشرة دون تحويل.

وأجري هذا البحث في العام 2021، وحصلت “الغد” على نسخة منه، لكن نتائجه نشرت مؤخرا واستهدف شريحتين في استطلاعين منفصلين: الأولى: فتيات قاصرات تزوجن بين 2018 و2021، عبر منهجية الأسئلة المفتوحة والمغلقة، وإجراء تحليل كمي ونوعي، أعد أدوات مسحه مركز نماء للاستشارات الإستراتيجية، عقب صدور التعليمات المعدلة في 2017.

ونوهت “إنقاذ الطفل” في عرض نتائج البحث، إلى أنها تشتمل على “عينة إرشادية وليست نموذجية” لفهم التصورات المتعلقة بزواج “الأطفال”، معتبرة أن العينة خضعت لبرامج المؤسسة مع المؤسسات المجتمعية الشريكة.

وبشأن عينة الإناث المستجيبات، فتوزعت بحسب الجنسية على: 20 % لفتيات أردنيات مقابل 78.7 % لفتيات سوريات، و6.7 % لفتيات فلسطينيات، تراوحت أعمارهن عند الزواج بين 14 عاما (حالتان) و17 عاما، لكن الأغلبية تتركز في عمري 15 و17 عاما، وأفادت 72 % منهن بأن عمر الزوج عند الزواج كان يتراوح بين 20 و24 عاما، مقابل 21.4 % كانوا بين 25 و33 عاما، بينما 57 % من الأزواج الذكور، لا تربطهم صلة قرابة بالفتيات، مقابل 43 % تربطهم صلة قرابة.

وأفادت 53 % من المستجيبات بسلبية الزواج تحت سن الـ18، ولم تنصح 60 % منهن بالزواج المبكّر، برغم تأكيد
93 % منهن على موافقتهن المسبقة على الزواج، فيما أفاد 56 % من عينة الأهالي بسلبية الزواج تحت سن الـ18 عاما، ولم تستطع أكثر من 50 % من المستجيبات و38 % من عينة الأهالي، ذكر أي تأثير إيجابي للزواج المبكر.

وعاين البحث، تحقق متطلبات منح الأذونات في الزواج لمن هم دون الـ18 عاما، استنادا على التعليمات الصادرة في 2017، بموجب الفقرة (ب) من المادة (10) من قانون الأحوال الشخصية، والتي أجازت للقاضي بمنح الإذن بالزواج لمن أكمل الـ15 عاما شمسية، ولم يكمل الـ18 عاما شمسية، إذا كان في زواجه “ضرورة تقتضيها المصلحة”، ووفقا للتعليمات المعمول بها والشروط الواجب مراعاتها لمنح حجة الإذن بالزواج، والمشتملة على 8 معايير، هي: إثبات كفاءة الخاطب وحرية الاختيار وتحقق المصلحة والمنفعة أو درء مفسدة، وألا يتجاوز الفارق بين الطرفين 15 عاما، وألا يكون الخاطب متزوجا، وألا يكون الزواج سببا في الانقطاع عن التعليم المدرسي، وإثبات مقدرة الخاطب على الإنفاق ودفع المهر وتهيئة بيت الزوجية، وتقديم الفحص الطبي المعتمد، واجتياز دورة المقبلين على الزواج للطرفين.

وفي إطار معاينة آليات التحقق من المعايير الأربعة الأساسية أو المتطلبات لمنح إذن الزواج في هذه الحالات، أظهر البحث في معيار تحقق كفاءة الزوج (ماديا ودينيا) بحسب نص المادة (21) من قانون الأحوال الشخصية، أن 77 % من المستجيبات، أفدن بأن القاضي تأكد من كفاءة الزوج الدينية عبر سؤاله عن الصلاة والصيام، وسؤال الأهل والأقارب، بينما قال 45 % منهم أن القاضي لم يتأكد من أن الزوج متدين.

وبشأن الكفاءة المادية المرتبطة بنفقات المعيشة ودفع المهر وتأمين مسكن الزوجية، أظهر البحث بأن غالبية إجراءات التحقق من القدرة المالية، تتم بسؤال الأقارب والشهود بحسب 26 % من إفادات المستجيبات، أو السؤال المباشر للزوج بحسب 21 % من الإفادات، أو القسم وفق 7 % منها مقابل 23 % أفدن بأنه لم يُطلب إثبات ذلك.

وحول ما تطلبه المحكمة من اثباتات، لتحقيق “الضرورة العلنية” بالحصول على إذن الزواج بحسب فئتي الاستطلاع، أفاد البحث بوجود “غموض” في فهم المستجيبين لما هو مطلوب أو لما جرى تقديمه للتحقق من ذلك، كدليل معلن على ضرورة الزواج، إذ أفادت 41.7 % من المستجيبات بعدم علمهن بما طلب من وثائق، مقابل 20.8 % أفدن بطلب المحكمة الهوية الشخصية أو بطاقة مفوضية شؤون اللاجئين أو جواز السفر، وأن 41 % من المستجيبات أشرن إلى عدم وجود اعتراض من القاضي.

وبشأن الأهالي، أفاد 68 % إلى طلب وثيقة منهم، مثل الهوية أو بطاقة مفوضية اللاجئين أو جواز السفر لإثبات الزواج، مقابل 9.1 %، أفادوا بعدم علمهم بالمطلوب، و9.1 % أفادوا بطلب أوراق الفتوى للموافقة.

ونوه البحث هنا، إلى أن السؤال حول طلب “وثائق لإثبات لوجوب الزواج” للأهالي، أظهر أن 40 % أفادوا بنعم مقابل 60 % أفادوا بـ”لا”، مع الاشارة إلى أن هناك عدم فهم عام “لطبيعة الوثائق المطلوبة، كدليل على “الضرورة المعلنة للزواج”.

وحول تحقق فارق السن بين الطرفين، أفادت 97 % من المستجيبات بتحقق معيار الفارق بأقل من 15 عاما، وقالت حالتان إن الفارق كان أكثر من 15 عاما عند عقد الزواج.

وفي معيار عدم وجود سبب للتوقف عن التعليم المدرسي بسبب الزواج، أفادت 92 % من المستجيبات بعدم مواصلتهن الالتحاق بالمدرسة بعد الزواج، و68 % أفدن بأنهن يذهبن بانتظام للمدرسة قبل الزواج، و84 % لم يسألن عن أي ضمانات لاستمرار التعلم المدرسي عند الحصول على إذن الزواج، بينما تم سؤال 8 % عن رغبتهن بإكمال التعليم المدرسي.

وبشأن موافقة الوصي القانوني، فأفادت 100 % منهن بأنه جرى التماسها ومنحها، و95 % من الأهالي أفادوا بأخذ موافقة الوصي القانوني.

وعن التحقق من دفع مهر مماثل لمهر الأخريات من معارفهن، أفادت 30 % بأن ذلك جرى التحقق به بتوجيه سؤال للأقارب والشهود كمصدر رئيسي للمعلومات، و25 % منهن أفدن بأنه جرى سؤال والد أو عم المستجيبة، ثم السؤال المباشر للفتاة عن حصولها على المهر بحسب 15 % من الإفادات.

وعن معيار حضور دورات قبل الزواج للزوجين وفق التعليمات، قال 88 % من أولياء الأمور إن الزوجين لم يحضرا الدورات، مع الإشارة إلى جائحة كورونا.

وبشأن بيت الزوجية الذي لا تحدد النصوص، إذا كان مستقلا أو مشتركا أو غير ذلك، فأشارت 49 % لإقامتهن في منزل أهل الزوج أو عائلتهن، مقابل 47 % أفدن باستئجار الزوج منزلا مستقلا.

وحول إثبات الضرورة والمصلحة في الزواج، أفادت 33 % بأنهن تزوجن بسبب العادات والتقاليد، مقابل 19 % بسبب القرابة، مقابل 15 % بسبب الرغبة الشخصية، بينما شكلت إجابات “لا أعرف ولا يوجد سبب” 15 % من إفادات الفتيات، وقالت 11 % منهن، إنهن تزوجن بالاجبار مقابل 11 % أيضا، قلن إنهن تزوجن بسبب الوضع الاقتصادي.

ومن جانب الأهالي، أفادت 54 % بتبريرهن الزواج أمام القاضي لأسباب العادات والتقاليد، مقابل 18 % استندن على الرغبة الشخصية للفتاة، بينما جاء العامل الاقتصادي بنسبة 5 % من إفادات الأهل.

واستند البحث على الإطار التشريعي والاحصائي المتعلق بزواج من هم دون سن الـ18، ليظهر أن “معدل” زيجات من هم دون السن القانوني في الأعوام 2010-2021، يشكل 13 % من الزيجات ككل في المملكة، وفق رصد البحث لتقارير دائرة قاضي القضاة في تلك السنوات.

ويشير البحث، إلى أن 95 % من طلبات الاستثناء، كان لزواج قاصرات فقط، وأن الغالبية العظمى من مجمل زيجات “الأطفال”، حصلن على موافقة في 2020، اذ جرت 7964 حالة زواج قاصرات بالمجمل، بعد إحالة 6739 منها لمكاتب التوفيق الأسري لنيل موافقات، وقد نالتها 6401 منها، مقابل رفض 338، بينما جرت زيجات 1225 من الحالات دون إحالتها لمكاتب التوفيق الأسري.

كما يشير المنحنى البياني لسجلات الزواج الرسمية لمن هم دون الـ18، وفقا للبحث في تلك السنوات لتسجيل انخفاض في عدد الزيجات بعد صدور التعليمات المعدلة في 2017 حتى العام 2019 الى 7519 زواجا، بعد تسجيل ارتفاعات كبيرة في 2011 – 2016 وصلت الى 11241 زواجا، لتعاود الارتفاع لـ8278 زواج في 2021.

إلى ذلك، عقدت “إنقاذ الطفل” جلسة خاصة لمجموعات مركزة ممثلة من: المجلس الوطني لشؤون الأسرة ودائرة قاضي القضاة واللجنة الوطنية لشؤون المرأة، ومؤسسات مجتمع مدني، لتحليل النتائج، وخرجت بتوصيات أهمها: المادة (9) من تعليمات زواج من هم دون الـ18، ليصبح تحويل طلبات الاستثناء جميعها إلى مكاتب الإصلاح الأسري إلزاميا لا اختياريا، وتعديل الفقرة (3) من المادة (4) في التعليمات، بتعريف كلمة “المصلحة” بضرورة الزواج ووضع ضوابط بما يضمن جعل الاستنثاء، هو الحد الأدنى في الموافقات، مع تقديم دراسة اجتماعية توضح أسباب الموافقة.

وفي محور الضرورة والمصلحة أيضا، أوصى البحث بتعديل إلزامية الفحص الطبي ليصبح شموليا، للصحة الجسدية والنفسية، مع الأخذ بالنضوج الاجتماعي في الاعتبار، ودعا البحث لشمول إجراءات التحويل إلى إدارة شؤون القاصرين في طلبات الاستثناء، سواء بالموافقة أو بالرفض لمزيد من التحقق والتدقيق فيها.

وفي محور كفاءة الخاطب، دعت توصيات الأطراف المشاركة بتحليل النتائج لمراجعة صيغة “نموذج” طلب الحصول على إذن الزواج، المنشور على موقع دائرة قاضي القضاة الالكتروني، ويتطلب تقديم إقرار من الطفلـة بكفاءة الخاطب ووجود مصلحة لها من الزواج، وهو أمر يجب أن تتحراه وتقرره المحكمة، لا أن تقر به الفتاة.

ومن بين التوصيات أيضا، وضع نظام الأتمتة التي تطوره دائرة قاضي القضاة ضمن تعليمات خاصة، لضمان اعتبار أتمتة الاجراءات الخاصة بزواج القاصرات إلزامية، للتأكد من كفاءة الخاطب على مستوى إدراج وثائق، مثل عدم المحكومية والكفاءة المالية والضمان الاجتماعي والملكيات، والفحص الطبي، وعدم الاكتفاء بشهادة الأقارب والشهود او المعلومات الشفهية.

وحثت على تعزيز مكاتب الاصلاح الأسري بمختصين نفسيين واطباء، بالإضافة لشرط الكفاءة النفسية وفق المادة (21) من قانون الأحوال الشخصية.

وفي موضوع التعليم، دعت للربط الالكتروني مع وزارة التربية والتعليم، لتحديد واقع التسرب من المدارس، وإيجاد آلية توفر خيارات تعليم مرنة، وفقا للوضع الاجتماعي والمسؤوليات المرتبتة على الفتيات المتزوجات.

وشددت على توعية الفتيات بأحقيتهن بوضع شروط في عقود الزواج، بما فيها استكمال التعليم المدرسي او السكن، او غير ذلك، إذ أفادت 90 % منهن بعدم علمهن بهذا الحق، وتضمين التعليمات لنص، يضمن “التعويض المادي” في حال ادى الزواج لإضرار بالفتاة، بناء على تقرير خبراء.

وجرت التوصية أيضا بتشـكيل لجـان متخصصـة لتغطيـة الجوانـب المختلفـة (الكفـاءة، الصحـة، التعليـم، غيرهـا) لمسـاندة القاضـي ومراجعـة الطلـب، والتحقـق المبدئـي مـن انطبـاق شـروط التعليمات ورفعها للقاضي المعني.

اقرأ أيضاً:

الربطة لـ”الغد”: 8037 حالة زواج “قصر” في 2021

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock